وورد الإذن بالكتابة عن بعض الصحابة: علي كان له صحيفة في سيفه التي فيها العقل وفكاك الأسير، وكذلك أيضا عبد الله بن عمرو بن العاص، هناك صحيفة تسمى الصحيفة الصادقة، وكذلك أيضا بعض الصحابة، وكذلك استمر الصراع، أو مثل ما تقول: الاختلاف في الكتابة، حتى بعد عصر الصحابة في عصر التابعين، حتى من بعدهم كان بعض السلف ينهي عن الكتابة، ولهم في ذلك أسباب، منها: خشوا أن يضعف الحفظ، وأن يعتمد الناس على الكتابة، ويقولون لهم عبارات:
العلم ما حواه الصدر لا ما حواه القِمَطر.
ويقول أيضا: إن الكتابة تؤدي إلى أن ينتشر العلم عند من يستحقه، حتى نقل عن الأوزاعي أنه يقول: كان العلم في صدور الرجال، أي معنى قوله: مهيبا أو كذا فلما صار إلى الكتب أبتذل، أو نحو ذلك.
فاختلاف نهي هؤلاء عن الكتابة له أسباب عديدة لكن كما قال ابن كثير -رحمه الله-: ما زالت الكتابة تزحف، والإذن بها بكثير حتى استقر الإجماع على تجويز الكتابة، ولا سيما كما قاله بعض العلماء بعد أن تأخر الزمن عن رسول - صلى الله عليه وسلم - وطالت الأسانيد، وخشي من الغلط، فصارت الكتابة هي المتعينة كما تقدم قبل قليل أن بعض العلماء لا يحدث إلا من كتاب فضلا عن الإذن في الكتابة، لا بد من الكتابة لطول الأسانيد والخشية من الغلط.
يقول ابن كثير: إجماع العلماء في الأعصار المتأخرة على تسويغ كتابة الحديث، والنهي عن الكتابة أيا كان سببه انتهى، معنى زمنه: سواء كان في عصر الرسول أو في عصر الصحابة، أو في عصر من بعدهم.
نعم، الآن سيدخل في بعض القضايا المتعلقة بالكتابة، إرشادات أكثرها نمر عليها مرورا، ولكنها قد تفيد في عملنا نحن، وفي بحوثنا وفي كتابتنا نحن.