فقال السيوطي -رحمه الله-: إن ما عمله ابن كثير -يعني كأنه يقول-: هو الأولى. أما تطلب علو الإسناد، ولا سيما نحن نعرف أنه في العصور المتأخرة طلبوا علو الإسناد بأساليب يعني بأساليب، مثلما نقول: بتسامح كبير، تسامح كبير، يتسامحون، همهم فقط هو علو الإسناد.
ويقول ابن كثير -رحمه الله-: إن تطلبه هذا كثير الجدوى بالنسبة للفنون الأخرى؛ ولهذا نحن نقول الآن -لما ذهب عصر الرواية، وصار الاعتماد على مجرد الإجازات-: إن تطلب هذا يعني الاعتناء به، وصرف الوقت فيه؛ لأني رأيت بعض الإخوان يريد.. يقول: أريد أن أسافر إلى الهند، أريد أن أسافر البلد الفلاني من أجل الحصول على إجازات. نحن نقول له: هذا اشتغال عما هو أهم منه، عن -مثلا- حفظ السنة، وعن الاشتغال -مثلا- نقد السنة، الاشتغال بالتفقه في السنة؛ فلهذا يعني كل شيء له زمنه، كل شيء له وقته.
الرحلة في تلك الأوقات في عصر الرواية، تختلف عنها في زماننا الآن، ينبغي للشخص أن يرحل لطلب العلم، يعني الأمر.. لطلب العلم الذي يستفيد منه، هذا الذي يعني يتعلق بالعالي والنازل.
بعضهم.. تكلم ابن كثير عن العلو الوصفي، يعني العلو المتعلق بالوصف لا بالعدد الذي هو صحة الإسناد، وهذا لا إشكال فيه، لا أحد ينازع فيه، وهو أنه إذا كان هناك إسنادان: واحد عال، لكن ضعيف، والآخر نازل، وهو صحيح، أيهما العلو الحقيقي؟ الصحيح بلا إشكال هذا هو العلو يعني المعتبر، ولكن من جهة العلو الذي يقصده المحدثون، أيهما العالي؟ الضعيف، ولا بأس بهذا، مثلا الإمام مسلم -رحمه الله- عرفنا أنه أخرج لرجال فيهم ضعف لمجرد العلو؛ لأن ما يروونه محفوظ من طريق الثقات، وأحب مسلم أن يعلو عن طريقهم، وهذا يفعله المحدثون كثيرا، أن يعلوا بأسانيد فيها ضعف؛ لأن الحديث الذي يروى بهذا الإسناد الذي فيه ضعف مضبوط من طرق أخرى نازلة، وهذا لا إشكال فيه.