وروى شعبة عاموس السبلاني، وأثنى عليه خيرا، قال: قلت لأنس بن مالك: هل بقي من أصحاب رسول - صلى الله عليه وسلم - أحد غيرك؟ قال: ناس من الأعراب راعوه، فأما من صحبه فلا.
رواه مسلم بحضره أبي زرعة.
وهذا إنما نفى فيه الصحبة الخاصة، ولا ينفي ما اصطلح عليه الجمهور من أن مجرد الرؤية كافٍ في إطلاق الصحبة لشرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجلالة قدره، وقدر من رآه من المسلمين، ولهذا جاء في بعض ألفاظ الحديث: ? تغزون فيقال: هل فيكم من رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فيقولون: نعم. فيفتح لكم ?.
حتى ذكر من رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحديث بتمامه، وقال بعضهم في معاوية وعمر بن عبد العزيز: ليوم شهده معاوية مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خير من عمر بن عبد العزيز وأهل بيته.
فرع:
والصحابة كلهم عدول عند أهل السنة والجماعة بما أثنى الله عليهم في كتابه العزيز، وبما نطقت به السنة النبوية في المدح لهم في جميع أخلاقهم وأفعالهم، وما بذلوا من الأموال والأرواح بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رغبة فيما عند الله من الثواب الجزيل، والجزاء الجميل، وأن ما شجر بينهم بعده -عليه الصلاة والسلام-، فمنه ما وقع عن غير قصد كيوم الجمل، ومنه ما كان عن اجتهاد كيوم صفين، والاجتهاد يخطئ ويصيب، ولكن صاحبه معذور وإن أخطأ، ومأجور أيضا، وأما المصيب فله أجران اثنان.
وكان علي -رضي الله تعالى عنه وأصحابه- أقرب للحق من معاوية -رضي الله تعالى وأصحابه- رضي الله عنهم أجمعين.
وقول المعتزلة: الصحابة عدول إلا من قاتل عليا. قول باطل مرذول ومردود، وقد ثبت في صحيح البخاري عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال عن ابن بنته الحسن بن علي -وكان معه على المنبر-: ? إن ابني هذا سيد، وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين ?.