للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونجد في قوله تعالى: {وَلَكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمْ الْعُمُرُ} ((١)) يحمل صيغة قرآنية ذات دلالة خاصة في عموميتها البلاغية وقد يسأل سائل: لماذا لم تجيء الصيغة بلفظة (أمماً) ، أو (طوائف) أو (شعوباً) ، أو (أناساً) بدل (قروناًُ) ؟

والجواب والله أعلم: إن دلالة (قروناً) في موضعها أبلغ مما لو قيل (أمماً) لأن الأمم هي المجموعات من الناس، والطوائف هي أناس بعينهم، والشعوب مجموعات غير متجانسة، والأناس، جمع ناس، وهم المجموعة ذات السمات المميزة، أما صيغة (قروناً) فتحمل كلّ تلك المعاني مجتمعة في لفظها، ولأن الَقُرْآن الكَرِيم يستخدم الألفاظ القصيرة التي تدلّ على المعاني العديدة، فاستخدم الَقُرْآن الكَرِيم لفظة (قروناً) بدل أية صيغة أخرى، وتلك خصيصة من خصائص النصّ القرأني، والآية تحمل معنى تقدم ذكر رَسُول الله (- صلى الله عليه وسلم -) . وتطاول العمر مشعر بتقادم ذكر رَسُول الله (- صلى الله عليه وسلم -) ((٢)) .


(١) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٤٥.
(٢) ينظر الجَامِع لأِحْكَام القُرْآن: ٦ /٥٧٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>