للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ أَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى فِي وَجْهِ تَقْدِيمِ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ عَلَى غَيْرِهِمْ إنَّمَا هُوَ عُمُومُ النَّفْعِ الْحَاصِلِ مِنْ انْتِظَامِ مَصَالِحِ الْمَسَاجِدِ بِإِقَامَةِ شَعَائِرِهَا وَهَذَا لَا يَخْتَلِفُ الْحَالُ فِيهِ بَيْنَ مَا إذَا عَيَّنَ الْوَاقِفُ قَدْرًا مُعَيَّنًا لِكُلٍّ وَبَيْنَ مَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ بِخِلَافِ تَفْوِيضِ أَمْرِ الصَّرْفِ لِلْمُتَوَلِّي فَإِنَّ غَرَضَ الْوَاقِفِ يَخْتَلِفُ فِيهِ بَيْنَ مَا إذَا عَيَّنَ لِكُلٍّ قَدْرًا مُعَيَّنًا وَبَيْنَ مَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ هَذَا مَا ظَهَرَ قَالَ ذَلِكَ وَكَتَبَهُ الْعَبْدُ الْفَقِيرُ الْوَاثِقُ بِاللُّطْفِ الْخَفِيِّ قَاسِمُ الدَّنَوْشَرِيُّ الْحَنَفِيُّ فِي غُرَّةِ مُحَرَّمٍ الْحَرَامِ افْتِتَاحَ سَنَةِ ١٠٣٩ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ آمِينَ.

(سُئِلَ) فِي دَارٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ وَحِيطَانُهَا مُكَلَّسَةٌ مِنْ زَمَنِ وَاقِفِهَا ثُمَّ سَقَطَ كِلْسُهَا وَيُرِيدُ النَّاظِرُ إعَادَتَهُ مِنْ أُجْرَتِهَا عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا زَمَنَ وَاقِفِهَا وَتَزِيدُ الْأُجْرَةُ بِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَأَفْتَى بِالْمَسْأَلَةِ الْحَانُوتِيِّ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْكَازَرُونِيُّ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ وَبَسَطَهُ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا قُبَيْلَ الْوِتْرِ وَالنَّوَافِلِ وَفِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ أَيْضًا فِي دَارِ الْوَقْفِ الْمُعَدَّةِ لِلِاسْتِغْلَالِ إذَا خَرِبَ صِهْرِيجُهَا الْمُعَدُّ لِمَاءِ الْأَشْتِيَةِ هَلْ تَجِبُ عِمَارَتُهُ مِنْ أُجْرَتِهَا أَجَابَ: نَعَمْ تَجِبُ عِمَارَتُهُ مِنْ أُجْرَتِهَا فَقَدْ صَرَّحُوا بِوُجُوبِ الْعِمَارَةِ فِي الْأَوْقَافِ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا زَمَنَ الْوَاقِفِ حَتَّى قَالُوا الْبَيَاضُ وَالْحُمْرَةُ فِي الْحِيطَانِ إنْ لَمْ تَكُنْ فِي زَمَنِهِ لَا تُفْعَلُ وَإِلَّا تُفْعَلُ اهـ.

(سُئِلَ) فِي النَّاظِرِ إذَا عَمَّرَ فِي دَارِ الْوَقْفِ عِمَارَةً غَيْرَ ضَرُورِيَّةٍ وَغَيْرَ لَازِمَةٍ نَحْوُ دِهَانٍ وَنَقْشٍ وَمَصَبٍّ بِدُونِ حَظٍّ وَمَصْلَحَةٍ وَلَمْ يَكُنْ الْوَاقِفُ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ أَحْكَامُ الْبِنَاءِ وَيُرِيدُ احْتِسَابَ مَا صَرَفَهُ فِي ذَلِكَ عَلَى مُسْتَحِقِّي الْوَقْفِ وَهُمْ لَا يَرْضَوْنَ بِذَلِكَ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَإِنَّمَا تَسْتَحِقُّ الْعِمَارَةُ عَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا يَبْقَى الْمَوْقُوفُ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي وَقَفَهُ إلَى أَنْ قَالَ وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ عِمَارَةَ الْأَوْقَافِ زِيَادَةً عَلَى مَا كَانَتْ الْعَيْنُ عَلَيْهِ زَمَنَ الْوَاقِفِ لَا تَجُوزُ إلَّا بِرِضَا الْمُسْتَحِقِّينَ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ بِقَدْرِ مَا يَبْقَى الْمَوْقُوفُ عَلَى الصِّفَةِ مَنْعُ الْبَيَاضِ وَالْحُمْرَةِ عَلَى الْحِيطَانِ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ إنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَهُ الْوَاقِفُ وَإِنْ فَعَلَهُ الْوَاقِفُ فَلَا مَنْعَ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ جِهَاتِ وَقْفٍ مِنْ نَاظِرِهِ وَعَمَّرَ فِيهَا عِمَارَةً وَلَمْ يَكُنْ النَّاظِرُ أَذِنَ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا فَهَلْ تَلْزَمُ الْعِمَارَةُ جِهَةَ الْوَقْفِ حَيْثُ لَمْ يَأْذَنْ النَّاظِرُ لَهُ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا وَهَلْ لِلنَّاظِرِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْمَذْكُورِ أَيْ بِالْأُجْرَةِ أَمْ لَا؟

(فَأَقُولُ) أَفْتَى سَيِّدِي الْجَدُّ شَيْخُ الْإِسْلَامِ مُحِبُّ الدِّينِ بِأَنَّ الْعِمَارَةَ الْمَذْكُورَةَ لَا تَلْزَمُ جِهَةَ الْوَقْفِ وَالنَّاظِرُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ بِقِيمَتِهَا مَقْلُوعَةً أَوْ يُكَلِّفَ الْمُسْتَأْجِرَ قَلْعَهَا وَتَسْوِيَةَ أَرْضِ الْوَقْفِ فَيَفْعَلَ الْأَنْفَعَ لِلْوَقْفِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِسَانُ الْحُكَّامِ مِنْ أَوَاخِرِ الْفَصْلِ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي الْإِجَارَاتِ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَذِنَ مُتَوَلِّي وَقْفٍ لِمُسْتَأْجِرِ مُسْتَغَلٍّ مِنْ مُسْتَغَلَّاتِ الْوَقْفِ بِتَعْمِيرِ مَا كَانَ ضَرُورِيًّا وَيَرْجِعُ مُعْظَمُ مَنْفَعَتِهِ لِلْوَقْفِ وَالصَّرْفُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ لِيَكُونَ مُرْصَدًا لَهُ عَلَى الْوَقْفِ فَعَمَّرَ الْمُسْتَأْجِرُ ذَلِكَ وَصَرَفَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ مَصْرِفَ الْمِثْلِ وَيُرِيدُ الْمُسْتَأْجِرُ الرُّجُوعَ عَلَى الْآذِنِ بِمَا صَرَفَهُ بِالْإِذْنِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَمَرَّ نَقْلُهَا عَنْ الْقُنْيَةِ وَغَيْرِهَا وَفِي فَتَاوَى الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ مَا نَصُّهُ الْعِمَارَةُ الْغَيْرُ الضَّرُورِيَّةِ لَا تَكُونُ لَازِمَةً لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَالْعِمَارَةُ الضَّرُورِيَّةُ لَازِمَةٌ لَهُ إنْ ثَبَتَتْ فِي وَجْهِ النَّاظِرِ الْآنَ عَلَى الْوَقْفِ بَعْدَ دَعْوَى صَحِيحَةٍ شَرْعِيَّةٍ اهـ.

(أَقُولُ) وَقَيَّدَ فِي السُّؤَالِ بِقَوْلِهِ مَا كَانَ ضَرُورِيًّا لِمَا فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ أَيْضًا فِي جَوَابِ سُؤَالٍ أَنَّ الْإِذْنَ لِزَيْدٍ مِنْ قِبَلِ النَّاظِرِ وَأَنَّ مَا يَصْرِفُهُ عَلَى الْعِمَارَةِ الْمَزْبُورَةِ يَكُنْ مُرْصَدًا لَهُ عَلَى الدَّارِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِالْعِمَارَةِ الضَّرُورِيَّةِ مَثَلًا فَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْعِمَارَةُ الْمَزْبُورَةُ مِلْكًا لِلْمُعَمِّرِ يَصِحُّ بَيْعُهَا اهـ فَتَأَمَّلْ وَلَمْ يُقَيِّدْ الْمُؤَلِّفُ هُنَا الرُّجُوعَ بِمَا إذَا كَانَ التَّعْمِيرُ بِإِذْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>