للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سَنَةَ ١١٤٦ مَا صُورَتُهُ مَا قَوْلُكُمْ - دَامَ فَضْلُكُمْ وَرَضِيَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَنَفَعَ الْمُسْلِمِينَ بِعُلُومِكُمْ - فِي سَبَبِ وُجُوبِ مُقَاتَلَةِ الرَّوَافِضِ وَجَوَازِ قَتْلِهِمْ هُوَ الْبَغْيُ عَلَى السُّلْطَانِ أَوْ الْكُفْرِ، إذَا قُلْتُمْ بِالثَّانِي فَمَا سَبَبُ كُفْرِهِمْ وَإِذَا أَثْبَتُّمْ سَبَبَ كُفْرِهِمْ فَهَلْ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُمْ وَإِسْلَامُهُمْ كَالْمُرْتَدِّ أَوْ لَا تُقْبَلُ كَسَابِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ لَا بُدَّ مِنْ قَتْلِهِمْ.

وَإِذَا قُلْتُمْ بِالثَّانِي فَهَلْ يُقْتَلُونَ حَدًّا أَوْ كُفْرًا وَهَلْ يَجُوزُ تَرْكُهُمْ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ بِإِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ أَوْ بِالْأَمَانِ الْمُؤَقَّتِ أَوْ بِالْأَمَانِ الْمُؤَبَّدِ أَمْ لَا وَهَلْ يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِهِمْ أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ أَثَابَكُمْ اللَّهُ تَعَالَى الْجَنَّةَ. الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ اعْلَمْ أَسْعَدَك اللَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْكَفَرَةَ وَالْبُغَاةَ الْفَجَرَةَ جَمَعُوا بَيْنَ أَصْنَافِ الْكُفْرِ وَالْبَغْيِ وَالْعِنَادِ وَأَنْوَاعِ الْفِسْقِ وَالزَّنْدَقَةِ وَالْإِلْحَادِ وَمَنْ تَوَقَّفَ فِي كُفْرِهِمْ وَإِلْحَادِهِمْ وَوُجُوبِ قِتَالِهِمْ وَجَوَازِ قَتْلِهِمْ فَهُوَ كَافِرٌ مِثْلُهُمْ وَسَبَبُ وُجُوبِ مُقَاتَلَتِهِمْ وَجَوَازِ قَتْلِهِمْ الْبَغْيُ وَالْكُفْرُ مَعًا أَمَّا الْبَغْيُ فَإِنَّهُمْ خَرَجُوا عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ خَلَّدَ اللَّهُ تَعَالَى مُلْكَهُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: ٩] وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ فَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ إذَا دَعَاهُمْ الْإِمَامُ إلَى قِتَالِ هَؤُلَاءِ الْبَاغِينَ الْمَلْعُونِينَ عَلَى لِسَانِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ أَنْ لَا يَتَأَخَّرُوا عَنْهُ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يُعِينُوهُ وَيُقَاتِلُوهُمْ مَعَهُ وَأَمَّا الْكُفْرُ فَمِنْ وُجُوهٍ مِنْهَا أَنَّهُمْ يَسْتَخِفُّونَ بِالدِّينِ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِالشَّرْعِ الْمُبِينِ وَمِنْهَا أَنَّهُمْ يُهِينُونَ الْعِلْمَ وَالْعُلَمَاءَ مَعَ أَنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: ٢٨] وَمِنْهَا أَنَّهُمْ يَسْتَحِلُّونَ الْمُحَرَّمَاتِ وَيَهْتِكُونَ الْحُرُمَاتِ وَمِنْهَا أَنَّهُمْ يُنْكِرُونَ خِلَافَةَ الشَّيْخَيْنِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُوقِعُوا فِي الدِّينِ الشَّيْنَ وَمِنْهَا أَنَّهُمْ يُطَوِّلُونَ أَلْسِنَتَهُمْ عَلَى عَائِشَةَ الصِّدِّيقَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - وَيَتَكَلَّمُونَ فِي حَقِّهَا مَا لَا يَلِيقُ بِشَأْنِهَا مَعَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَ عِدَّةَ آيَاتٍ فِي بَرَاءَتِهَا وَنَزَاهَتِهَا فَهُمْ كَافِرُونَ بِتَكْذِيبِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَسَابُّونَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضِمْنًا بِنِسْبَتِهِمْ إلَى أَهْلِ بَيْتِهِ هَذَا الْأَمْرَ الْعَظِيمَ وَمِنْهَا أَنَّهُمْ يَسُبُّونَ الشَّيْخَيْنِ سَوَّدَ اللَّهُ وُجُوهَهُمْ فِي الدَّارَيْنِ.

وَقَالَ السُّيُوطِيّ مِنْ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ مَنْ كَفَّرَ الصَّحَابَةَ أَوْ قَالَ إنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ كَفَرَ وَنَقَلُوا وَجْهَيْنِ عَنْ تَعْلِيقِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ فِيمَنْ سَبَّ الشَّيْخَيْنِ هَلْ يَفْسُقُ أَوْ يَكْفُرُ وَالْأَصَحُّ عِنْدِي التَّكْفِيرُ وَبِهِ جَزَمَ الْمَحَامِلِيُّ فِي اللُّبَابِ اهـ

وَثَبَتَ بِالتَّوَاتُرِ قَطْعًا عِنْدَ الْخَوَاصِّ وَالْعَوَامِّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ هَذِهِ الْقَبَائِحَ مُجْتَمِعَةٌ فِي هَؤُلَاءِ الضَّالِّينَ الْمُضِلِّينَ فَمَنْ اتَّصَفَ بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ فَهُوَ كَافِرٌ يَجِبُ قَتْلُهُ بِاتِّفَاقِ الْأُمَّةِ وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَإِسْلَامُهُ فِي إسْقَاطِ الْقَتْلِ سَوَاءٌ تَابَ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَالشَّهَادَةِ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ جَاءَ تَائِبًا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ حَدٌّ وَجَبَ وَلَا تُسْقِطُهُ التَّوْبَةُ كَسَائِرِ الْحُدُودِ وَلَيْسَ سَبُّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَالِارْتِدَادِ الْمَقْبُولِ فِيهِ التَّوْبَةُ لِأَنَّ الِارْتِدَادَ مَعْنًى يَنْفَرِدُ بِهِ الْمُرْتَدُّ لَا حَقَّ فِيهِ لِغَيْرِهِ مِنْ الْآدَمِيِّينَ فَقُبِلَتْ تَوْبَتُهُ وَمَنْ سَبَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْآدَمِيِّ وَلَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ كَسَائِرِ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ فَمَنْ سَبَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ أَحَدًا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَسَلَامُهُ فَإِنَّهُ يَكْفُرُ وَيَجِبُ قَتْلُهُ ثُمَّ إنْ ثَبَتَ عَلَى كُفْرِهِ وَلَمْ يَتُبْ وَلَمْ يُسْلِمْ يُقْتَلُ كُفْرًا بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ تَابَ وَأَسْلَمَ فَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ وَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ الْقَتْلُ حَدًّا وَقِيلَ يُقْتَلُ كُفْرًا فِي الصُّورَتَيْنِ.

وَأَمَّا سَبُّ الشَّيْخَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فَإِنَّهُ كَسَبِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ مَنْ سَبَّ الشَّيْخَيْنِ أَوْ لَعَنَهُمَا يَكْفُرُ وَيَجِبُ قَتْلُهُ وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَإِسْلَامُهُ أَيْ فِي إسْقَاطِ الْقَتْلِ وَقَالَ ابْنُ نُجَيْمٍ فِي الْبَحْرِ حَيْثُ لَمْ تُقْبَلْ تَوْبَتُهُ عُلِمَ أَنَّ سَبَّ الشَّيْخَيْنِ كَسَبِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يُفِيدُ الْإِنْكَارُ مَعَ الْبَيِّنَةِ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ مَنْ سَبَّ الشَّيْخَيْنِ أَوْ لَعَنَهُمَا يَكْفُرُ وَيَجِبُ قَتْلُهُ وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَإِسْلَامُهُ فِي إسْقَاطِ الْقَتْلِ لِأَنَّا نَجْعَلُ إنْكَارَ الرِّدَّةِ تَوْبَةً إنْ كَانَتْ مَقْبُولَةً كَمَا لَا يَخْفَى وَقَالَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>