خَيْرُ الدِّينِ بْنُ أَحْمَدَ الْحَنَفِيُّ الْأَزْهَرِيُّ حَامِدًا مُصَلِّيًا مُسْلِمًا.
(أَقُولُ) هَذِهِ الْحَادِثَةُ بِعَيْنِهَا أَلَّفَ فِيهَا الْعَلَّامَةُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ رِسَالَتَهُ الْمُسَمَّاةَ بِالِابْتِسَامِ بِأَحْكَامِ الْإِفْحَامِ وَنَشْقِ نَسِيمِ الشَّامِ وَرَدَّ فِيهَا عَلَى مُفْتِي الشَّامِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عِمَادُ الدِّينِ الْمَذْكُورُ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ بِثُمَّ قَدْ بَطَلَ حُكْمُهُ فِي نَصِيبِ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ بِاشْتِرَاطِ صَرْفِهِ لِلْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنْ أَهْلِ دَرَجَتِهِ وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ وَقْفَهُ عَلَى نَفْسِهِ أَيَّامَ حَيَاتِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِ وَفَاتِهِ عَلَى أَوْلَادِ ابْنِهِ فَلِأَنَّ الْمُتَوَفَّى فِي حَيَاتِهِ وَهُمْ عَبْدُ النَّبِيِّ وَعَلِيٌّ وَنُورُ الدِّينِ وَمَنْصُورٌ سَوِيَّةً بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى أَوْلَادِهِمْ الذُّكُور دُونَ الْإِنَاثِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ كَذَلِكَ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ مِثْلُ ذَلِكَ ثُمَّ عَلَى أَنْسَالِهِمْ وَأَعْقَابِهِمْ شِبْهُ ذَلِكَ الذُّكُورُ دُونَ الْإِنَاثِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَمِنْ أَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَإِنْ سَفَلَ عَنْ وَلَدٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ لِوَلَدِهِ ثُمَّ لِلْأَسْفَلِ مِنْهُ الذُّكُورُ دُونَ الْإِنَاثِ وَعَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَمِنْ أَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَإِنْ سَفَلَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ إلَى مَنْ هُوَ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى كُلُّ ذَلِكَ عَلَى الشَّرْطِ وَالتَّرْتِيبِ الْمُعَيَّنَيْنِ أَعْلَاهُ فَإِذَا انْقَرَضَتْ أَوْلَادُ الذُّكُورِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ نَسْلٌ وَلَا عَقِبٌ عَادَ ذَلِكَ وَقْفًا عَلَى مَنْ يُوجَدُ مِنْ الْإِنَاثِ وَأَوْلَادِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْحُكْمُ فِيهِمْ كَالْحُكْمِ فِي أَوْلَادِ الذُّكُورِ ثُمَّ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ لَا تَنْقَطِعُ فَانْقَرَضَ الْآنَ أَوْلَادُ الذُّكُورِ وَالْمَوْجُودُ الْآنَ مِنْ أَوْلَادِ الْإِنَاثِ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ ذُكُورًا وَإِنَاثًا فَهَلْ يَعُودُ الْوَقْفُ لِلذُّكُورِ سَوِيَّةً بَيْنَهُمْ أَمْ لِلذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟
(الْجَوَابُ) : حَيْثُ شُرِطَ فِي أَوْلَادِ الذُّكُورِ أَنْ يُعْطَى لِلذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ وَجَعَلَ الْحُكْمَ فِي أَوْلَادِ الْإِنَاثِ كَالْحُكْمِ فِي أَوْلَادِ الذُّكُورِ يَعُودُ الْوَقْفُ الْمَذْكُورُ لِلذُّكُورِ سَوِيَّةً بَيْنَهُمْ دُونَ الْإِنَاثِ عَمَلًا بِشَرْطِهِ الْمَذْكُورِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (أَقُولُ) رَأَيْت فِي هَذَا الْمَحَلِّ عَلَى الْهَامِشِ بِخَطِّ شَيْخِ مَشَايِخِنَا الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ الْغَزِّيِّ السَّائِحَانِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ دُونَ الْإِنَاثِ هَذَا لَا يَظْهَرُ بَعْدَ قَوْلِ الْوَاقِفِ عَادَ ذَلِكَ وَقْفًا عَلَى مَنْ يُوجَدُ مِنْ الْإِنَاثِ وَأَوْلَادِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَأَيْضًا كَيْفَ يُعْطِي الْفَرْعَ وَيَمْنَعُ الْأَصْلَ أَوْ أَخَوَاتِهِ مَعَ عُمُومِ لَفْظِهِ فَضْلًا عَنْ صَرِيحِهِ نَعَمْ يُحْمَلُ قَوْلُهُ وَالْحُكْمُ فِيهِمْ كَالْحُكْمِ فِي أَوْلَادِ الذُّكُورِ عَلَى قَوْلِهِ سَوِيَّةً وَعَلَى التَّرْتِيبِ وَعَلَى رَدِّ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ وَقَدْ صَرَّحَ هُوَ وَغَيْرُهُ أَنَّ غَرَضَ الْوَاقِفِ يَصْلُحُ مُخَصِّصًا انْتَهَى وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْحُكْمَ فِي قَوْلِ الْوَاقِفِ وَالْحُكْمُ فِيهِمْ إلَخْ لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ وَقَدْ وَقَعَ فِي نَظِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اضْطِرَابٌ فَفِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ سُئِلَ فِيمَا إذَا وَقَفَ رَجُلٌ طَاحُونَةً عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى وَلَدِهِ لِصُلْبِهِ الْبُرْهَانِيِّ إبْرَاهِيمَ ثُمَّ مِنْ بَعْدِ إبْرَاهِيمَ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَنْسَالِهِ وَأَعْقَابِهِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يَسْتَقِلُّ بِهِ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ إذَا انْفَرَدَ وَيَشْتَرِكُ فِيهِ الِاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا.
فَإِنْ مَاتَ إبْرَاهِيمُ وَلَمْ يُعْقِبْ أَوْ أَعْقَبَ وَانْقَرَضُوا عَادَ ذَلِكَ وَقْفًا شَرْعِيًّا عَلَى مَنْ يُوجَدُ مِنْ إخْوَتِهِ لِأَبِيهِ ذُكُورًا كَانُوا وَإِنَاثًا بَيْنَهُمْ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى الْحُكْمِ الْمُعَيَّنِ أَعْلَاهُ فَإِذَا انْقَرَضُوا بِأَجْمَعِهِمْ عَادَ ذَلِكَ وَقْفًا عَلَى الزَّاوِيَةِ الْفُلَانِيَّةِ إلَى أَنْ قَالَ ثُمَّ مَاتَ الْوَاقِفُ وَمَاتَ ابْنُهُ إبْرَاهِيمُ بَعْدَهُ وَلَمْ يُعْقِبْ وَوُجِدَ لِإِبْرَاهِيمَ إخْوَةٌ لِأَبٍ فَتَنَاوَلُوا الْوَقْفَ ثُمَّ انْقَرَضُوا عَنْ آخِرِهِمْ وَلَهُمْ أَوْلَادٌ وَأَوْلَادُ أَوْلَادٍ فَهَلْ يَنْتَقِلُ الْوَقْفُ إلَى الزَّاوِيَةِ الْمَزْبُورَةِ بِانْقِرَاضِ إخْوَةِ إبْرَاهِيمَ بَعْدَهُ وَلَا يَدْخُلُ أَحَدٌ مِنْ أَوْلَادِهِمْ وَذُرِّيَّتِهِمْ أَوْ لَا أَجَابَ الْأَقْرَبُ إلَى غَرَضِ الْوَاقِفِ انْتِقَالُهُ إلَى أَوْلَادِ إخْوَةِ إبْرَاهِيمَ لِأَمْرَيْنِ الْأَوَّلُ الْأَقْرَبِيَّةُ إلَى غَرَضِ الْوَاقِفِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَالثَّانِي قَوْلُهُ عَلَى الْحُكْمِ الْمُعَيَّنِ أَعْلَاهُ فَإِنَّهُ عَرَفَهُ بِاللَّامِ وَذَلِكَ لِلْعُمُومِ وَالِاعْتِبَارُ لِعُمُومِ اللَّفْظِ وَالْعَامُّ يَبْقَى عَلَى عُمُومِهِ حَتَّى لَا يُعْتَبَرَ مَعَهُ خُصُوصُ السَّبَبِ.
وَقَدْ ذَكَرَ الْأَكْمَلُ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute