للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَبْلَ تَصْدِيقِهِ وَإِقْرَارِهِ فَهَلْ حَيْثُ صَدَّقَ وَأَقَرَّ أَنَّ الدَّيْنَ بَاقٍ فِي التَّرِكَةِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْمَزْبُورَةُ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْمَذْكُورَةُ بَعْدَ إقْرَارِهِ الْمَزْبُورِ لِلتَّنَاقُضِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَفِي فَتَاوَى الْأَنْقِرْوِيِّ عَنْ الْقُنْيَةِ التَّنَاقُضُ يَمْنَعُ الدَّعْوَى لِغَيْرِهِ كَمَا يَمْنَعُهُ لِنَفْسِهِ ب خ مَنْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ لِغَيْرِهِ فَكَمَا لَا يَمْلِكُ أَنْ يَدَّعِيَهُ لِنَفْسِهِ لَا يَمْلِكُ أَنْ يَدَّعِيَهُ لِغَيْرِهِ بِوَكَالَةٍ أَوْ وِصَايَةٍ قش وَصِيٌّ أَقَرَّ بِهِ لَهُ ثُمَّ ادَّعَاهُ لِلصَّغِيرِ لَا تُسْمَعُ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ زَيْدٌ عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ تَحْتَ أَيْدِيهِمْ فَادَّعَى عَمْرٌو دَيْنًا لَهُ بِذِمَّةِ زَيْدٍ الْمُتَوَفَّى عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ لَدَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ شَهِدَا لَهُ بِذَلِكَ لَدَى الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ فَحَكَمَ لَهُ بِذَلِكَ وَأَمَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِدَفْعِ الدَّيْنِ لِعَمْرٍو مِنْ التَّرِكَةِ فَدَفَعَ لَهُ بَعْضَهُ مِنْ غَيْرِ تَحْلِيفِ عَمْرٍو يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ ثُمَّ حَضَرَ وَارِثٌ آخَرُ وَادَّعَى عَلَى عَمْرٍو بِأَنَّ دَعْوَاهُ عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ وَطَالَبَهُ بِالْمَدْفُوعِ لِكَوْنِهِ أَخَذَهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ فَهَلْ يَكُونُ الدَّفْعُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ وَاقِعٍ مَوْقِعَهُ الشَّرْعِيَّ لِعَدَمِ الِاسْتِحْلَافِ وَلَا يَدْفَعُ الدَّيْنَ الْمَذْكُورَ قَبْلَ الِاسْتِحْلَافِ الشَّرْعِيِّ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ أَنَّ الْقَاضِيَ يَسْتَحْلِفُ الطَّالِبَ حَتَّى قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ يَحْلِفُ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ الْوَصِيِّ وَالْوَارِثِ بِاَللَّهِ مَا اسْتَوْفَيْتَ دَيْنَك مِنْ الْمَدْيُونِ وَلَا مِنْ أَحَدٍ أَدَّاهُ إلَيْك عَنْهُ وَلَا قَبَضَهُ قَابِضٌ وَلَا أَبْرَأْتَهُ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ وَلَا أَحَلْتَ بِذَلِكَ وَلَا بِشَيْءٍ مِنْهُ عَلَى أَحَدٍ وَلَا عِنْدَك بِهِ وَلَا بِشَيْءٍ مِنْهُ رَهْنٌ. اهـ.

وَعَلَّلَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ بِأَنَّ الْيَمِينَ لَيْسَتْ لِلْوَارِثِ هَاهُنَا وَإِنَّمَا هِيَ لِلتَّرِكَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرِيمٌ آخَرُ أَوْ مُوصًى لَهُ فَالْحَقُّ فِي هَذَا فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ فَعَلَى الْقَاضِي الِاحْتِيَاطُ فِي ذَلِكَ وَقَالَ قَبْلَهُ وَلَا يَدْفَعُ لَهُ شَيْئًا حَتَّى يَسْتَحْلِفَ اهـ فَحَيْثُ أَجْمَعُوا عَلَى تَحْلِيفِهِ وَذَكَرُوا أَنَّهُ لَا يَدْفَعُ إلَيْهِ الْمَالَ حَتَّى يُسْتَحْلَفْ وَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ لَمْ تَسْتَوْفِ الدَّعْوَى شَرَائِطَهَا حَتَّى يَنْفُذَ حُكْمُهُ بِالدَّفْعِ وَالْقَاضِي مَأْمُورٌ بِالْحُكْمِ بِأَصَحِّ الْأَقْوَالِ مِنْ مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَبِي حَنِيفَةَ النُّعْمَانِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِذَا حَكَمَ بِغَيْرِ الْأَصَحِّ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْزُولٌ عَنْهُ؛ لِأَنَّ التَّوْلِيَةَ حَصْرِيَّةٌ فَكَيْفَ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى التَّحْلِيفِ.

وَأَمَّا مَا قِيلَ إنَّ الْقَضَاءَ يُقَوِّي الضَّعِيفَ فَالْمُرَادُ قَاضٍ لَهُ مَلَكَةُ الِاجْتِهَادِ وَأَمَّا الْمُقَلِّدُ فَإِنَّهُ مَتَى خَالَفَ مُعْتَمَدَ مَذْهَبِهِ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ وَيُنْقَضُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى كَمَا بَسَطَهُ التُّمُرْتَاشِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَأَمَّا دَعْوَاهُ عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ فَصَحِيحَةٌ إذْ بَعْضُ الْوَرَثَةِ يَكُونُ خَصْمًا عَنْ الْمَيِّتِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَائِنَا الْأَعْلَامِ رَوَّحَ اللَّهُ تَعَالَى رُوحَهُمْ بِدَارِ الْإِسْلَامِ

(تَتِمَّةٌ) : قَالَ فِي الْبَحْرِ وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ دَفَعَ لِلْمَيِّتِ دَيْنَهُ وَبَرْهَنَ هَلْ يَحْلِفُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ احْتِيَاطًا اهـ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْغَزِّيُّ التُّمُرْتَاشِيُّ

(أَقُولُ) يَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَرَدَّدَ فِي التَّحْلِيفِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ الدُّيُونُ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا لَا بِأَعْيَانِهَا وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ قَدْ ادَّعَى عَلَى الْمَيِّتِ اهـ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْبَحْرِ (أَقُولُ) قَدْ يُقَالُ إنَّمَا يَحْلِفُ فِي مَسْأَلَةِ مُدَّعِي الدَّيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ احْتِيَاطًا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُمْ شَهِدُوا بِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ وَقَدْ اسْتَوْفَى فِي بَاطِنِ الْأَمْرِ وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ دَفْعِ الدَّيْنِ فَقَدْ شَهِدُوا عَلَى حَقِيقَةِ الدَّفْعِ فَانْتَفَى الِاحْتِمَالُ الْمَذْكُورُ فَكَيْفَ يُقَالُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَرَدَّدَ فِي التَّحْلِيفِ فَتَأَمَّلْ. اهـ. (أَقُولُ) وَكَلَامُ الرَّمْلِيِّ هُوَ الْأَوْجَهُ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ تَنَبَّهَ.

(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ تَرَكَتْ دَعْوَاهَا الْإِرْثَ مِنْ أَبِيهَا عَلَى أَخِيهَا مُدَّةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ سَنَةً بِلَا مَانِعٍ شَرْعِيٍّ وَهُوَ مُنْكِرٌ لِذَلِكَ فَهَلْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهَا الْآنَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَهْلِ الْفَتْوَى لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بَعْدَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ سَنَةً إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي غَائِبًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا وَلَيْسَ لَهُمَا وَلِيٌّ أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَمِيرًا جَائِرًا يُخَافُ مِنْهُ كَذَا فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى نَقْلًا عَنْ الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>