وهي تنبئك عن جلالة هذا الكتاب وعن جلالة مؤلفه -رحمه الله تعالى-، وهو الذي يقول فيه البخاري: ما استصغرت نفسي عند أحد، أو بين يدي أحد إلا عند علي بن المديني -رحمه الله-؛ إمام جليل في... وبالذات في علم علل الحديث واختلاف الأسانيد، له شيء عظيم.
والقطعة هذه صغيرة لكنها -يعني- دليل على جلالة هذا الإمام وجلالة كتابه، وهو كبير كتابه حسب ما وصفه علي، والظاهرأنه قد ذهب هذا الكتاب في وقت علي بن المديني، الظاهر والله أعلم يعني؛ لأنه أَذْكر عنه نصا أنه يقول: ألّفت المسند المعلل ثم وضعته -يعني مثل ما تقول- في مكان حفظ الكتب، فلما سافرت سفرة فلما جئت وإذا الأرض قد أكلت الأوراق، وعجزت عن تقريبه، ولم أنشط لكتابته مرة ثانية.
وفي عبارة ابن كثير الآن يقول: وسائر المحدثين بعده في هذا الشأن على الخصوص، يحتمل أن يكون مراده أن المؤلفين قد ألفوا، أو أن المحدثين قد ألفوا بعده كتبا كثيرة، ويحتمل أن يكون في العبارة شيء من السقط يعني: وسائر المحدثين بعده عيال عليه أو مستفيدون منه في هذا الشأن على الخصوص، ونحو هذه العبارة.
كذلك مثّل ابن كثير -رحمه الله- بكتاب "العلل" لابن أبي حاتم، وهو الأسئلة له والأجوبة لمن؟ الأجوبة لأبيه أبي حاتم، ولأبي زرعة أيضا، ويسألهما ابن أبي حاتم وهما يجيبان.
وهذا الكتاب -بحمد الله تعالى- وجد كاملا، وله نسخ مخطوطة كثيرة، ومن أحسن الكتب وأسهلها وأقربها تناولا وأخفها جمعا يعني: لا يطيل كثيرا كما سيأتي في كلام في صنيع الدارقطني، فهو -يعني- قريب من الطلاب وسهل، والاستفادة منه والتدرب من هذا الكتاب بالنسبة للطالب يعني: سهل التعامل معه نسبيا.
يعني بالنسبة لكتاب الدارقطني مثلا وقد حقق بعضه رسائل عليا في جامعة الإمام، والطلاب الآن سائرون في تحقيقه لم ينته الكتاب بعد.