إذن، "خفي المراسيل" هي التي يكون الإسناد ظاهرا صورته الاتصال، تبحث في وفاة هذا، وولادة هذا، وصورة الإسناد أنها متكاملة، ولكن الأئمة في جمع الطرق -ولهم في ذلك طرق كثيرة معروفة- يحكمون على أن هذا الإسناد منقطع، وأن فلانا لم يلقَ فلانا. ومثَّلَ لهم بما ذكره الإمام أحمد.
من هذا التعريف ندرك أن قوله -وهو يعم المنقطع والمعضل أيضا- هذا لا سيما كلمة المعضل، والمعضل يعني: مراده بهذا ليس مراده أن كل معضل فهو خفي، وإنما مراده أنه قد يكون من المراسيل الخفية ما هو معضل.
المعضل ما هو كما مر بنا؟ ما سقط منه كام؟ اثنان فأكثر، نعم. قد يكون الساقط اثنان، وهو من خفي المراسيل، فهذا مراده.
فمراده أنه قد يكون من خفي المراسيل ما هو معضل، فقد يكون ما هو منقطع، يعني: سقط منه واحد فقط.
[النوع التاسع والثلاثون: معرفة الصحابة رضي الله عنهم أجمعين]
تعريف الصحابي
النوع التاسع والثلاثون: معرفة الصحابة -رضي الله عنهم أجمعين-: والصحابي من رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث، لا من راوٍ، وإن لم تطل صحبته له، وإن لم يروِ عنه شيئا.
هذا قول جمهور العلماء خلفا وسلفا، وقد نص على أن مجرد الرؤية كافٍ في إطلاق الصحبة، وقد نص على أن مجرد الرؤية كاف في إطلاق صحبة البخاري وأبي زرعة، وغير واحد ممن صنف في أسماء الصحابة، كابن عبد البر، وابن منده، وأبي موسى المديني، وابن الأثير في كتابه "الغابة في معرفة الصحابة"، وهو أجمعها وأكثرها قواعد وأوسعها، أثابهم الله أجمعين.
قال ابن الصلاح: وقد شان ابن عبد البر في كتابه "الاستيعاب" ذكر ما شجر بين الصحابة مما تلقاه، ومن كتب الأخباريين وغيرهم.
وقال آخرون: لا بد في إطلاق الصحبة مع الرؤية أن يروي حديثا أو حديثين.
وعن سعيد بن المسيب: لا بد من أن يصحبه سنة أو سنتين، أو أن يغزو معه غزوة أو غزوتين.