للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْعِنَايَةِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَالصُّلْحُ صَحِيحٌ مَعَ إقْرَارٍ أَوْ سُكُوتٍ أَوْ إنْكَارٍ كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: ١٢٨] فَإِنَّهُ بِإِطْلَاقِهِ يَتَنَاوَلُهَا يَعْنِي الثَّلَاثَةَ وَإِنْ كَانَ فِي صُلْحِ الزَّوْجَيْنِ قَالَ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ لِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا لِخُصُوصِ السَّبَبِ فَهُوَ مُنَادٍ فِي مَسْأَلَتِنَا بِاسْتِحْقَاقِ أَوْلَادِ إخْوَةِ إبْرَاهِيمَ لِهَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا غَرَضُ الْوَاقِفِ وَإِفَادَةُ اللَّفْظِ لَهُ وَالْحَقُّ أَحَقُّ بِالِاتِّبَاعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ مَا فِي الْخَيْرِيَّةِ وَرَأَيْت بِهَامِشِهَا بِخَطِّ الْمَرْحُومِ الشَّيْخِ يَحْيَى التَّاجِيِّ الْبَلْعَمِيِّ نَاقِلًا عَنْ الْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ يَاسِينَ الْبِقَاعِيِّ الْحَنَفِيِّ مَا حَاصِلُهُ قَوْلُهُ الْأَقْرَبُ إلَى غَرَضِ الْوَاقِفِ إلَخْ يُخَالِفُهُ مَا أَفْتَى بِهِ الْمَرْحُومُ يَحْيَى أَفَنْدِي مُفْتِي الدِّيَارِ الرُّومِيَّةِ وَالْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ حَسَنٌ الشُّرُنْبُلَالِيُّ مُفْتِي الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ عُلَمَاءِ مِصْرَ وَالشَّامِ مِنْ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ فِي عَصْرِهِمَا وَعَصْرِ مَنْ قَبْلَهُمَا وَرَدُّوا الْوَقْفَ بَعْدَ مَوْتِ الْإِخْوَةِ لِلزَّاوِيَةِ لَا لِأَوْلَادِ الْإِخْوَةِ وَرَدُّوا الْحُكْمَ الْمُعَيَّنَ أَعْلَاهُ إلَى قَوْلِهِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ يَسْتَقِلُّ بِهِ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ إذَا انْفَرَدَ وَيَشْتَرِكُ فِيهِ الِاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهَا وَجَعَلُوهُ بَيَانًا لِذَلِكَ وَقَيْدًا لَهُ وَرُجُوعًا بِهِ إلَى مُسْتَحِقٍّ مَوْجُودٍ دُونَ غَيْرِهِ الَّذِي لَمْ يُوجَدْ فِي شَرْطِهِ فَهُوَ عَامٌّ مَخْصُوصٌ بِقَوْلِهِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ فَإِنَّهُ مَا مِنْ عَامٍّ إلَّا وَقَدْ خُصَّ وَرُجُوعُهُ إلَى هَذَا مُتَيَقَّنٌ لِوُجُودِهِ فِي لَفْظِهِ وَإِلَى أَوْلَادِ الْإِخْوَةِ مَشْكُوكٌ فِيهِ لِعَدَمِهِ فِي لَفْظِهِ فَيُقَدَّمُ الْمُتَيَقَّنُ عَلَى الْمَشْكُوكِ فِيهِ لِأَنَّ الْيَقِينَ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ وَغَرَضُ الْوَاقِفِ إذَا خَالَفَ صَرِيحَ لَفْظِهِ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ اهـ.

وَلَا يَخْفَى عَلَى مَنْ أَمْعَنَ النَّظَرَ فِي هَذَا الْمَقَامِ اتِّجَاهُ كُلٍّ مِنْ الْكَلَامَيْنِ وَالتَّرْجِيحُ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ صَعْبٌ وَلَكِنْ ذَكَرَ الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ فِي شَرْحِ الْأَشْبَاهِ أَنَّهُ مَتَى اُخْتُلِفَ فِي مَسْأَلَةٍ فَالْعِبْرَةُ بِمَا قَالَهُ الْأَكْثَرُ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَنْشَأَ وَاقِفٌ وَقْفَهُ عَلَى نَفْسِهِ أَيَّامَ حَيَاتِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ فَعَلَى زَوْجَتِهِ خَاتُونَ وَعَلَى الْمَدْعُوَّةِ نَفِيسَةَ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَلَى عُتَقَاءِ الْوَاقِفِ وَهُمْ عَلِيٌّ وَزَوْجَتُهُ قَرَنْفُلَةُ وَعَائِشَةُ سَوِيَّةً بَيْنَهُمْ مُدَّةَ حَيَاتِهِمْ ثُمَّ مِنْ بَعْدِ كُلٍّ مِنْهُمْ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَأَنْسَالِهِ وَأَعْقَابِهِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِذَا انْقَرَضُوا بِأَجْمَعِهِمْ عَادَ ذَلِكَ وَقْفًا شَرْعِيًّا عَلَى أَوْلَادِ أَخِي الْوَاقِفِ الْمَرْقُومِ حَسَنٍ أَغَا وَهُمْ كَاتِبَةُ وَصَفِيَّةُ وَمَرْوَةُ وَرَحْمَةُ سَوِيَّةً بَيْنَهُمْ ثُمَّ مِنْ بَعْدِ وَفَاةِ كُلٍّ مِنْهُنَّ عَلَى أَوْلَادِهَا وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهَا وَأَنْسَالِهَا وَأَعْقَابِهَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ثُمَّ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ مُتَّصِلَةٍ ثُمَّ مَاتَ الْوَاقِفُ وَمَاتَ بَعْدَهُ عَلِيٌّ وَقَرَنْفُلَةُ وَعَائِشَةُ وَخَاتُونُ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا عَقِبٍ وَبَقِيَتْ نَفِيسَةُ لَا غَيْرُ فَهَلْ تُقْسَمُ غَلَّةُ الْوَقْفِ مِنْ خَمْسَةِ أَخْمَاسٍ لِنَفِيسَةَ خُمُسٌ وَاحِدٌ وَالْأَخْمَاسُ الْأَرْبَعَةُ تُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ وَإِذَا كَانَتْ بَنَاتُ أَخِي الْوَاقِفِ فُقَرَاءَ أَوْ إحْدَاهُنَّ فَهُنَّ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْ الْفُقَرَاءِ الْأَجَانِبِ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) قَوْلُهُ تُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ يَعْنِي مَا دَامَتْ نَفِيسَةُ مَوْجُودَةً فَإِذَا مَاتَتْ يُصْرَفُ الْكُلُّ إلَى بَنَاتِ أَخِي الْوَاقِفِ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُنَّ مِنْ الْوَقْفِ مَشْرُوطٌ بِمَوْتِ خَاتُونَ وَنَفِيسَةَ وَعُتَقَاءِ الْوَاقِفِ وَأَوْلَادِهِمْ وَأَعْقَابِهِمْ فَمَا دَامَ أَحَدٌ مِنْهُمْ مَوْجُودًا لَا تَسْتَحِقُّ بَنَاتُ أَخِي الْوَاقِفِ شَيْئًا وَيَكُونُ الْوَقْفُ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ وَفِيهِ يُصْرَفُ نَصِيبُ مَنْ مَاتَ إلَى الْفُقَرَاءِ وَإِذَا كَانَتْ بَنَاتُ أَخِي الْوَاقِفِ فُقَرَاءَ يُصْرَفُ إلَيْهِنَّ لِصِفَةِ الْفَقْرِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَوِيَّةِ لَا الِاسْتِحْقَاقِ قَالَ فِي الْإِسْعَافِ فِي بَابِ الْوَقْفِ فِي أَبْوَابِ الْبِرِّ لَوْ قَالَ هِيَ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ فِي أَبْوَابِ الْبِرِّ فَاحْتَاجَ وَلَدُهُ أَوْ وَلَدُ وَلَدِهِ أَوْ قَرَابَتُهُ يُصْرَفُ إلَيْهِ مِنْ الْغَلَّةِ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَبْوَابِ الْبِرِّ وَكَذَلِكَ لَوْ جَعَلَهَا صَدَقَةً مَوْقُوفَةً عَلَى الْمَسَاكِينِ فَاحْتَاجَ وَلَدُهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَيْهِ مِنْ الْغَلَّةِ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَسَاكِينِ وَلِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَدَقَةً وَرَحِمٌ مُحْتَاجَةٌ» فَيَكُونُ وَلَدُهُ وَقَرَابَتُهُ أَحَقَّ وَلَكِنْ لَا يَتَعَيَّنُ بِحَيْثُ لَا يَجُوزُ الدَّفْعُ إلَى غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ بِجَعْلِ قَاضٍ بَلْ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْسَانِ وَالْأَفْضَلِيَّةِ وَلَوْ عُزِلَ الْقَاضِي أَوْ مَاتَ يَجُوزُ لِمَنْ يَلِي بَعْدَهُ أَنْ يُجْرِيَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>