وسببه -كما ذكر ابن كثير -رحمه الله- أنه بسبب الأخذ من الصُّحُف، ولكن أنبه لأمر مهم: وهو أن ابن كثير شَنَّ الغارة على من يقع منه التصحيف، ومراده بذلك الذين يكثر منهم التصحيف.
وأما التصحيف نفسه فقد وقع لأئمة كبار، ومن يطالع كتب "العلل" وغيرها يلاحظ أن بعض الأئمة ينبه على تصحيف شيوخه؛ إما في الإسناد، وإما في المتن، حتى يقع التصحيف في الإسناد أيضا، يصحِّف اسمَ راوٍ، وهذا موجود.
وذكر الإمام أحمد في كتاب "العلل" بعض التصحيفات التي وقعت لشيخه وكيع، وكذلك أيضا يقع لكبار الحفاظ، وهذا أمر -يعني- ما دام على النادر فهو أمر مستساغ، وإنما ابن كثير -رحمه الله- هذه الأمور التي ذكرها في أشياء واضحة، وفي -يعني- ممن يكثر منهم ذلك، ولكن في المطبوع الآن عندنا "كناز في غلس"، الذي أعرفه أنا هو أنها "كنارٍ في غلس"، يعني: أنها لوضوحها و..، المهم يبدو لي أنها كذا، وقد تكون كما، نعم.. كنار في غلس، نعم، هي "كنارٍ في غلس".
وكذلك دافع ابن كثير عن عثمان بن أبي شيبة -رحمه الله-، هو حافظ مشهور، له مسند، أخو ابن أبي شيبة صاحب "المصنف"، فذاك أبو بكر، وهذا عثمان، ويقول: إن ما نقلوه عنه من تصحيف في القرآن أو السنة إنه بعيد، والله أعلم. وهو كما ذكره.
ومن يريد أن يطالع بعض الأخبار في التصحيف فهناك كتب منها:"إصلاح خطأ المحدثين" للخطابي، ومنها للدارقطني، ومنها ومن أجمعها كتاب العسكري "تصحيفات المحدثين"، وله أيضا كتاب اسمه "التصحيف والتحرير" جمع فيه أمثلة كثيرة، "التصحيف والتحرير" هذا ليس خاصا بالمحدثين، بل مَنْ صحَّفَ بالشعر، أو في النَظْم، أو في الخُطَب، أو في غير ذلك.
وذكر ابن كثير -أيضا- كلاما عن منزلة شيخه المِزّي، وأثنى عليه، وهو دائما يثني عليه دائما، وكما ذكر يقول: لا نعرف على وجه الأرض مثله.
ولا إشكال في ذلك؛ فهو في وقته ليس على وجه الأرض مثله -فيما يظهر- في فن الحديث، وبه تخرج الذهبي، وابن كثير، وابن تيمية، وجماعة كثيرون تخرجوا بالمزي -رحمه الله تعالى-. نعم.