كَذِبُ الْبَائِعِ فِيمَا أَخْبَرَهُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ جَارِيَةً فَوَجَدَهَا حُبْلَى فَهَلْ لَهُ رَدُّهَا؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَهُ رَدُّهَا بِعَيْبِ الْحَبَلِ وَالْحَبَلُ عَيْبٌ فِي الْجَارِيَةِ لَا فِي الْبَهَائِمِ وَالنِّكَاحُ فِي الْجَارِيَةِ وَالْغُلَامِ عَيْبٌ عَيْنِيٌّ عَلَى الْكَنْزِ وَلَوْ اشْتَرَى الْجَارِيَةَ وَقَبَضَهَا ثُمَّ قَالَ إنَّهَا لَا تَحِيضُ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ ارْتِفَاعَ الْحَيْضِ بِالْحَبَلِ أَوْ بِسَبَبِ الدَّاءِ فَإِنْ ادَّعَى بِسَبَبِ الْحَبَلِ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَيُرِيهَا الْقَاضِي النِّسَاءَ فَإِنْ قُلْنَ هِيَ حُبْلَى يَحْلِفُ الْبَائِعُ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ وَإِنْ قُلْنَ لَيْسَتْ بِحُبْلَى فَلَا يَمِينَ عَلَى الْبَائِعِ وَهُوَ نَظِيرُ مَا ذَكَرْنَا فِي الثِّيَابَةِ وَفِي دَعْوَى الْحَبَلِ يُرْجَعُ إلَى النِّسَاءِ وَفِي مَعْرِفَةِ دَاءٍ فِي بَطْنِهَا يُرْجَعُ إلَى الْأَطِبَّاءِ ثُمَّ فِي الدَّاءِ يُرَدُّ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ إذَا شَهِدَا أَنَّهُ قَدِيمٌ وَفِيمَا لَا يَنْظُرُ إلَيْهِ الرِّجَالُ كَالْقَرْنِ وَالرَّتَقِ وَنَحْوِهِ اخْتَلَفَتْ فِيهِ الرِّوَايَاتُ وَآخِرُ مَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ إنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَهُوَ عَيْبٌ لَا يَحْدُثُ يُرَدُّ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْآخَرِ وَالْمَرْأَةُ الْوَاحِدَةُ وَالْمَرْأَتَانِ فِيهِ سَوَاءٌ وَأَمَّا الْحَبَلُ فَيَثْبُتُ بِقَوْلِ النِّسَاءِ فِي حَقِّ الْخُصُومَةِ وَلَا يُرَدُّ بِشَهَادَتِهِنَّ خُفْيَةً مِنْ فَصْلِ الْعُيُوبِ رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً امْتَدَّ طُهْرُهَا لَا يُرَدُّ مَا لَمْ يَدَّعِ ارْتِفَاعَ الْحَيْضِ بِالدَّاءِ أَوْ بِالْحَبَلِ وَالرُّجُوعُ إلَى الْأَطِبَّاءِ فِي الدَّاءِ وَيُشْتَرَطُ اثْنَانِ وَفِي الْحَبَلِ إلَى النِّسَاءِ وَيُكْتَفَى بِالْوَاحِدَةِ وَارْتِفَاعُ الْحَيْضِ لَا بِأَحَدِ هَذَيْنِ السَّبَبَيْنِ لَيْسَ بِعَيْبٍ.
فَلَوْ ادَّعَى سَبَبَ الْحَبَلِ عَنْ مُحَمَّدٍ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ إنْ كَانَ مِنْ وَقْتِ شِرَاءِ الْجَارِيَةِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ تُسْمَعُ الدَّعْوَى وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَا وَفِي رِوَايَةٍ شَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ وَعَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ الْيَوْمَ إلَخْ خُلَاصَةٌ مِنْ الْعُيُوبِ ثُمَّ قَالَ وَلَوْ أَخْبَرَتْ امْرَأَةٌ أَنَّهَا حُبْلَى وَامْرَأَةٌ أَوْ أَكْثَرُ أَنَّهَا لَا حَبَلَ بِهَا صَحَّتْ الْخُصُومَةُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ تِلْكَ الْمَرْأَةِ عَلَى النَّفْيِ فَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ إنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ لَيْسَتْ لَهَا بِصَارَةٌ فَالْقَاضِي يَخْتَارُ مَنْ لَهَا بِصَارَةٌ وَتُوضَعُ الْجَارِيَةُ عَلَى يَدِ امْرَأَةٍ أَمِينَةٍ حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا إنْ أَنْكَرَهُ الْبَائِعُ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ كَمَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى وَيَزُولُ عَيْبُ الْحَبَلِ بِالْوِلَادَةِ عَلَى رِوَايَةِ كِتَابِ الْبُيُوعِ فَإِذَا قَبَضَهَا فَوَجَدَهَا حَامِلًا فَوَلَدَتْ فَلَا رَدَّ وَلَا رُجُوعَ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ بِسَبَبِ الْوِلَادَةِ نُقْصَانٌ ظَاهِرٌ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ لَوَازِمُ الْقُضَاةِ مِنْ الْقِسْمِ الثَّالِثِ فِي تَعْدَادِ الْعُيُوبِ (أَقُولُ) وَسَنَذْكُرُ بَعْدَ أَوْرَاقٍ أَنَّ الْعُيُوبَ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ مَعَ بَيَانِ أَحْكَامِهَا.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ جَارِيَةً بِكْرًا فَوَطِئَهَا وَأَزَالَ عُذْرَتَهَا وَمَضَتْ مُدَّةٌ وَالْآنَ يَدَّعِي أَنَّ بِهَا جُنُونًا قَدِيمًا كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ وَيُرِيدُ رَدَّهَا بِهِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ رَدُّهَا بِهِ وَلَهُ الرُّجُوعُ بِالنُّقْصَانِ بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذُكِرَ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَطِئَهَا أَوْ قَبَّلَهَا أَوْ مَسَّهَا بِشَهْوَةٍ ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا لَمْ يَرُدَّهَا مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا نَقَصَهَا الْوَطْءُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَيْبٌ حَادِثٌ وَرَجَعَ بِالنُّقْصَانِ لِامْتِنَاعِ الرَّدِّ إلَّا إذَا قَبَّلَهَا الْبَائِعُ أَيْ رَضِيَ بِأَخْذِهَا؛ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ كَانَ لِحَقِّهِ فَإِذَا رَضِيَ زَالَ الِامْتِنَاعُ هَكَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ وَيَعُودُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ بَعْدَ زَوَالِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ يَعْنِي إذَا اشْتَرَى شَيْئًا فَحَدَثَ بِهِ عَيْبٌ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهِ الْقَدِيمِ لَمْ يَرُدَّهُ؛ لِأَنَّ حُدُوثَ الْعَيْبِ عِنْدَهُ مَانِعٌ مِنْ الرَّدِّ وَإِذَا زَالَ جَازَ الرَّدُّ لِعَوْدِ الْمَمْنُوعِ بِزَوَالِ الْمَانِعِ مِنَحُ الْغَفَّارِ.
(أَقُولُ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ امْتِنَاعِ الرَّدِّ بِالْوَطْءِ وَنَحْوِهِ صَرَّحَ بِهِ فِي الْخَانِيَّةِ أَيْضًا وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الدُّرَرِ وَلَكِنْ ذَكَرَ فِي الْخَانِيَّةِ أَيْضًا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ شَرَاهَا عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ ثُمَّ قَالَ إنَّهَا ثَيِّبٌ وَقَالَ الْبَائِعُ إنَّهَا بِكْرٌ فَالْقَاضِي يُرِيهَا النِّسَاءَ إنْ قُلْنَ بِكْرٌ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ بِلَا يَمِينٍ وَإِنْ قُلْنَ ثَيِّبٌ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ بِيَمِينِهِ فَإِنْ وَطِئَهَا الْمُشْتَرِي فَعَلِمَ بِالْوَطْءِ فَلَوْ زَايَلَهَا كَمَا عَلِمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِبِكْرٍ بِلَا لُبْثٍ فَلَهُ الرَّدُّ وَإِلَّا لَزِمَتْهُ الْجَارِيَةُ وَلَا يَرُدُّهَا اهـ ثُمَّ رَأَيْت فِي نُورِ الْعَيْنِ نُقِلَ هَذَا ثُمَّ نُقِلَ عَنْ كِتَابٍ آخَرَ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ الثِّيَابَةَ بِالْوَطْءِ يَمْتَنِعُ الرَّدُّ ثُمَّ قَالَ فَلْيُتَأَمَّلْ فِيمَا هُوَ الصَّوَابُ اهـ قُلْت قَدْ يُؤَيِّدُ الثَّانِيَ بِمُوَافَقَتِهِ لِمَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي كَثِيرٍ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute