ج: هذا الكلام يعني أولا: هو خطير، الأمر الآخر هو أنه غير دقيق أبدا، ما يمكن هذا، ما يمكن أبدا، وعواقبه خطيرة أيضا، وله تبعات وذيول، وهو مبني على مقدمتين:
المقدمة الأولى، أو مبني على مقدمة: وهو أن المتأخرين وقفوا أو جمعوا من الطرق، ما لم يجمعه العالم مثلا إذا حكم، نحن الآن عندنا الكمبيوتر، وعندنا كذا، وعندنا كذا، وعندنا كذا، إذن العالم الأول لم يقف على ما وقفنا عليه، وهذا الكلام لا يصح، أول ما يبدأ به هذه الكلمة: ما عندنا شيء يا إخوان، حتى الطرق الموجودة الآن، لا توازي شيئا بالنسبة لما عند الأولين، حتى الواحد منهم، لا نقول هذا مجازفة، هذا أبو زرعة -رحمه الله، انتبهوا- يقول:"نظرت ... ". يعني: دققت. ليس يقول مثلا: قرأت، أو سمعت. "نظرت في مائة ألف حديث لعبد الله بن وهب". في مائة ألف حديث لمن؟
لعبد الله بن وهب، لراوٍ واحد فقط، ويأتونك يقولون لك: فلان مثلا له عشرة آلاف حديث، فلان سمع من فلان عشرين ألف حديث. يقول مثلا أحمد بن صالح المصري:"عندي عن محمد بن الحسن بن زبالة، خمسون ألف حديث، ما حدثت منها بشيء". لأنه يراه متروك الحديث، أو يراه يكذب.
خمسون ألف حديث! يعني: أنت الآن لو تتبعت كل ما هو موجود على وجه الأرض من طرق الحديث، ما تجمع لمحمد بن الحسن هذا، ولا جزءا يسيرا منه، ولا كذلك لعبد الله بن المبارك.
فالمقصود بهذا أن هذا الكلام غير... الأمر الآخر أننا لو كانت الطرق أمامنا، فإن القواعد التي يسير عليها الإمام المتقدم، أضبط وأدق وأحكم من القواعد التي أدت بك إلى مخالفته، في أي شيء؟