قوله:(ولهما أن الحلق إنما عرف قربة بناء على أفعال الحج، فلا يكون نسكًا قبلها. وفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه -رضي الله عنهم- ليعرف استحكام عزيمتهم على الانصراف).
قول أبي يوسف -رحمه الله- أن الحلق نسك في حق المحصر أيضًا أظهر، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- فعله وأمر بفعله؛ ففي قصة الحديبية أنه -صلى الله عليه وسلم- ((لما فرغ من قضية الكتاب قال: قوموا فانحروا، ثم احلقوا، قال: فو الله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم ... أحد، دخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يا نبي الله: أتحب ذلك؟ اخرج، ولا تكلم أحدًا منهم كلمةً حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك. قال: فخرج فلم يكلم أحدًا منهم، حتى فعل ذلك، نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضًا، حتى كاد بعضهم يقتل بعضًا غمًا ....)) الحديث، أخرجه البخاري وغيره. واستحكام عزيمتهم على الانصراف يعرف بفعل الانصراف. والرجوع لا يحتاج إلى علامة.