الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على آله وصحبه أجمعين.
قال -رحمه الله تعالى-:
النوع الثامن عشر:"معرفة المعلل من الحديث"، وهو فن خفي على كثير من علماء الحديث، حتى قال بعض حفاظهم: معرفتنا بهذا كهانة عند الجاهل، وإنما يهتدي إلى تحقيق هذا الفن، فالجهابذة النقاد منهم يميزون بين صحيح الحديث وسقيمه، ومعوجه ومستقيمه، كما يميز الصيرفي البصير في صناعته بين الجياد والزيوف، والدنانير والفلوس، فكما لا يتمارى هذا كذلك يقطع ذاك بما ذكرناه.
ومنهم من يظن، ومنهم من يقف بحسب مراتب علومهم وحفظهم واطلاعهم على طرق الحديث، وذوقهم حلاوة عبارة الرسول - صلى الله عليه وسلم - التي لا يشبهها غيرها من ألفاظ الناس، فمن الأحاديث المروية: ما عليه أنوار النبوة، ومنها ما وقع فيه تغيير لفظ أو زيادة باطلة أو مجازفة أو نحو ذلك، يدركها البصير من أهل هذه الصناعة، وقد يكون التعليل مستفادا من الإسناد، وبسط أمثلة ذلك يطول جدا، وإنما يظهر بالعمل.
نعم، هذا النوع الثامن عشر "المعلل من الحديث" لم يعرفه ابن كثير -رحمه الله تعالى- ولم يمثل له، تكلم فيه على قضيتين:
القضية الأولى -التي قرأها الأخ-: وهي متعلقة بـ... يعني صفة هذا النوع وكونه دقيقا، حتى قال بعض المحدثين -منقولا عن بعض المحدثين مثل: عبد الرحمن بن مهدي، ومثل أبي حاتم -رحمه الله تعالى- و... يقولون:"معرفتنا بهذا عند الجاهل نوع من الكهانة"؛ لأن السائل يأتيه فيقول له: هذا الحديث ... ما صحة هذا الإسناد؟ فيقول له المجيب: هذا الحديث خطأ.
أو قد يعرض عليه مجموعة من الأحاديث، فيقول: هذا الحديث خطأ، وهذا الحديث صواب، وهذا الحديث الصواب فيه كذا، وهذا الحديث دخل على هذا الحديث، فغيرهم يظن أن هذا مثلا ... حتى اعترض عليهم رحمهم الله تعالى.
يقول السخاوي -رحمه الله-: إن من لا يشارك أهل هذا العلم في قواعده ويمارس قد يستنكر عليهم تعليلهم بعض الأحاديث، وأما من يشارك يقول السخاوي معنى كلامه: فإنه لا يعترض وقد يشاركهم في تطبيق هذا العلم، ومثل لذلك -للمشاركين- هو يقصد الأئمة، ومثل لمن بعدهم بالإسماعيلي وبالبيهقي وبـ... يعني جماعة من الحفاظ الذين شاركوا أئمة النقد في شيء من هذا العلم.