للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْهُمْ وَلَمْ يُجِيزُوا الْوَقْفَ الْمَزْبُورَ وَلَمْ يَحْكُمْ بِهِ حَاكِمٌ شَرْعِيٌّ يَرَى صِحَّتَهُ فَهَلْ يَكُونُ الْوَقْفُ الْمَذْبُورُ غَيْرَ جَائِزٍ؟

(الْجَوَابُ) : هَذَا الْوَقْفُ وَصِيَّةٌ وَالْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ بَاطِلَةٌ فَلَا يَجُوزُ الْوَقْفُ الْمَذْكُورُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَنْ رَجُلٍ وَقَفَ دَارِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ وَكَتَبَ فِي الصَّكِّ وَقَفَ فُلَانٌ عَلَى أَوْلَادِهِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ كَذَا وَقَفَهُ عَلَيْهِمْ وَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِمْ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ قَالَ هَذَا يُوجِبُ الْفَسَادَ لِأَنَّ هَذَا وَصِيَّةٌ لِلْوَارِثِ وَالْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ بَاطِلَةٌ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْتَاطَ فِي ذَلِكَ فَلْيَكْتُبْ فِي حَيَاتِهِ وَصِحَّتِهِ قَالَ وَكَذَا سَمِعْت مِنْ السَّيِّدِ الْإِمَامِ أَبِي شُجَاعٍ وَهَذَا الْجَوَابُ صَحِيحٌ فِيمَا إذَا كَانَ لَهُ وَارِثٌ آخَرُ سِوَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَقَفَ عَلَيْهِمْ غَيْرُ صَحِيحٍ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ آخَرُ مِنْ أَوَّلِ التَّاسِعِ عَشَرَ مِنْ وَقْفِ التَّتَارْخَانِيَّةِ وَلَوْ قَالَ أَرْضِيّ هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ بَعْدَ وَفَاتِي عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي وَنَسْلِهِمْ فَالْوَقْفُ عَلَى مَنْ لِصُلْبِهِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ لَا تَجُوزُ وَعَلَى وَلَدِ وَلَدِهِ تَجُوزُ لَكِنْ لَا يَكُونُ الْكُلُّ لَهُمْ مَا دَامَ وَلَدُ الصُّلْبِ حَيًّا فَتُقْسَمُ الْغَلَّةُ فِي كُلِّ سَنَةٍ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ فَمَا أَصَابَ وَلَدَ الْوَلَدِ فَهُوَ لَهُمْ وَقْفٌ وَمَا أَصَابَ وَلَدَ الصُّلْبِ فَهُوَ مِيرَاثٌ بَيْنَ جَمِيعِ وَرَثَتِهِ حَتَّى يُشَارِكَهُمْ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ وَغَيْرُهُمَا فَإِنْ مَاتَ بَعْضُ وَلَدِ الصُّلْبِ فَالْغَلَّةُ تُقْسَمُ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِ وَلَدِ الْوَلَدِ وَعَلَى الْبَاقِي مِنْ وَلَدِ الصُّلْبِ فَمَا أَصَابَ الْبَاقِيَ مِنْ وَلَدِ الصُّلْبِ يَكُونُ بَيْنَ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ الْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ كُلُّ مَنْ كَانَ حَيًّا عِنْدَ مَوْتِ الْوَاقِفِ اهـ مِنْ الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ وَقْفِ الْخُلَاصَةِ فَفِي مَسْأَلَتِنَا الْوَقْفُ عَلَى الْأَوْلَادِ يَكُونُ وَصِيَّةً وَالْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ لَا تَجُوزُ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ وَلَا تَصِحُّ لِوَارِثٍ إلَّا بِإِجَازَةِ وَرَثَتِهِ اهـ.

قَالَ الْعَلَائِيُّ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ إلَّا أَنْ يُجِيزَهَا الْوَرَثَةُ» يَعْنِي عِنْدَ وُجُودِ وَارِثٍ آخَرَ كَمَا يُفِيدُهُ آخِرُ الْحَدِيثِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَارِثٌ آخَرُ غَيْرُهُمْ فِي مَسْأَلَتِنَا وَالْحَالُ أَنَّهُمْ لَمْ يُجِيزُوهُ فَلَا يَجُوزُ الْوَقْفُ الْمَذْكُورُ وَفِي التَّنْوِيرِ مِنْ الْوَصِيَّةِ مِنْ بَابِ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ إعْتَاقُهُ وَمُحَابَاتُهُ وَوَقْفُهُ وَضَمَانُهُ وَصِيَّةٌ فَتُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ اهـ.

وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ لِقَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ لَا تَصِحُّ لِوَارِثٍ إلَخْ وَلِصَرِيحِ قَوْلِ الْخُلَاصَةِ فَالْوَقْفُ عَلَى مَنْ لِصُلْبِهِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ لَا تَجُوزُ اهـ وَلِصَرِيحِ كَلَامِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَيْضًا فَتَحَرَّرَ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْأَوْلَادِ وَصِيَّةٌ وَالْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ لَا تَجُوزُ إلَّا بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ وَإِذَا لَمْ يُجِيزُوهُ لَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ فَكَذَا الْوَقْفُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْمُوَفِّقُ (أَقُولُ) فِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ رَجُلٌ وَقَفَ دَارًا لَهُ فِي مَرَضِهِ عَلَى ثَلَاثِ بَنَاتٍ لَهُ وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ غَيْرُهُنَّ قَالَ الثُّلُثُ مِنْ الدَّارِ وَقْفٌ وَالثُّلُثَانِ مُطْلَقٌ يَصْنَعْنَ بِهِمَا مَا شِئْنَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ هَذَا إذَا لَمْ يُجِزْنَ أَمَّا إذَا أَجَزْنَ صَارَ الْكُلُّ وَقْفًا عَلَيْهِنَّ اهـ فَعُلِمَ أَنَّ الثُّلُثَ صَارَ وَقْفًا فِي مَسْأَلَتِنَا وَإِنْ لَمْ يُجِزْ الْأَوْلَادُ لِأَنَّ نَفَاذَ الْوَصِيَّةِ مِنْ الثُّلُثِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ فَتَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ وَإِنْ كَانَتْ لِلْوَارِثِ لِعَدَمِ الْمُنَازِعِ وَعَدَمِ جَوَازِهَا لِلْوَارِثِ عِنْدَ وُجُودِ وَارِثٍ آخَرَ مُنَازِعٍ.

وَأَمَّا الثُّلُثَانِ فَلَا تَجُوزُ فِيهِمَا الْوَصِيَّةُ وَإِنْ كَانَتْ لِلْوَارِثِ وَلَا مُنَازِعَ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَجْعَلْ لِلْمُوصِي حَقًّا فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَلَمْ تَجُزْ بِلَا إجَازَةِ الْوَارِثِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي تَوْجِيهِ كَلَامِ الظَّهِيرِيَّةِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ إطْلَاقَ الْمُؤَلِّفِ عَدَمَ جَوَازِ الْوَقْفِ فِيهِ نَظَرٌ فَتَدَبَّرْ، وَأَمَّا كَوْنُ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ حَاكِمٌ فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي مَحَلِّهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ وَقَفَتْ دَارَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهَا عَلَى بَعْلِهَا الْمُسْتَقِرَّةِ فِي عِصْمَتِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ وَمَاتَتْ عَنْ وَرَثَةٍ لَمْ يُجِيزُوا الْوَقْفَ وَلَمْ تُخَلِّفْ غَيْرَ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ يَنْفُذُ الْوَقْفُ مِنْ الثُّلُثِ وَيَبْطُلُ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ؟

(الْجَوَابُ) : الْوَقْفُ فِي الْمَرَضِ وَصِيَّةٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>