للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ قَالَ وَنَقَلَ سَيِّدِي عَبْدُ الْغَنِيِّ النَّابُلُسِيُّ قُدِّسَ سِرُّهُ عَنْ وَقْفِ هِلَالٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - جَعَلَ النَّظَرَ لِعَبْدِ اللَّهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ لِزَيْدٍ فَأَوْصَى عَبْدُ اللَّهِ لِبَكْرٍ وَمَاتَ يَكُونُ النَّظَرُ لِزَيْدٍ وَلَا يُشَارِكُهُ بَكْرٌ قَالَ يَعْنِي سَيِّدِي عَبْدَ الْغَنِيِّ وَهَذَا نَصٌّ عَلَى رَدِّ جَوَابِ صَاحِبِ الْأَشْبَاهِ فَأَجَابَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ يُحْمَلُ مَا فِي هِلَالٍ عَلَى حَالَةِ الصِّحَّةِ فَلَا يُعَارِضُ مَا فِي الْمَرَضِ وَأَجَابَ قُدِّسَ سِرُّهُ بِأَنَّ مُقْتَضَى الْوَصِيَّةِ أَنْ تَكُونَ فِي الْمَرَضِ وَأَجَابَ عَنْ إفْتَاءِ الشَّامِ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ أَرْشَدَ؛ لِأَنَّ الْمُفَوِّضَ الْأَرْشَدَ يَفْعَلُ الْأَصْلَحَ وَأَمَّا إذَا فَوَّضَهُ لِغَيْرِ الْأَرْشَدِ فَقَدْ خَالَفَ شَرْطَ الْوَاقِفِ وَالْأَصْلَحَ. اهـ.

(يَقُولُ الْفَقِيرُ) أَمَّا نَصُّ هِلَالٍ فَيَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ وَلَا يُخَصِّصُهُ جَوَابُ صَاحِبِ الْأَشْبَاهِ الْمَقْدُوحِ فِيهِ مَعَ أَنَّهُ فَهْمٌ مُخَالِفٌ لِشَرْطِ الْوَاقِفِ عَلَى أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ النَّاظِرَ إذَا لَمْ يُرَاعِ شَرْطَ الْوَاقِفِ يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الْقَاضِي فَكَيْفَ يُهْدَرُ شَرْطُ الْوَاقِفِ لِأَجْلِ عَدَمِ مُرَاعَاةِ النَّاظِرِ وَحَيْثُ وُجِدَ نَصُّ هِلَالٍ الْمَنْقُولُ لَا يُعَارَضُ بِالْعُقُولِ وَتَوْفِيقُ الشَّيْخِ قُدِّسَ سِرُّهُ هُوَ عَيْنُ الْمَنْقُولِ وَالصَّوَابِ.

وَقَوْلُ الْمُخَالِفِ: إنَّ الْأَرْشَدَ مُخْتَارُ الْوَاقِفِ فَإِذَا اخْتَارَ غَيْرَ الْأَرْشَدِ صَارَ غَيْرُ الْأَرْشَدِ مُخْتَارَ الْمُخْتَارِ فَيَكُونُ مُخْتَارًا مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيلٌ عَقْلِيٌّ مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِ الْمَنْقُولِ عَنْ هِلَالٍ وَلِأَنَّ الْوَاقِفَ اخْتَارَ الْأَرْشَدِيَّةَ فَكَيْفَ يَكُونُ غَيْرُ الْأَرْشَدِ مُخْتَارًا لَهُ وَأَيْضًا لَوْ كَانَ كُلُّ مُخْتَارِ النَّاظِرِ مُخْتَارًا لِلْوَاقِفِ مَا كَانَ يَنْعَزِلُ إذَا لَمْ يُرَاعِ شَرْطَ الْوَاقِفِ وَالْعَجَبُ مِنْ حَمْلِ نَصِّ هِلَالٌ عَلَى حَالِ الصِّحَّةِ وَعَدَمِ الْحَمْلِ فِي إفْتَاءِ الشَّامِ عَلَى النَّظَرِ الَّذِي يَمْلِكُهُ الْمُفَوِّضُ وَهُوَ كَوْنُهُ لِلْأَرْشَدِ اهـ كَلَامُ الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ الْغَزِّيِّ أَمِينِ الْفَتْوَى بِدِمَشْقَ وَهُوَ تَحْقِيقٌ بِالْقَبُولِ حَقِيقٌ قَدْ أَوْضَحَ اللَّبْسَ وَأَزَالَ كُلَّ تَخْمِينٍ وَحَدْسٍ وَقَدْ أَيَّدَ مَا قُلْنَاهُ فَافْهَمْهُ وَاحْفَظْهُ وَدَعْ غَيْرَهُ وَلَا تَلْحَظْهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَفِي مَجْمُوعَةِ الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ الْغَزِّيِّ الْمَذْكُورِ مَا نَصُّهُ فِي وَاقِفٍ شَرَطَ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ فِي حَيَاتِهِ ثُمَّ لِلْأَرْشَدِ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ ثُمَّ أَقَامَ ابْنَهُ الْمَعْلُومَ نَاظِرًا فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ بِلَا مُشَارِكٍ لَهُ وَمَاتَ قَامَ ابْنُهُ الْآخَرُ يَدَّعِي أَرْشَدِيَّتَهُ عَلَى الِابْنِ النَّاظِرِ وَأَثْبَتهَا وَطَلَبَ الْحُكْمَ لَهُ بِالنَّظَرِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِقَوْلِ الدُّرِّ لَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْ الْوَقْفِ إذَا كَانَ مُسَجَّلًا وَلَكِنْ يَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْمَشْرُوطِ كَالْمُؤَذِّنِ وَالْإِمَامِ وَالْمُعَلِّمِ وَإِنْ كَانُوا أَصْلَحَ اهـ وَلَا تَغْفُلْ عَنْ قَوْلِهِ الْمَشْرُوطِ وَإِنْ كَانَ أَصْلَحَ وَفِي الْبَحْرِ التَّوْلِيَةُ تُخَالِفُ سَائِرَ الشُّرُوطِ بِأَنَّ لَهُ التَّغْيِيرَ فِيهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ اهـ.

كَلَامُهُ وَحَاصِلُهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْوَاقِفِ وَالنَّاظِرِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْوَاقِفَ لَهُ التَّفْوِيضُ لِغَيْرِ الْأَرْشَدِ بِخِلَافِ النَّاظِرِ.

(سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ مَرِضَ فَفَوَّضَ وَأَسْنَدَ نَظَرَ الْوَقْفِ لِابْنِهِ الْبَالِغِ ثُمَّ عُوفِيَ مِنْ مَرَضِهِ الْمَذْكُورِ وَتَصَرَّفَ ابْنُهُ فِي أُمُورِ الْوَقْفِ مُدَّةً بِمُقْتَضَى التَّفْوِيضِ وَالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورَيْنِ فَهَلْ يَكُونُ كُلٌّ مِنْ التَّفْوِيضِ وَالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورَيْنِ وَالتَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ غَيْرَ صَحِيحٍ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا نَصَّبَ الْقَاضِي امْرَأَةً مِنْ مُسْتَحِقِّي الْوَقْفِ نَاظِرَةً عَلَيْهِ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُعَارِضُهَا فِي ذَلِكَ زَاعِمًا أَنَّهُ أَحَقُّ مِنْهَا لِكَوْنِهِ ذَكَرًا وَأَرْشَدَ مِنْهَا وَالْحَالُ أَنَّهَا أَمِينَةٌ أَهْلٌ لِلنِّظَارَةِ كَافِيَةٌ بِمَصَالِحِ الْوَقْفِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ النَّظَرَ لِلْأَرْشَدِ فَهَلْ يُمْنَعُ مِنْ مُعَارَضَتِهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ يُمْنَعُ حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ إلَّا بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ الْمَذْكُورِ وَالْأُنُوثَةُ لَا تَمْنَعُ الرُّشْدَ.

(سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ شَرْعِيٍّ حَصَلَ لَهُ دَاءُ الْفَالِجِ فَأَقْعَدَهُ فِي الْفِرَاشِ وَمَنَعَهُ عَنْ الْحَرَكَةِ وَاعْتَقَلَ لِسَانُهُ وَعَجَزَ عَنْ تَعَاطِي مَصَالِحِ الْوَقْفِ بِالْكُلِّيَّةِ فَأَخْرَجَهُ الْقَاضِي عَنْ وَظِيفَةِ النَّظَرِ وَنَصَّبَ مَكَانَهُ رَجُلَيْنِ مِنْ مُسْتَحِقِّي الْوَقْفِ إخْرَاجًا وَنَصْبًا شَرْعِيَّيْنِ فَهَلْ صَحَّ كُلٌّ مِنْ الْإِخْرَاجِ وَالنَّصْبِ الْمَذْكُورَيْنِ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْقَاضِي فِي الْأَوْقَافِ مُقَيَّدٌ بِالْمَصْلَحَةِ وَيَجِبُ الْإِفْتَاءُ وَالْقَضَاءُ بِكُلِّ مَا هُوَ أَنْفَعُ لِلْوَقْفِ وَحَيْثُ رَأَى

<<  <  ج: ص:  >  >>