يعني الواحدة منها تمر اليوم، وأخرى قد تمر بعد فترة، فهذه الجزئيات من تجميعها يتكون لدى الباحث قواعد نقد السنة، وقد تحتاج إليها في حديث واحد، وتحتاج إلى هذه وتلك في حديث آخر، وهكذا.
فلا ينبغي إغفالها، وأقل الأحوال أن طالب العلم لا ينبغي أن يكون يعني أن يتفهم كلام الأئمة لو مرت بك، وقال فلان: حدثني فلان مذاكرة، يعني تفهم ماذا يريد من قوله: مذاكرة، لماذا نص على كونه مذاكرة، تفهم أنه يريد أنه لم يحرر هذا جيدا، أو لم يتقنه، ليس..؛ لأني أسمعه منه بحال الرواية وستحتاج إلى تهيؤ.
هنا قضية التي هي قضية التحديث عن اثنين، هذه موضوع مهم، وهو أنه إذا كان الحديث يرويه عن شيخه عن اثنين أو ثلاثة، فبعض العلماء يقول: ينبغي أن يذكرهما جميعا أن يذكر الاثنين جميعا، حتى... ولا سيما إن كان أحدهما ضعيفا، والآخر ثقة؛ لأنه يحتمل.
وهذا هو الحاصل، وهذا هو الدقة، يحتمل أن يكون لو حذف أحدهما، يحتمل أن يكون اللفظ لفظ من؟ لفظ المحذوف، هذه قضية دقيقة تسمى الحمل، حمل إحدى الروايتين على الأخرى. المهم يقولون: ينبغي أن يذكر الاثنين، ومسلم يفعله أحيانا في ابن لهيعة يقول -مثلا-: حدثنا عبد الله بن وهب عن عمرو بن الحارث وابن لهيعة.
والبخاري طريقته أن يحذف ابن لهيعة يذكر فقط ابن الحارث. النسائي يقول: عن عمرو بن الحارث وآخر بدل ما يقول: وابن لهيعة؛ لأنه عنده ضعيف ولا يريد أن يخرج له. مسلم -رحمه الله- يعني يقول ابن كثير: إنه يسقطه، ولكن -أيضا- مسلم أحيانا يذكره، فيظن بعض الباحثين أن مسلما يخرج لابن لهيعة، مسلم لا يخرج لابن لهيعة، وإنما هو مر عنده في الإسناد، فمن ورعه -رحمه الله- لم يسقطه، وإنما ساقه الإسناد كما ورد إليه، ويقولون: الأولى بالمحدث أن يذكر الإسنادين جميعا؛ لاحتمال أن يكون المذكور لفظ أحدهما الذي هو المسقط.