النوع السادس والثلاثون: معرفة مختلف الحديث: وقد صنَّف فيه الشافعي فصلا طويلا من كتابه "الأم" نحوا من مجلد، وكذلك ابن قتيبة له فيه مجلد مفيد، وفيه ما هو غث، وذلك بحسب ما عنده من العلم.
والتعارض بين الحديثين قد يكون بحيث لا يمكن الجمع بينهما بوجه، كالناسخ والمنسوخ، فيُصار إلى الناسخ، ويُتْرَك المنسوخ.
وقد يكون بحيث يمكن الجمع، ولكن لا يظهر لبعض المجتهدين، فيتوقف حتى يظهر له وجه الترجيح بنوع من أقسامه، أو يهجم فيفتي بواحد منهما، أو يفتي بهذا في وقت، وبهذا في وقت، كما يفعل أحمد في الروايات عن الصحابة.
وقد كان الإمام أبو بكر ابن خزيمة يقول: ليس ثَمَّ حديثان متعارضان من كل وجه، ومن وجد شيئا من ذلك فليأتني به لأؤلف له بينهما
نعم، هذا "مختلف الأحاديث" معناه: أن تَرِدَ أحاديث ظاهرها التعارض، وهذا فن جليل من أوائل من اشتغل به، من أوائل من ألف كتابا فيه هو الإمام الشافعي -رحمه الله- في كتابه "اختلاف الحديث"، وهو يوجد مطبوعا مع "الأم"، ويوجد أيضا، وحُقِّق.
وكما ذكر ابن كثير -رحمه الله- أن ابن قتيبة له كتاب اسمه "مختلف الحديث"، وأنه -ابن قتيبة- من المحبين للسنّة، ومن الأدباء الذين ساروا على مذهب أهل السنة والجماعة، ويسميه ابن تيمية -رحمه الله-، أو ينقل أنه يسمى: خطيب أهل السنة، أو متكلم أهل السنة، كما أن الجاحظ متكلم أي فرقة الجاحظ؟ المعتزلة.
انتصر ابن قتيبة -رحمه الله- بالدفاع عن السنّة، والدفاع عن عقيدة السلف.