ثم تكلم على من ألف في هذا، ومن اشتهر به الحازمي كتابه اسمه "الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار" مطبوع، والإمام الشافعي -رحمه الله- له عناية بهذا في كتابه "اختلاف الحديث" يعتني بهذا، ثم تكلم ابن كثير -رحمه الله- على كيف يعرف الناسخ من المنسوخ، وذكر طريقتين لمعرفة الناسخ: إحداهما أن ينص الرسول - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، فيقول: مثل حديث: ? كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزروها ? ومثل حديث النهى عن ادخار لحوم الأضاحي بعد ثلاث، ثم الإذن بذلك منه - صلى الله عليه وسلم - وقد يعرف ذلك بالتاريخ، وهذا هو الأكثر، أكثر ما الأئمة يلجئون إلى معرفة التاريخ.
ومثّل ابن كثير بمثال الذي هو سمعتموه وهو حديث: ? أفطر الحاجم والمحجوم ? ولكن ينبغي أن نشير إلى أمر مهم، وهو أن الحكم بالنسخ أمر نقلي أو اجتهادي في غالبه، النقل هو التقدم، تقدم هذا على هذا، يعني قد يعرف بأن هذا قتل مبكرا أو يعني أن هذا وقع في مكة، وأن هذا في المدينة، أو أن إسلام فلان قبل فلان، وإلى هذا، ولكن النظر بين الحدثيين، والحكم بأن هذا ناسخ وهذا منسوخ، إنما هو أمر اجتهادي؛ ولهذا ما ذهب إليه الشافعي هنا في حديث: ? أفطر الحاجم والمحجوم ? يخالفه جماعة، منهم الإمام أحمد، حيث يقدمون حديث: ? أفطر الحاجم والمحجوم ? ولا يرون حديث ابن عباس ناسخا له. هذا يعني النسخ.
وسيأتي الكلام في النسخ -أيضا- في نوع قادم، وهو معرفة مختلف الحديث. نعم.