الْمُتَوَلِّيَ كَالْوَكِيلِ فِي مَوَاضِعَ وَوَقَعَ خِلَافٌ فِي أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ وَكِيلُ الْوَاقِفِ أَوْ وَكِيلُ الْفُقَرَاءِ فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ بِالْأَوَّلِ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ بِالثَّانِي وَمِمَّا هُوَ صَرِيحٌ فِي قَبُولِ قَوْلِ الْوَكِيلِ وَلَوْ بَعْدَ الْعَزْلِ فَرْعٌ فِي الْقُنْيَةِ قَالَ وَكَّلَهُ وَكَالَةً عَامَّةً بِأَنْ يَقُومَ بِأَمْرِهِ وَيُنْفِقَ عَلَى أَهْلِهِ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ وَلَمْ يُعَيِّنْ شَيْئًا لِلْإِنْفَاقِ بَلْ أَطْلَقَ ثُمَّ مَاتَ الْمُوَكِّلُ فَطَالَبَهُ الْوَرَثَةُ بِبَيَانِ مَا أَنْفَقَ وَمَصْرِفِهِ فَإِنْ كَانَ عَدْلًا يُصَدَّقُ فِيمَا قَالَ، وَإِنْ اتَّهَمُوهُ حَلَّفُوهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ بَيَانُ جِهَاتِ الْإِنْفَاقِ وَمَنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ الضَّمَانِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَإِنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ اهـ هَذَا صَرِيحٌ فِي قَبُولِ قَوْلِهِ فِي دَعْوَى الْإِنْفَاقِ لَوْ بَعْدَ الْعَزْلِ وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ الْعَزْلَ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ أَمِينًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ أَنَّهُ دَفَعَهُ لِمُوَكِّلِهِ فِي حَيَاتِهِ فِي حَقِّ بَرَاءَةِ نَفْسِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَمَا تَقَدَّمَ اهـ مَا فِي الْحَمَوِيِّ وَيُسْتَنْبَطُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ النَّاظِرَ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي الدَّفْعِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ بَعْدَ عَزْلِهِ كَالْوَكِيلِ فِي قَبْضِ الدَّيْنِ إذَا مَاتَ الْمُوَكِّلُ وَصَدَّقَتْهُ الْوَرَثَةُ فِي الْقَبْضِ وَكَذَّبُوهُ فِي الدَّفْعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ بِالْقَبْضِ صَارَ الْمَالُ فِي يَدِهِ وَدِيعَةً فَتَصْدِيقُهُمْ لَهُ بَعْدَ اعْتِرَافِهِمْ بِأَنَّهُ مُودَعٌ كَافٍ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ الْمَالُ.
وَقَدْ أَفْتَى الْمَرْحُومُ الْوَالِدُ بِأَنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ مَا دَامَ نَاظِرًا وَلَمْ يَذْكُرْ نَقْلًا وَالْمَسْأَلَةُ تَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ صَرِيحٍ مِنْ كِتَابٍ صَحِيحٍ حَنَى يُطَمْئِنَ الْقَلْبَ فِي الْجَوَابِ فِي الْقَبُولِ أَوْ عَدَمِهِ بِمَا يَرَى فِي الْكِتَابِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ وَأَمَّا قَبُولُ قَوْلِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُسْتَحِقِّينَ فَقَالَ الْمَرْحُومُ الشَّيْخُ عَلَاءُ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى فِي أَوَاخِرِ الْوَقْفِ وَكَذَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لَوْ ادَّعَى الدَّفْعَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ إلَّا فِي نَفَقَةٍ زَائِدَةٍ خَالَفَتْ الظَّاهِرَ اهـ.
وَأَمَّا فِي دَفْعِهِ لِأَرْبَابِ الْوَظَائِفِ فَقَدْ سُئِلَ الْمَوْلَى الْهَمَّامُ عُمْدَةُ الْأَنَامِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الشَّيْخُ أَبُو السُّعُودِ أَفَنْدِي الْعِمَادِيُّ مُفْتِي السَّلْطَنَةِ الْعَلِيَّةِ عَنْ سُؤَالٍ رُفِعَ إلَيْهِ فِي دَفْعِ الْوَظِيفَةِ الْمُعَيَّنَةِ فِي الْوَقْفِ لِلْخَطِيبِ أَوْ الْإِمَامِ أَوْ الْمُؤَذِّنِ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُ النَّاظِرِ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ فَأَجَابَ لَا يُقْبَلُ لِمَا فِيهَا مِنْ جَانِبِ الْإِجَارَةِ وَهُوَ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا لِمَصْلَحَةِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ ادَّعَى الدَّفْعَ إلَيْهِ لَا يُقْبَلُ بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى الدَّفْعَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ كَأَوْلَادِ الْوَاقِفِ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ لِعَدَمِ مُلَاحَظَةِ جَانِبِ الْإِجَارَةِ فِيهِمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الْغَزِّيُّ التُّمُرْتَاشِيُّ فِي فَتَاوِيهِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذِهِ الْفَتْوَى وَهُوَ تَفْصِيلٌ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ فَلْيُعْمَلْ بِهِ اهـ.
وَقَالَ الْمَوْلَى عَطَاءُ اللَّهِ أَفَنْدِي فِي مَجْمُوعَتِهِ سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا أَفَنْدِي عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَعْنِي مَسْأَلَةَ قَبُولِ قَوْلِهِ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ الْوَظِيفَةُ فِي مُقَابَلَةِ الْخِدْمَةِ فَهِيَ أُجْرَةٌ لَا بُدَّ لِلْمُتَوَلِّي مِنْ إثْبَاتِ الْأَدَاءِ بِالْبَيِّنَةِ وَإِلَّا فَهِيَ صِلَةٌ وَعَطِيَّةٌ يُقْبَلُ فِي أَدَائِهَا قَوْلُ الْمُتَوَلِّي مَعَ يَمِينِهِ وَأَفْتَى مَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْمَشَايِخِ الْإِسْلَامِيَّةِ إلَى هَذَا الزَّمَانِ عَلَى هَذَا مُتَمَسِّكِينَ بِتَجْوِيزِ الْمُتَأَخِّرِينَ الْأُجْرَةَ فِي مُقَابَلَةِ الطَّاعَاتِ لَكِنْ قَالَ التُّمُرْتَاشِيُّ الْمُتَقَدِّمُ فِي كِتَابِهِ شَرْحِ تُحْفَةِ الْأَقْرَانِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذِهِ الْفَتْوَى وَهُوَ فِقْهٌ حَسَنٌ غَيْرَ أَنَّ عُلَمَاءَنَا عَلَى الْإِفْتَاء بِخِلَافِهِ. اهـ. قُلْت فَالْمَذْكُورُ فِي الْإِسْعَافِ وَالْخَصَّافِ وَوَقْفِ الْكَرَابِيسِيُّ وَالْأَشْبَاهُ مِنْ الْأَمَانَاتِ وَالزَّاهِدِيِّ عَنْ وَقْفِ النَّاصِحِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الدَّفْعِ إلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ بِدُونِ تَفْصِيلٍ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الذُّرِّيَّةِ لَا عَلَى الْمُرْتَزِقَةِ فَيَحْصُلُ التَّوْفِيقُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ بِلَامَيْنِ وَقَدْ اعْتَمَدَ تَفْصِيلُ الْمَوْلَى أَبِي السُّعُودِ ابْنِ التُّمُرْتَاشِيِّ الْمَذْكُورِ فِي كِتَابِهِ الزَّوَاهِرِ عَلَى الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ لَكِنْ بِدُونِ عَزْوٍ إلَى كِتَابٍ.
وَقَالَهُ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى التَّنْوِيرِ وَقَدْ عَزَاهُ لِحَاشِيَةِ أَخِي زَادَهْ مِنْ الْعَارِيَّةِ بِزِيَادَةِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ مَا أَنْكَرُوهُ بَلْ يَدْفَعُوهُ ثَانِيًا مِنْ مَالِ الْوَقْفِ اهـ فَلْيُحْفَظْ.
قَالَ الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْبَحْرِ وَالْجَوَابُ عَمَّا تَمَسَّكَ بِهِ الْعِمَادِيُّ أَنَّهَا لَيْسَ لَهَا حُكْمُ الْإِجَارَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ فِيهَا شَوْبَ الْأُجْرَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute