للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَنَّهُ يَضْمَنُ ذَلِكَ بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَقْطَعَ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ مِنْ الْمَرْصَدِ حَتَّى تَتَخَلَّصَ رَقَبَةُ الْوَقْفِ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ يَصْرِفَ مَا يَقْبِضُهُ فِي الْعِمَارَةِ اللَّازِمَةِ وَيُوَافِقُهُ مَا فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ حَيْثُ سُئِلَ فِي دَارِ وَقْفٍ عَلَيْهِ مَبْلَغٌ مُرْصَدٌ لِجَمَاعَةٍ صُرِفَ فِي عِمَارَتِهَا الضَّرُورِيَّةِ وَالْآنَ تَحْتَاجُ الدَّارُ إلَى التَّعْمِيرِ وَيُرِيدُ النَّاظِرُ أَنْ يُعَمِّرَهَا وَيَدْفَعَ الْمَرْصَدَ الَّذِي عَلَيْهَا مِنْ غَلَّتِهَا وَيَقْطَعَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ، وَالْمُسْتَحَقُّونَ يُطَالِبُونَهُ بِقَدْرِ اسْتِحْقَاقِهِمْ حَالَ كَوْنِهَا مُحْتَاجَةً إلَى التَّعْمِيرِ فَهَلْ التَّعْمِيرُ وَدَفْعُ الْمَرْصَدِ الَّذِي عَلَيْهَا مُقَدَّمٌ عَلَى الدَّفْعِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ أَجَابَ نَعَمْ يُقَدَّمُ عَلَى الدَّفْعِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ فِيمَا هُوَ الشَّائِعُ فِي زَمَانِنَا فَإِنَّ ذَلِكَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلنَّاظِرِ دَفْعُ شَيْءٍ لِلْمُسْتَحِقِّينَ حَتَّى يَقْضِيَ جَمِيعَ الدَّيْنِ ثُمَّ رَأَيْت أَيْضًا مَا يُؤَيِّدُهُ فِي مَجْمُوعَةِ شَيْخِ مَشَايِخِنَا مُنْلَا عَلِيٍّ التُّرْكُمَانِيِّ بِخَطِّهِ، وَنَصُّهُ فِي نَاظِرِ وَقْفٍ وَلِأَحَدِ مُسْتَحِقِّيهِ عَلَى رَقَبَةِ ذَلِكَ الْوَقْفِ مَبْلَغٌ مُتَرَتِّبٌ فَصَرَفَ النَّاظِرُ الْغَلَّةَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ مُدَّةً مِنْ غَيْرِ إذْنِ حَاكِمٍ ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ بَعْضُ الْمُسْتَحِقِّينَ بِأَنَّ ذَلِكَ الصَّرْفَ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا لِكَوْنِ الْمُسْتَحِقِّينَ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي الْغَلَّةِ مَعَ وُجُودِ الدَّيْنِ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ بِذَلِكَ الصَّرْفِ وَضَامِنٌ لَهُ فَشَهِدَ اثْنَانِ عِنْدَ حَاكِمٍ بِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ بِالدَّفْعِ مِنْ قِبَلِ قَاضٍ وَأَحَدُ الشُّهُودِ يَسْتَحِقُّ وَلَدُهُ فِي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ فَهَلْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ لَا تُقْبَلُ مِنْهُ لِكَوْنِهِ شَهِدَ لِفَرْعِهِ وَلِعَوْدِ الْمَنْفَعَةِ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟

(الْجَوَابُ) : الْوَقْفُ مَا دَامَ مُحْتَاجًا إلَى الْعِمَارَةِ كَانَ الْمُتَوَلِّي ضَامِنًا بِالدَّفْعِ إلَى الْمُسْتَحِقِّينَ وَلَوْ أَمَرَهُ الْقَاضِي كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ فَإِذَا زَالَ الِاحْتِيَاجُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ مُحَمَّدٌ الْمُفْتِي بِمَدِينَةِ حَلَبَ عُفِيَ عَنْهُ أَعْنِي بِهِ الْمَوْلَى مُحَمَّدًا أَفَنْدِي الْكَوَاكِبِيَّ شَارِحَ نَظْمِ الْمَنَارِ الْأُصُولِيِّ وَغَيْرِهِ اهـ مَا رَأَيْته بِخَطِّ مُنْلَا عَلِيٍّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا قَبَضَ مُتَوَلِّي وَقْفِ بِرٍّ بَعْضَ مَالِ الْوَقْفِ عَنْ سَنَةِ كَذَا الْمَعْلُومَةِ وَمَاتَ مُجْهِلًا وَتَوَلَّى الْوَقْفَ زَيْدٌ وَقَبَضَ مَالِ الْوَقْفِ عَنْ سَنَةٍ أُخْرَى تَلِي الْأُولَى وَطَالَبَهُ أَرْبَابُ وَظَائِفِ الْوَقْفِ بِالْمُنْكَسِرِ لَهُمْ مِنْ جَوَامِكِهِمْ عِنْدَ الْمُتَوَلِّي الْمُتَوَفَّى عَنْ السَّنَةِ الْأُولَى فَدَفَعَهُ لَهُمْ مِنْ غَلَّةِ السَّنَةِ التَّالِيَةِ لِلْأُولَى ظَانًّا لُزُومَهُ لَهُمْ مِنْ غَلَّةِ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَوُجُوبَهُ وَلَمْ يَشْرِطْ الْوَاقِفُ صَرْفَ رَيْعِ سَنَةٍ فِي سَنَةٍ وَلَا نَصَّ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ فِي تَوْلِيَتِهِ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ عَلَيْهِمْ بِنَظِيرِ مَا دَفَعَ لَهُمْ وَمُحَاسَبَتَهُمْ بِهِ عَمَّا يَسْتَحِقُّونَهُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ فَهَلْ لِلْمُتَوَلِّي ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلِلشَّيْخِ خَيْرِ الدِّينِ فِي فَتَاوِيهِ كَلَامٌ ضِمْنَ سُؤَالٍ رُفِعَ إلَيْهِ فِيمَا إذَا دَفَعَ إلَى الْمُسْتَحِقِّينَ وَخِيفَ ضَرَرٌ بَيِّنٌ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِهِ قَائِمًا وَيَضْمَنُ بَدَلَهُ مُسْتَهْلَكًا؛ لِأَنَّهُ مَا دَفَعَهُ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ وَإِنَّمَا دَفَعَهُ عَلَى أَنَّهُ حَقُّ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ وَهَذَا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ فَفِي شَرْحِ النَّظْمِ الْوَهْبَانِيِّ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ مَنْ دَفَعَ شَيْئًا لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ إلَّا إذَا دَفَعَهُ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ وَاسْتَهْلَكَهُ الْقَابِضُ اهـ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ مَنْ ظَنَّ أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا فَبَانَ خِلَافُهُ رَجَعَ بِمَا أَدَّى وَلَوْ كَانَ قَدْ اسْتَهْلَكَهُ رَجَعَ بِبَدَلِهِ اهـ وَفِي الْخَيْرِيَّةِ أَيْضًا لَا يَجُوزُ صَرْفُ رَيْعِ سَنَةٍ فِي سَنَةٍ إلَّا إذَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ أَوْ نَصَّ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ فِي تَوْلِيَتِهِ كَمَا فِي فَتَاوَى الشَّلَبِيِّ اهـ.

(سُئِلَ) عَنْ مُتَوَلٍّ قَبَضَ الْغَلَّةَ وَوَفَّى دَيْنَهُ بِهَا وَتَرَكَ الْعِمَارَةَ مَعَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا هَلْ تَثْبُتُ خِيَانَتُهُ بِذَلِكَ وَيَجِبُ إخْرَاجُهُ أَمْ لَا (أَجَابَ) نَعَمْ تَثْبُتُ خِيَانَتُهُ بِذَلِكَ وَيَجِبُ إخْرَاجُهُ فَقَدْ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ امْتِنَاعَهُ مِنْ التَّعْمِيرِ خِيَانَةٌ وَصَرَّحَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ بِأَنَّ عَزْلَ الْقَاضِي لِلْخَائِنِ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ وَلَوْ أَنْفَقَ الْمُتَوَلِّي دَرَاهِمَ الْوَقْفِ فِي حَاجَتِهِ ثُمَّ أَنْفَقَ مِثْلَهَا فِي مَرَمَّةِ الْوَقْفِ يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى الْوَاجِبَ إلَى مَحَلِّهِ وَمَصْرِفِهِ وَلَوْ جَاءَ بِمِثْلِ مَا أَنْفَقَ فِي حَاجَتِهِ وَخَلَطَهُ بِدَرَاهِمِ الْوَقْفِ صَارَ ضَامِنًا لِلْبَاقِي؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَهْلِكًا فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَبْرَأَ مِنْ الضَّمَانِ يُنْفِقُ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي عِمَارَةِ الْوَقْفِ مُحِيطُ السَّرَخْسِيِّ مِنْ بَابِ تَصَرُّفِ الْمُتَوَلِّي فِي الْوَقْفِ وَفِي فَتَاوَى الشَّلَبِيِّ مِنْ أَثْنَاءِ كِتَابِ الْوَقْفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>