للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكانت كلمة (يستصرخه) في مبناها القوي الصياغة أوفى بالمراد إذ فيها الحروف القوية (الصاد، والخاء) جرسيّاً، وفي معناها إذ نتخيل رجلاً يسترعي الانتباه من صراخه بأن يجيء له موسى (- عليه السلام -) وهي المعبرة كلّ التعبير عن حال الرجل، لأن المعركة بين الإسرائيلي والقبطي لم تكن في علم موسى (- عليه السلام -) ((١)) .

ونحن كذلك نجد في سُوْرَة الْقَصَصِ أن قوله تعالى: {تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} ((٢)) وهي من الآيات البليغة التي عدّها قدامى المفسرين من الآيات المعجزة كلّ الإعجاز، يحمل في طياته تساءلاً.. لماذا استخدم الَقُرْآن الكَرِيم المصدر المزيد بأحرف الزيادة (استحياء) ، ولم يستخدم ألفاظ أخرى مثل (تمشي على حياء) ، أو (تمشي على خجل) أما استخدام (حياء) فإن المصدر المزيد أبلغ في دلالته من المصدر العادي، لأن زيادة المباني تدلّ على زيادة المعاني، على ما قاله اللغويون، فناسبت شدة الحياء أن يجاء لها بمصدر مزيد (استحياء) . أما الخجل فإنه أخص من الحياء الذي هو أعم، فالخجل يكون من أمر معين، أما الحياء فإنه خصلة في الذات، وهو إحدى شعب الإيمان، لذلك كان استخدام النكرة المصدرية المزيدة (استحياء) أبلغ من أي استخدام أخر. وإن استخدام صيغة (استفعل) تدلّ على الطلب فكأنها تريد أن تثير في مقابلها هذه الخصلة الشريفة ((٣)) .


(١) ينظر مفاتيح الغيب: ١٢/ ٢٣٦. الجَامِع لأِحْكَام القُرْآن: ٦/ ٩٨٠. البَحْر المُحِيْط: ٧/ ١١٠.
(٢) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٢٥.
(٣) ينظر مفاتيح الغيب: ١٢ /٢٤٠. البَحْر المُحِيْط: ٧ / ١١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>