للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالصِّلَةِ وَالصَّدَقَةِ وَمُقْتَضَى مَا قَالَهُ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي حَقِّ بَرَاءَةِ نَفْسِهِ لَا فِي حَقِّ صَاحِبِ الْوَظِيفَةِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِيمَا فِي يَدِهِ فَيَلْزَمُ الضَّمَانُ فِي الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ عَامِلٌ لَهُ وَفِيهِ ضَرَرٌ بِالْوَقْفِ فَالْإِفْتَاءُ بِمَا قَالَهُ الْعُلَمَاءُ مُتَعَيَّنٌ وَقَوْلُ الْغَزِّيِّ هُوَ تَفْصِيلٌ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ فَلْيُعْمَلْ بِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ إذْ يَلْزَمُ مِنْهُ تَضْمِينُ النَّاظِرِ إذَا دَفَعَ لَهُمْ بِلَا بَيِّنَةٍ لِتَعَدِّيهِ فَافْهَمْ اهـ.

(قُلْت) تَفْصِيلُ الْمَوْلَى أَبِي السُّعُودِ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ بِاعْتِبَارِ التَّمْثِيلِ بِالْأُجْرَةِ إذَا اسْتَعْمَلَ النَّاظِرُ رَجُلًا فِي عِمَارَةٍ يَحْتَاجُ إلَى الْبَيِّنَةِ فِي الدَّفْعِ لَهُ فَهِيَ مِثْلُهَا وَقَوْلُ الْعُلَمَاءِ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ مِنْ الْأَوْلَادِ لَا أَرْبَابِ الْوَظَائِفِ الْمَشْرُوطِ عَلَيْهِمْ الْعَمَلُ أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ إذَا لَمْ يَعْمَلُوا لَا يَسْتَحِقُّونَ الْوَظِيفَةَ فَهِيَ كَالْأُجْرَةِ لَا مَحَالَةَ وَهُوَ كَأَنَّهُ أُجْبِرَ فَإِذَا اكْتَفَيْنَا بِيَمِينِ النَّاظِرِ يَضِيعُ عَلَيْهِ الْأَجْرُ لَا سِيَّمَا نُظَّارُ هَذَا الزَّمَانِ وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَهَذَا مَا ظَهَرَ لَنَا فِي هَذَا الْأَوَانِ عَلَى حَسَبِ الْإِمْكَانِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ وَهُوَ الْهَادِي وَعَلَيْهِ فِي كُلِّ الْأُمُورِ اعْتِمَادِي.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ النَّاظِرُ اسْتِحْقَاقَ رَجُلٍ تُوُفِّيَ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ إلَى جَمَاعَةٍ فِي دَرَجَةِ الْمُتَوَفَّى مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ فَادَّعَى رَجُلٌ آخَرُ مِنْ مُسْتَحِقِّي الْوَقْفِ أَنَّهُ يُشَارِكُ الْجَمَاعَةَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ الْمَذْكُورِ وَيُطَالِبُ النَّاظِرَ بِمَا خَصَّهُ مِنْ ذَلِكَ فِي السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ فَهَلْ إذَا أَثْبَتَ دَعْوَاهُ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَطَلَبُهُ عَلَى الْمُتَنَاوِلِينَ لِذَلِكَ لَا عَلَى النَّاظِرِ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ إذْ النَّاظِرُ دَفَعَ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ غَيْرُ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ عَنْ ظَنِّ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ بِعَدَمِ عِلْمِهِ الْمُسْتَحِقَّ وَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِهِ مَعَ عَدَمِ الضَّمَانِ وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي الْوَقْفِ وَالْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا فِي صُوَرِ الْمَسَائِلِ نَقْلًا عَنْ نَقْدِ الْمَسَائِلِ مِنْ أَنَّهُ إذَا دَفَعَ لِلْجَمَاعَةِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ رَجَعَ بِمَا يَخُصُّهُ عَلَى النَّاظِرِ وَإِلَّا رَجَعَ عَلَى الْجَمَاعَةِ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الْوَصِيِّ إذَا قَضَى دَيْنَ الْمَيِّتِ بِجَمِيعِ التَّرِكَةِ ثُمَّ ظَهَرَ دَيْنٌ آخَرُ فَإِنَّهُمْ قَالُوا إنْ دَفَعَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ رَجَعَ الدَّائِنُ عَلَيْهِ وَإِلَّا عَلَى الْقَابِضِينَ إلَخْ إذْ الدَّفْعُ فِي مَسْأَلَتِنَا بِحَقٍّ بِالتَّصَرُّفِ وَلِكَوْنِهِمْ مِنْ الذُّرِّيَّةِ وَهُوَ كَالدَّفْعِ بِقَضَاءٍ.

(أَقُولُ) تَأَمَّلْ فِيمَا أَجَابَ بِهِ وَعَنْ دَفْعِ الْمُنَافَاةِ فَإِنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ لِي وَفِي فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ مَا يُخَالِفُهُ فَإِنَّ فِيهَا عَنْ فَتَاوَى الشَّيْخِ يَحْيَى بْنِ الشَّيْخِ زَكَرِيَّا سُئِلَ فِي وَقْفٍ عَلَى الذُّرِّيَّةِ فَرَّقَ النَّاظِرُ الْغَلَّةَ سِنِينَ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ ثُمَّ أَثْبَتَ وَاحِدٌ أَنَّهُ مِنْهُمْ وَقَضَى بِهِ عَلَى النَّاظِرِ وَطَالَبَهُ بِمَا يَخُصُّهُ فِي الْمَاضِي فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ أَجَابَ إنْ دَفَعَ لِلْجَمَاعَةِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ رَجَعَ بِمَا يَخُصُّهُ عَلَى النَّاظِرِ وَإِلَّا رَجَعَ عَلَى الْجَمَاعَةِ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الْوَصِيِّ إذَا قَضَى دَيْنَ الْمَيِّتِ بِجَمِيعِ التَّرِكَةِ ثُمَّ ظَهَرَ دَيْنٌ آخَرُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا إنْ دَفَعَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ رَجَعَ الدَّائِنُ عَلَيْهِ وَإِلَّا عَلَى الْقَابِضِينَ وَلَا يُعَارِضُهُ مَا فِي الْقُنْيَةِ لَوْ قَضَى بِدُخُولِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ بَعْدَ مُضِيِّ سِنِينَ فَإِنَّهُ يَظْهَرُ حُكْمُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَا فِي الْمَاضِي إلَّا إذَا كَانَتْ الْغَلَّةُ قَائِمَةً. اهـ.؛ لِأَنَّ دُخُولَهُمْ مُخْتَلَفٌ فِيهِ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ لِلْإِنْفَاقِ اهـ.

وَهَذَا مَا مَرَّ نَقْلُهُ عَنْ صُوَرِ الْمَسَائِلِ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ سُؤَالًا آخَرَ نَحْوَ مَا مَرَّ ثُمَّ ذَكَرَ الْجَوَابَ بِمَا نَصُّهُ الَّذِي وَقَفْت عَلَيْهِ فِي السَّادِسِ مِنْ الْوَقْفِ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ فِي ضِمْنِ مَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا بَرْهَنَ عَلَى الْقَرَابَةِ رَجَعَ عَلَيْهِمْ فِيمَا قَبَضُوهُ وَلِذَلِكَ نَظِيرٌ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ صَرَفَ النَّاظِرُ لِبَعْضِ الْمُسْتَحِقِّينَ وَأَحْرَمَ الْبَاقِيَ لِلْمَحْرُومِ الرُّجُوعُ عَلَى النَّاظِرِ لِتَعَدِّيهِ أَوْ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ لِأَخْذِهِ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ وَالنَّاظِرُ هُنَا لَمْ يَتَعَدَّ فَتَعَيَّنَتْ الْجِهَةُ الْأُخْرَى وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا وَفَّى الدَّيْنَ بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَأَذِنَ الْقَاضِي ثُمَّ ظَهَرَ دَيْنٌ آخَرُ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يُشَارِكُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَبِمِثْلِ ذَلِكَ أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ أَيْضًا وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَقَعُ كَثِيرًا فَلْتُحْفَظْ فَإِنَّهَا مُهِمَّةٌ وَأَفْتَى الْمِهْمَنْدَارِي فِي أَخٍ دَفَعَ لِأُخْتِهِ نِصْفَ الْوَقْفِ ظَانًّا أَنَّهُ بَيْنَهُمَا أَنْصَافًا فَظَهَرَ أَنَّهُ أَثْلَاثٌ بِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَلَيْهَا بِمَا قَبَضَتْهُ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَحَاسَبَ نَاظِرُ الْوَقْفِ مَعَ الْمُسْتَحِقِّينَ عَلَى مَا قَبَضَهُ مِنْ غَلَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>