أما لو رواه بصيغة صريحة في الاتصال فهذا ماذا يسمى؟ كذب، وهذا لا يفعله الرواة الثقات، قد يفعله بعض الكذابين، هذا كذب، لو رواه بصيغة صريحة في الانقطاع هل هو تدليس أو ليس بتدليس؟ لو رواه بصيغة صريحة في الانقطاع، لو قال: بلغني عن فلان أو نُبئت عن فلان، هذا ليس بتدليس؛ لأنه صرح بالانقطاع، متى يكون تدليسا إذن؟ إذا رواه بصيغة محتملة للسماع، مثل: قال وذكر أو عن، فهذه صيغ محتملة للسماع وعدمه، فهذا أن يروي الراوي عمن لقيه ما لم يسمعه منه أو عمن عاصره ولم يلقه موهما أنه سمعه منه.
إذن هذا القسم -الذي هو الإسقاط من مبدأ الإسناد- على صورتين:
الصورة الأولى أن يروي عن شيخه ما لم يسمعه منه، ومثل له ابن كثير أو تبعا لابن الصلاح بتدليس ابن عيينة، أحيانا ربما يدلس عن الزهري، الزهري من كبار شيوخ من؟ سفيان بن عيينة، ولكنه في بعض الأحاديث لم يسمعها منه، سمعها من شخص آخر فماذا يفعل سفيان بن عيينة؟ يرويها عن الزهري مباشرة.
يفعل هذا أحيانا، ويفعله هشيم في بعض شيوخه، ويفعله الأعمش، ومع مجاهد، ومع غيره، ومع إبراهيم النخعي، يفعلونه -يعني- له شيخ معروف بالرواية عنه، ولكن في أحاديث لم يسمعها منه، فيرويها عنه مباشرة بصيغة محتملة للسماع، فهذا يسمونه تدليسا.
الصورة الثانية: يروي عن شخص لم يسمع منه أصلا، وإنما هو وإياه في عصر واحد، وممن يفعل هذا كثيرا يفعله كثيرا سعيد بن أبي عروبة، ويفعله قتادة، ويفعله الحسن البصري، ويفعله جماعة من الرواة، يروون عمن عاصرهم بصيغة محتملة، لِمَ يسمى هذا تدليسا؟ الأول واضح أنه تدليس، لماذا يسمى هذا تدليسا؟ لأنه يوهم أنه قد سمع منه وهو لم يسمع منه، فهذا يسمونه تدليسا.