فيذكرون في التابعين أناسا لمجرد أنهم رأوا، مثلا: أن يعدوا الأعمش في التابعين؛ لأنه رأى أنسا بن مالك، وهو رآه فقط رؤية، ولم يروِ عنه، ولم يسمعْ منه.
توجد أحاديث بروايته عن أنس، لكنها منقطعة، فهو لم يسمع منه.
مسألة التقسيم إلى طبقات: الحاكم -رحمه الله- تعرض لهذا، وذكر منهم أعلاهم من روى على العشرة، وذكر منهم سعيد بن المسيب، وهذا الكلام الحاكم لم يحكمه، كما تعقبه فيه، فيقول:"وعليه في هذا الكلام دَخَلٌ كثير". ما معنى "دخل كثير"؟ يعني: غلط، بالَغ -رحمه الله تعالى- يقول: هذا الشخص ممن روى عن العشرة.
العشرة من هم؟ الذين هم العشرة المبشرون بالجنة. لكن يقول مثلا: لم يصح له إلا عن فلان.
فإذن، لا فائدة، إذن تكون روايته عن الباقين منقطعة.
ثم تكلم ابن كثير -رحمه الله- عن المخضرمين، وعن أفضل التابعين منهم، والذين هم في هذه المباحث هو قضيتان:
القضية الأولى: أنها تفيدنا في معرفة الاتصال والانقطاع، وهذا هو الذي يحتاجه دارس السنة؛ معرفة المخضرمين، ومعرفة كبار التابعين.
وتفيدنا كذلك في درجات الإرسال؛ فإنه كلما كَبُر التابعي كان أقرب إلى صحة مرسله، أو إلى ضعف مرسله؟ إلى صحة مرسله.
وهذان الأمران يفيدان في نقد السنة.
ثم تكلم ابن كثير على أمر، وهو أنه ربما اختلف العلماء في عَدّ بعض التابعين من التابعين، أو من تابعي التابعين، وربما اختلفوا في عد التابعي هل هو صحابي؟ لمَ هذا الاختلاف؟ مرده إلى أي شيء هذا الاختلاف؟ إلى أمر اجتهادي، وهو أن أحيانا يقول التابعي: سمعت فلانا من الصحابة، فيراه الإمام تابعيا بهذا الإسناد، ويراه إمام آخر ليس بتابعي؛ لأنه لم يصح عنده قوله: سمعت فلانا، فيرى أن هذا خطأ، وأن فلانا إنما يروي عن فلان بواسطة شخص لم يُذْكَر في هذا الإسناد.