فابن الصلاح -رحمه الله- يقول: إن الأمة قد تلقت كتاب البخاري ومسلم بالقبول, سوى أحاديث يسيرة انتقدها بعض الحفاظ مثل: الدارقطني، وهناك غير الدارقطني مثل: الإسماعيلي, ومثل ابن عمار الشهيد.
يقال له: "الشهيد"؛ قتله القرامطة عند الكعبة -رضي الله عنه ورحمه-، له كتاب في: "علل صحيح مسلم"، أحاديث يسيرة انتقدها، بل هناك أحاديث في الصحيحين انتقدها البخاري ومسلم.
يعني: يبينون علل بعض الأحاديث حتى في كتابيهما، فهذه الأحاديث -وهناك أحاديث أيضا لا بد أن تنضم إلى هذا- أحاديث انتقدها بعض الحفاظ قبل البخاري ومسلم، مثل: أحمد, أو مع البخاري ومسلم مثل: أبي حاتم, أو النسائي.
فالمقصود: أن الأحاديث التي انتقدت ليس مراد ابن الصلاح أن الصواب مع المنتقد، لا يريد هذا هو، إنما يريد "انتقادا": يعني أنزلها عن أن تدخل في الأحاديث التي تلقتها الأمة بالقبول.
إذن ما عدا هذه الأحاديث, وكما يقول ابن تيمية: جمهور أحاديث الصحيحين -يقول جمهور أحاديث الصحيحين- تفيد التواتر.
وهذا الذي قاله -رحمه الله- له حظ, يعني: هو صحيح إلى درجة كبيرة, أن جمهور أحاديث الصحيحين, إذا استثنينا ما انتقد, أو ما فيه اختلاف على بعض -يعني إذا استثنينا بعض الأشياء-؛ فبقية أحاديث الصحيحين من المقطوع بصحته، ويفيد العلم اليقين.
وأي طالب علم -إن شاء الله تعالى- الذي يقرأ منكم في "صحيح البخاري", في "صحيح مسلم", يسوق الإمامان طرقا لبعض الأحاديث يعني إذا نظرت في الطرق، ونظرت في تراجم أصحابها, لا يكاد حديث يتوقف في صحة هذه الأحاديث.
إذا كان بعض العلماء يقول: عن مالك عن نافع عن ابن عمر، ماذا أخذنا من ذلك؟ يقول: إنما -هو- ترفع الستر فتنظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعني: كأنك بهذا الإسناد ليس بينك وبين رسول الله إلا ستر.