[النوع الثامن والأربعون: معرفة من له أسماء متعددة]
النوع الثامن والأربعون: معرفة من له أسماء متعددة: فيظن بعض الناس أنهم أشخاص متعددة، أو يذكر ببعضها أو بكنيته، فيعتقد من لا خبرة له أنه غيره، وأكثر ما يقع ذلك من المدلسين، يُغْرِبون به على الناس، فيذكرون الرجل باسمٍ ليس هو مشهورا به، أو يكنونه ليوهموه على من لا يعرفه، وذلك كثير.
وقد صنف الحافظ عبد الغني بن سعيد المصري في ذلك كتابا، وصنف الناس كتب الكُنِى، وفيها إرشاد إلى إظهار تدليس المدلسين.....
ومن أمثلة ذلك: محمد بن السائب الكلبي، وهو ضعيف، لكنه عالم بالتفسير وبالأخبار، فمنهم ما يصرح باسمه هذا، ومنهم من يقول: حماد بن السائب، ومنهم من يُكَنِّيه بأبي النضر، ومنهم من يكنيه بأبي سعيد.
قال ابن الصلاح: وهو الذي يروي عنه عطية العوفي التفسير موهما أنه أبو سعيد الخدري، وكذلك سالم أبو عبد الله المدني المعروف بسبلان، الذي يروي عن أبي هريرة، ينسبونه بولائه إلى جهات متعددة، وهذا كثير جدا.
وللتدليس أقسام كثيرة كما تقدم، والله أعلم.
نعم، هذا الموضوع تقدم، ذكره ابن الصلاح -رحمه الله- حين ذكر التدليس الذي هو الإسقاط في الإسناد، ذكر تدليس الشيوخ، هذا هو، إلا أنه هذا أعم من تدليس الشيوخ؛ لأن تعدد أسماء الراوي إن كان بقصد فهو التدليس، وإن لم يكن بقصد فهذا ليس بتدليس؛ لأنه هكذا وقع.
مثل الزهري مثلا: تارةً يُسمى باسم، يعني: يأتي في الأسانيد عن الزهري، وتارة عن ابن شهاب، وتارة عن محمد بن مسلم، وإن كان نادرا.
ومثل الأعمش: تارة باسم الأعمش، وتارة حدثنا سليمان، وكثير في الرواة.
ومثل سالم سبلان هذا لم يقصد الرواة تدليسه، لم يقصد الرواة تدليسه، وإنما هو له ولاؤه إلى جهات متعددة، فيذُكر بها.
ولكن الذي كَثُر واهتم به العلماء هو التدليس، الذي هو تعدد أسماء الرواة بقصد، وهو الذي يسمونه تدليس الشيوخ.
وللخطيب البغدادي كتاب اسمه "مُوَضِّح أوهام الجمع والتفريق"، يعني: شخص واحد يرد بأسماء متعددة، فقد يترجم له البخاري، والبخاري معذور، له أعذار، أو ابن أبي حاتم يترجمون له في أماكن.
فيبين الخطيب أن هذا واحد تعدد اسمه، أو كذلك قد يحكم الإمام أحمد بأنه..، المهم أن هذا فن -يعني- لا يختص بالتدليس، وإن أتى بقصد فهو تدليس الشيوخ، وإن أتى بغير قصد فهو -يعني- يدخل تحت هذا النوع "معرفة من له أسماء متعددة"، ليس بقصد، وإنما هكذا ورد في الروايات.....