[النوع الرابع والثلاثون: معرفة ناسخ الحديث ومنسوخه]
النوع الرابع والثلاثون: معرفة ناسخ الحديث ومنسوخه، وهذا الفن ليس من خصائص هذا الكتاب، بل هو بأصول الفقه أشبه، وقد صنف الناس في ذلك كتبا كثيرة مفيدة، من أجلها كتاب الحافظ الفقيه أبي بكر الحازمي -رحمه الله- وقد كان للشافعي -رحمه الله- في ذلك اليد الطولى، كما وصفه به الإمام أحمد بن حنبل، الإمام أحمد بن حنبل.
ثم الناسخ قد يعرف من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كقوله: ? كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ? ونحو ذلك، وقد يعرف ذلك بالتأريخ وعلم السيرة، وهو من أكبر العون على ذلك، كما سلكه الشافعي في حديث: ? أفطر الحاجم والمحجوم ? وذلك قبل الفتح في شأن جعفر بن أبي طالب، وقد قتل بمؤتة قبل الفتح بأشهر، وقول ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- احتجم وهو صائم ومحرم، وإنما أسلم ابن عباس مع أبيه في الفتح.
فأما قول الصحابي: هذا ناسخ لهذا، فلم يقبله كثير من الأصوليين؛ لأنه يرجع إلى نوع من الاجتهاد، وقد يخطئ فيه، وقبلوا قوله: هذا كان قبل هذا؛ لأنه ناقل، وهو ثقة مقبول الرواية.
نعم. هذا النوع معرفة ناسخ الحديث ومنسوخه قبل أن يبدأ به ابن كثير نبه إلى أنه ليس من علم الحديث، يعني ليس من علم نقد الحديث، يريد هذا، وإنما هو أشبه بأصول الفقه، وهو كما ذكره، ولكن المحدثين تعرضوا له؛ لأنه كما نعرف: المحدثون، هم أيضا.. هم أيضا فقهاء، كبار المحدثين هم أئمة في الفقه أيضا، كأحمد والبخاري وأبي داود.