ثم ذكروا وصية: الاعتناء بالكتب المفيدة الصحاح، اختصر هذا ابن كثير، وقد شرح ابن الصلاح الكتب التي ... أو فصل في الكتب التي ينبغي أن يعتني بها طالب الحديث، ومن يريد أن يطلع على هذه الآداب والأخبار ويعني ... فله كتاب الخطيب "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع".
القراءة في هذا الكتاب يعني لا يمل منها طالب العلم، يخرج من خبر إلى خبر، وفيها طرافة، وفيها يعني كأنك تعيش الجو الذي كان يعيش فيه الرواة، وكأنك بين مجالس العلم ومجالس التحديث، ومثله كذلك كتاب آداب "الإملا والاستملاء" هذا للسمعاني، وكتاب ابن جماعة "تذكرة السامع والمتكلم"، وعمدتهم في هذا ترى على كتب الخطيب.
مر بنا أن الناس بعد الخطيب عيال على كتبه، كتابه هذا لم يترك شاردة ولا واردة إلا ذكرها بالنسبة لآداب الطلب، وهو كتاب قيم جدا في بابه، وفيه من طرائف المحدثين ومن يعني أخبارهم شيء كثير جدا، يروح الإنسان به عن نفسه، ويعني يطلع به على أحوال كثير.. أحوال كثير من أحوال المحدثين، ولا سيما مثل الإمام شعبة والأعمش وسفيان بن عيينة، وعلاقة الطلبة بهم، وعلاقتهم بالطلبة، ويعني هذه الأمور مما يذكر عن الأعمش أنه يعني هو ظريف -رحمه الله تعالى- وطلابه يعرفون..، وكذلك شعبة يعرفون منه هذا، فجاءه بعض الطلبة، واتفقوا على أنه لا يقدم لهم شيئا إلا استوعبوه، أكلا أو شربا، فأتى لهم، هو فقير -رحمه الله- فقير يعني.. وكذلك شعبة، وتجد في ترجمتيهما الثناء عليهما بالصبر والزهد والورع ...
لكن أحضر لهم طعاما فأكلوه، ثم أحضر لهم شرابا فشربوه، وهم ساكتون، فقام وأحضر لهم علف الشاة، وقال: لم يبق إلا هذا فكلوه.