فَيَتَحَقَّقُ التَّرْتِيبُ بَعْدَ دُخُولِهِمْ أَمَّا قَبْلَهُ فَلَا يَتَحَقَّقُ وَلَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ لَحَظَ الْمَعْنَى الْحَاصِلَ مِنْ الْعَطْفِ بِثُمَّ وَهُوَ تَقْدِيمُ كُلِّ طَبَقَةٍ عُلْيَا عَلَى الَّتِي تَلِيهَا فَإِنَّهُ حُكْمُ الْعَطْفِ بِثُمَّ فَقَوْلُ الْوَاقِفِ وَالْحُكْمُ فِيهِمْ إلَخْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِمْ ذَلِكَ التَّقْدِيمُ وَرَأَيْت فِي فَتَاوَى الشِّهَابِ أَحْمَدَ الرَّمْلِيِّ الْكَبِيرِ الشَّافِعِيِّ سُؤَالًا حَاصِلُهُ فِيمَنْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِ الظُّهُورِ مُرَتَّبًا بِثُمَّ وَعِنْدَ انْقِرَاضِهِمْ فَعَلَى أَوْلَادِ الْبَنَاتِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ وَثُمَّ عَلَى الشَّرْطِ وَالتَّرْتِيبِ فَمَاتَ أَوْلَادُ الظُّهُورِ وَوُجِدَ مِنْ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ جَمَاعَةٌ مُخْتَلِفُو الدَّرَجَاتِ فَأَجَابَ بِانْتِقَالِ الْوَقْفِ إلَى أَقْرَبِ الدَّرَجَاتِ إلَى الْوَاقِفِ وَهَذَا مُؤَيِّدٌ لِمَا أَجَابَ بِهِ الْمُؤَلِّفُ فَتَأَمَّلْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ رَجُلٌ وَقْفَهُ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى نَسْلِهِ وَعَقِبِهِ عَلَى الشَّرْطِ وَالتَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ يَرْجِعُ نَصِيبُهُ إلَى مَنْ هُوَ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ ثُمَّ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ مُتَّصِلَةٍ فَمَاتَ الْوَاقِفُ وَأَوْلَادُهُ وَأَوْلَادُ أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادُ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَانْحَصَرَ رِيعُ الْوَقْفِ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ النَّسْلِ وَالْعَقِبِ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ وَمَاتَتْ امْرَأَتَانِ مِنْ النَّسْلِ فِي حَيَاةِ أَخِيهِمَا عَنْ أَوْلَادٍ فَهَلْ يَدْخُلُ أَوْلَادُهُمَا فِي النَّسْلِ وَيَسْتَحِقُّونَ فِي رِيعِ الْوَقْفِ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْإِسْعَافِ النَّسْلُ الْوَلَدُ وَوَلَدُ الْوَلَدِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا. اهـ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(أَقُولُ) هَذَا الْجَوَابُ يَحْتَاجُ إلَى بَيَانٍ زَائِدٍ فَلَا بَأْسَ بِإِيرَادِهِ عَلَى عَادَتِنَا فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنْ الْإِتْحَافِ بِفَرَائِدِ الْفَوَائِدِ وَهُوَ أَنَّ دُخُولَ أَوْلَادِ الْمَرْأَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ قَدْ طَالَ فِيهِمَا الْجِدَالُ وَكَثُرَ الْقِيلُ وَالْقَالُ أَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فَهِيَ مَا إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ فِي الْوَقْفِ الْمُرَتَّبِ انْتِقَالَ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ إلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَسَكَتَ عَنْ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي هَذَا السُّؤَالِ فَهَلْ يَنْتَقِلُ نَصِيبُ الْمُتَوَفَّى عَنْ وَلَدٍ إلَى وَلَدِهِ أَمْ لَا وَقَعَ نَظِيرُهُ فِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ لَا شَيْءَ لِأَوْلَادِ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ مَا دَامَ وَاحِدٌ مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى لِتَرْتِيبِ الِاسْتِحْقَاقِ بِثُمَّ مُؤَكَّدًا لَهُ بِقَوْلِهِ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا مِنْهُمْ تَحْجُبُ الطَّبَقَةَ السُّفْلَى وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ إلَخْ كَمَا لَا يَخْفَى وَكَتَبَ الشَّيْخُ شَرَفُ الدِّينِ وَالشَّيْخُ صَالِحٌ وَالشَّيْخُ مَحْفُوظٌ الْمَفْتُونَ بِغَزَّةَ جَوَابِي كَذَلِكَ هَذَا وَقَدْ أَفْتَى بُرْهَانُ الدِّينِ الطَّرَابُلُسِيُّ الْحَنَفِيُّ فِي مِثْلِهِ بِاسْتِحْقَاقِ أَوْلَادِ الْمَيِّتِ مَعَ وُجُودِ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ قَالَ لِمَفْهُومِ الْقَيْدِ الْمَسْكُوتِ عَنْ تَتْمِيمِهِ بِمَعْلُومِيَّتِهِ أَوْ لِغَفْلَةِ الْكَاتِبِ عَنْهُ وَلِضَرُورَةِ انْحِصَارِ غَلَّةِ الْوَقْفِ فِي ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ مَا بَقِيَ مِنْهُمْ أَحَدٌ اهـ
وَلَا يَخْفَى مَا فِي ذَلِكَ لِمَا عُلِمَ أَنَّ الْمَفَاهِيمَ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهَا عِنْدَنَا عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ اسْتِحْقَاقَ أَوْلَادِ الْمَيِّتِ هُوَ الْمَفْهُومُ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ الْمَفْهُومَ إذْ مَفْهُومُهُ أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ عِنْدَ الْأَوْلَادِ لَا يَكُونُ لِمَنْ فِي دَرَجَةِ الْمُتَوَفَّى وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ لِأَوْلَادِهِ.
وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْغَفْلَةِ وَضَرُورَةُ انْحِصَارِ غَلَّةِ الْوَقْفِ فِي ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ مَا بَقِيَ مِنْهُمْ أَحَدٌ لَا يَلْزَمُ مِنْهَا اسْتِحْقَاقُ أَوْلَادُ وَلَدِ الْوَاقِفِ مَعَ أَوْلَادِهِ لِصُلْبِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا الشَّافِعِيَّ الْأَنْصَارِيَّ أَفْتَى بِمَا أَفْتَيْت فِي وَاقِعَتَيْنِ وَأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ اسْتِحْقَاقُ الْمَيِّتِ إلَى أَوْلَادِهِ مَعَ مَا ذُكِرَ قَالَ وَإِنْ أَفْتَى بِهِ أَيْ بِرُجُوعِ الِاسْتِحْقَاقِ لِأَوْلَادِ الْمَيِّتِ الشَّيْخِ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَلًا بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ إذْ مَفْهُومُهُ أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ عِنْدَ وُجُودِ الْأَوْلَادِ لَا يَكُونُ لِمَنْ فِي دَرَجَةِ الْمُتَوَفَّى وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ لِأَوْلَادِهِ بَلْ يَرْجِعُ اسْتِحْقَاقُ الْمَيِّتِ لِأَخِيهِ لَا لِشَرْطِ الْوَاقِفِ بَلْ لِكَوْنِ الْوَقْفِ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ وَأَخُوهُ أَقْرَبُ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ اهـ وَقَدْ أَفْتَى مَوْلَانَا الشَّيْخُ أَحْمَدُ شِهَابُ الدِّينِ الرَّمْلِيُّ الْأَنْصَارِيُّ الشَّافِعِيُّ بِمِثْلِ مَا أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ مَا فِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ وَلَا يَخْفَى عَلَيْك مَا فِي ذَلِكَ أَمَّا أَوَّلًا فَقَوْلُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute