فِي الْأَصْلِ وَكِتَابِ الْأَقْضِيَةِ أَنَّهُ تُقْبَلُ وَهَكَذَا ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ فِي أَدَبِ الْقَاضِي وَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَبِهِ أَخَذَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ حُسَامُ الدِّينِ وَفِي الْغِيَاثِيَّةِ هُوَ الصَّحِيحُ وَإِنْ قَالَا نَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا مَاتَ أَخْبَرْنَا بِذَلِكَ مَنْ شَهِدَ مَوْتَهُ مِمَّنْ يُوثَقُ بِهِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا هَكَذَا ذَكَرَ فِي الْأَقْضِيَةِ وَهَذَا فَصْلٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ بَعْضُهُمْ قَالَ لَا تَجُوزُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ تُقْبَلُ إذَا صُرِّحَ بِالسَّمَاعِ وَكَذَا الشَّهَادَةُ عَلَى الْمِلْكِ إذَا أَقَرَّ بِالْيَدِ كَمَنْ رَأَى عَيْنًا فِي يَدِ إنْسَانٍ يَتَصَرَّف فِيهَا تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ حَلَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِالْمِلْكِ لِذِي الْيَدِ وَلَوْ شَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي وَقَالَ إنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ مِلْكُهُ لِأَنِّي رَأَيْتهَا فِي يَدِهِ يَتَصَرَّفُ فِيهَا تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَقَدْ عَثَرْنَا عَلَى الرِّوَايَةِ أَنَّهُ تَجُوزُ الشَّهَادَةُ وَهِيَ رِوَايَةُ كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ.
وَكَذَا إذَا قَالَا دَفَنَّاهُ أَوْ شَهِدْنَا جِنَازَتَهُ تَتَارْخَانِيَّةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُخْبِرِ بِالْمَوْتِ لَفْظُ الشَّهَادَةِ بَزَّازِيَّةٌ وَالنَّسَبُ وَالنِّكَاحُ يُخَالِفُ الْمَوْتَ فَإِنَّهُ لَوْ أَخْبَرَهُ بِالْمَوْتِ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ حَلَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ وَفِي غَيْرِهِ لَا بُدَّ مِنْ إخْبَارِ عَدْلَيْنِ صُوَرُ الْمَسَائِلِ.
وَأَمَّا فِي الْمَوْتِ فَإِنَّهُ يَكْفِي فِيهِ الْعَدْلُ وَلَوْ أُنْثَى هُوَ الْمُخْتَارُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُخْبِرُ مُتَّهَمًا كَوَارِثٍ وَمُوصَى لَهُ كَمَا فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ شَرْحِ الْمُلْتَقَى لِلْعَلَائِيِّ مِنْ الشَّهَادَةِ شَهِدَ أَنَّهُ شَهِدَ أَيْ حَضَرَ دَفْنَ زَيْدٍ أَوْ صَلَّى عَلَيْهِ فَهُوَ مُعَايَنَةٌ حَتَّى لَوْ فَسَّرَ لِلْقَاضِيَّ يَقْبَلُهُ إذْ لَا يُدْفَنُ إلَّا الْمَيِّتُ وَلَا يُصَلَّى إلَّا عَلَيْهِ. دُرَرٌ آخِرَ الشَّهَادَاتِ
(أَقُولُ) وَفِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَإِنْ فَسَّرَ الشَّاهِدُ لِلْقَاضِي أَنَّ شَهَادَتَهُ بِالتَّسَامُعِ أَوْ بِمُعَايَنَةِ الْيَدِ رُدَّتْ عَلَى الصَّحِيحِ إلَّا فِي الْوَقْفِ وَالْمَوْتِ إذَا فَسَّرَا وَقَالَا فِيهِ أَخْبَرَنَا مَنْ نَثِقُ بِهِ تُقْبَلُ عَلَى الْأَصَحِّ خُلَاصَةٌ بَلْ فِي الْعَزْمِيَّةِ عَنْ الْخَانِيَّةِ مَعْنَى التَّفْسِيرِ أَنْ يَقُولَا شَهِدْنَا؛ لِأَنَّا سَمِعْنَا مِنْ النَّاسِ أَمَّا لَوْ قَالَا لَمْ نُعَايِنْ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ اُشْتُهِرَ عِنْدَنَا جَازَتْ فِي الْكُلِّ وَصَحَّحَهُ شَارِحُ الْوَهْبَانِيَّةِ وَغَيْرُهُ اهـ.
وَكَتَبْت فِيمَا عَلَّقْته عَلَيْهِ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ أَنَّ قَوْلَ الشَّاهِدِ أَخْبَرَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ لَيْسَ مِنْ التَّسَامُعِ لَكِنْ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْيَنَابِيعِ أَنَّهُ مِنْهُ وَكَتَبْت أَيْضًا نَقْلًا عَنْ خَطِّ شَيْخِ مَشَايِخِنَا مُنْلَا عَلِيٍّ التُّرْكُمَانِيِّ أَنَّ مَا فِي التَّنْوِيرِ تَبَعًا لِلدُّرَرِ مِنْ اسْتِثْنَاءِ الْوَقْفِ وَالْمَوْتِ مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِ عَامَّةِ الْمُتُونِ وَقَدْ أَفْتَى بِخِلَافِهِ فِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ وَفَتَاوَى عَلِيٍّ أَفَنْدِي مُفْتِي الدَّوْلَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ.
(سُئِلَ) فِي الشَّهَادَةِ بِالتَّسَامُعِ عَلَى أَصْلِ الْوَقْفِ هَلْ تُقْبَلُ أَمْ لَا؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ تُقْبَلُ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَلَا يَشْهَدُ بِمَا لَمْ يُعَايِنْ إلَّا فِي النَّسَبِ وَالْمَوْتِ وَالنِّكَاحِ وَالدُّخُولِ وَوِلَايَةِ الْقَاضِي وَأَصْلِ الْوَقْفِ فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِهَا إذَا أَخْبَرَهُ بِهَا مَنْ يُوثَقُ بِهِ اسْتِحْسَانًا دَفْعًا لِلْحَرَجِ وَتَعْطِيلِ الْأَحْكَامِ اهـ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُسْتَفِيضَةٌ فِي الْكُتُبِ وَفِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ صُورَةُ الشَّهَادَةِ بِالتَّسَامُعِ عَلَى أَصْلِ الْوَقْفِ أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّ فُلَانًا وَقَفَهُ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ عَلَى الْقِرَاءَةِ أَوْ عَلَى أَوْلَادِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَعَرَّضُوا أَنَّهُ شَرَطَ فِي وَقْفِهِ كَذَا وَكَذَا فَإِنْ شَهِدُوا عَلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ وَأَنَّهُ قَالَ لِلْجِهَةِ الْفُلَانِيَّةِ كَذَا وَلِلْجِهَةِ الْفُلَانِيَّةِ كَذَا فَلَا تُسْمَعُ بِالتَّسَامُعِ عَلَى شُرُوطِ الْوَاقِفِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يُشْتَهَرُ إنَّمَا هُوَ أَصْلُ الْوَقْفِ وَأَنَّهُ عَلَى الْجِهَةِ الْفُلَانِيَّةِ.
أَمَّا الشُّرُوطُ فَلَا تَشْتَهِرُ فَلَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشُّرُوطِ بِالتَّسَامُعِ اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى وَرَثَةُ عَمْرٍو عَلَى زَيْدٍ أَنَّ لِمُوَرِّثِهِمْ فِي ذِمَّتِهِ كَذَا بِسَبَبِ قَرْضٍ اقْتَرَضَهُ مِنْهُ فِي سَنَةِ كَذَا وَأَنَّهُ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ وَطَالَبُوهُ بِهِ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ دَفَعَ مِنْهُ مِقْدَارَ كَذَا فِي مَوْضِعِ كَذَا لِمُوَرِّثِهِمْ فِي ثَامِنِ شَعْبَانَ فِي السَّنَةِ الْمَذْكُورَةِ فَأَنْكَرُوا ذَلِكَ فَأَحْضَرَ لِلشَّهَادَةِ كُلًّا مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ فَشَهِدُوا بِأَنَّهُ دَفَعَ لَهُ ذَلِكَ فِي الْوَقْتِ الْمَزْبُورِ فَأَحْضَرَ الْوَرَثَةُ بَيِّنَةً شَهِدَتْ أَنَّ مُوَرِّثَهُمْ مَاتَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَشَهِدُوا دَفْنَهُ فَأَجَابَ زَيْدٌ بِأَنَّ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ وَأَنَّهُ مُبْطِلٌ فِي دَعْوَاهُ فَمَا يَلْزَمُ الشَّاهِدَيْنِ وَمَا يَلْزَمُ زَيْدًا؟
(الْجَوَابُ) : الْحَمْدُ لِلَّهِ مُلْهِمِ الصَّوَابِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَيُّهَا النَّاسُ عَدَلَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ الْإِشْرَاكَ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَتَلَا قَوْله تَعَالَى