للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ مَذْهَبَيْنِ وَعَلَى هَذَا يَتَخَرَّجُ الْحُكْمُ بِوَقْفِ الْبِنَاءِ عَلَى نَفْسِهِ فِي مِصْرٍ فِي أَوْقَاتٍ كَثِيرَةٍ عَلَى هَذَا النَّمَطِ حَكَمَ بِهَا الْقُضَاةُ السَّابِقُونَ وَلَعَلَّهُمْ بَنَوْهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ جَوَازِ الْحُكْمِ الْمُرَكَّبِ مِنْ مَذْهَبَيْنِ أَوْ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لَمَّا كَانَتْ مُتَقَرِّرَةً لِلِاحْتِكَارِ نَزَلَتْ مَنْزِلَةَ مَا لَوْ وَقَفَ الْبِنَاءَ مَعَ الْأَرْضِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْأَرْضَ بِيَدِ أَرْبَابِ الْبِنَاءِ يَتَصَرَّفُونَ فِيهَا بِمَا شَاءُوا مِنْ هَدْمٍ وَبِنَاءٍ وَتَغْيِيرٍ لَا يَتَعَرَّضُ أَحَدٌ لَهُمْ فِيهَا وَلَا يُزْعِجُهُمْ عَنْهَا وَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ غَلَّةٌ تُؤْخَذُ مِنْهُمْ كَمَا أَفَادَهُ الْخَصَّافُ هَذَا مَا تَحَرَّرَ لِي مِنْ الْجَوَابِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. اهـ.

وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الْوَقْفِ مِنْ فَتَاوَى الشَّلَبِيِّ الْمَذْكُورِ مَا نَصُّهُ فَإِذَا كَانَ وَقْفُ الدَّرَاهِمِ لَمْ يُرْوَ إلَّا عَنْ زُفَرَ وَلَمْ يُرْوَ عَنْهُ فِي وَقْفِ النَّفْسِ شَيْءٌ فَلَا يَتَأَتَّى وَقْفُهَا عَلَى النَّفْسِ حِينَئِذٍ عَلَى قَوْلِهِ لَكِنْ لَوْ فَرَضْنَا أَنَّ حَاكِمًا حَنَفِيًّا حَكَمَ بِصِحَّةِ وَقْفِ الدَّرَاهِمِ عَلَى النَّفْسِ هَلْ يَنْفُذُ حُكْمُهُ فَنَقُولُ النَّفَاذُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الْحُكْمِ الْمُلَفَّقِ وَبَيَانُ التَّلْفِيقِ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى النَّفْسِ لَا يَقُولُ بِهِ إلَّا أَبُو يُوسُفَ وَهُوَ لَا يَرَى وَقْفَ الدَّرَاهِمِ وَوَقْفُ الدَّرَاهِمِ لَا يَقُولُ بِهِ إلَّا زُفَرُ وَهُوَ لَا يَرَى الْوَقْفَ عَلَى النَّفْسِ فَكَانَ الْحُكْمُ بِجَوَازِ وَقْفِ الدَّرَاهِمِ عَلَى النَّفْسِ حُكْمًا مُلَفَّقًا مِنْ قَوْلَيْنِ كَمَا تَرَى وَقَدْ مَشَى شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْعَلَّامَةُ زَيْنُ الدِّينِ قَاسِمٌ فِي دِيبَاجَةِ تَصْحِيحِ الْقُدُورِيِّ عَلَى عَدَمِ نَفَاذِهِ وَنَقَلَ فِيهَا عَنْ كِتَابِ تَوْفِيقِ الْحُكَّامِ فِي غَوَامِضِ الْأَحْكَامِ أَنَّ الْحُكْمَ الْمُلَفَّقَ بَاطِلٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَمَشَى الطَّرَسُوسِيُّ فِي كِتَابِهِ أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ عَلَى النَّفَاذِ مُسْتَنِدًا فِي ذَلِكَ لِمَا رَآهُ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي فَلْيَنْظُرْهُ مَنْ أَرَادَهُ اهـ.

(أَقُولُ) وَرَأَيْت بِخَطِّ شَيْخِ مَشَايِخِنَا مُنْلَا عَلِيٍّ التُّرْكُمَانِيِّ فِي مَجْمُوعَتِهِ الْكَبِيرَةِ نَاقِلًا عَنْ خَطِّ الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ السُّؤَالَاتِيّ بَعْدَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْمَنْقُولَةِ عَنْ فَتَاوَى الشَّلَبِيِّ مَا نَصُّهُ أَقُولُ وَبِالْجَوَازِ أَفْتَى شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو السُّعُودِ فِي فَتَاوَاهُ وَأَنَّ الْحُكْمَ يَنْفُذُ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ اهـ مَا رَأَيْته بِخَطِّهِ عَنْ الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ الْمَذْكُورِ.

(وَأَقُولُ أَيْضًا) قَدْ يُوَجَّهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْحُكْمِ الْمُلَفَّقِ الَّذِي نَقَلَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ أَنَّهُ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِمَا جَزَمَ بِبُطْلَانِهِ مَا إذَا كَانَ مِنْ مَذَاهِبَ مُتَبَايِنَةٍ كَمَا إذَا حُكِمَ بِصِحَّةِ نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَبِلَا شُهُودٍ بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُلَفَّقًا مِنْ أَقْوَالِ أَصْحَابِ الْمَذْهَبِ الْوَاحِدِ فَإِنَّهَا لَا تَخْرُجُ عَنْ الْمَذْهَبِ فَإِنَّ أَقْوَالَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِمَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى قَوَاعِدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَوْ هِيَ أَقْوَالٌ مَرْوِيَّةٌ عَنْهُ وَإِنَّمَا نُسِبَتْ إلَيْهِمْ لَا إلَيْهِ لِاسْتِنْبَاطِهِمْ لَهَا مِنْ قَوَاعِدِهِ أَوْ لِاخْتِيَارِهِمْ إيَّاهَا كَمَا أَوْضَحْت ذَلِكَ فِي صَدْرِ حَاشِيَتِي عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ بِمَا لَا مَزِيد عَلَيْهِ فَارْجِعْ إلَيْهِ وَيُؤَيِّدُ مَا مَرَّ عَنْ الشَّلَبِيِّ مِنْ حُكْمِ الْقُضَاةِ الْمَاضِينَ بِذَلِكَ وَكَذَا مَا فِي الدُّرَرِ مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ عِنْدَ قَوْلِهِ الْقَضَاءُ فِي مُجْتَهَدٍ فِيهِ بِخِلَافِ رَأْيِهِ نَاسِيًا مَذْهَبَهُ، نَافِذٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَوْ عَامِدًا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ حَيْثُ قَالَ مَا نَصُّهُ وَالْمُرَادُ بِخِلَافِ الرَّأْيِ خِلَافُ أَصْلِ الْمَذْهَبِ كَالْحَنَفِيِّ إذَا حَكَمَ عَلَى مَذْهَب الشَّافِعِيّ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ.

وَأَمَّا إذَا حَكَمَ الْحَنَفِيّ بِمَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو يُوسُفَ أَوْ مُحَمَّدٌ أَوْ نَحْوُهُمَا مِنْ أَصْحَابِ الْإِمَامِ فَلَيْسَ حُكْمًا بِخِلَافِ رَأْيِهِ اهـ فَتَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت فِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ أَمِينِ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ الْعَالِ مَا نَصُّهُ وَمَتَى أَخَذَ الْمُفْتِي بِقَوْلِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ يَعْلَمُ قَطْعًا أَنَّ الْقَوْلَ الَّذِي أَخَذَ بِهِ هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْ جَمِيعِ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ الْكِبَارِ كَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَزُفَرَ وَالْحَسَنِ أَنَّهُمْ قَالُوا مَا قُلْنَا فِي مَسْأَلَةٍ قَوْلًا إلَّا وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَقْسَمُوا عَلَيْهِ أَيْمَانًا غِلَاظًا فَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ لَمْ يَتَحَقَّقْ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْفِقْهِ جَوَابٌ وَلَا مَذْهَبٌ إلَّا لَهُ كَيْفَمَا كَانَ وَمَا نُسِبَ إلَى غَيْرِهِ إلَّا مَجَازًا وَهُوَ كَقَوْلِ الْقَائِلِ قَوْلِي قَوْلُهُ وَمَذْهَبِي مَذْهَبُهُ. اهـ

(سُئِلَ) فِي مَرِيضٍ مَرَضَ الْمَوْتِ وَقَفَ فِيهِ عَقَارَهُ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ الْمَذْكُورِ

<<  <  ج: ص:  >  >>