وَصُورَةُ فَتْوَى الْحَانُوتِيِّ سُئِلَ هَلْ الْخِيَرَةُ لِلْمُدَّعِي أَمْ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْخِيَرَةَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَجَابَ عَنْ ذَلِكَ السُّؤَالِ الشَّيْخُ عَلِيٌّ الْمَقْدِسِيُّ بِمَا نَصُّهُ الَّذِي وَقَفْت عَلَيْهِ إذَا كَانَ قَاضِيَانِ فِي مِصْرٍ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي مَحَلَّةٍ عَلَى حِدَةٍ فَوَقَعَتْ الْخُصُومَةُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا فِي مَحَلَّةٍ وَالْآخَرُ فِي مَحَلَّةٍ أُخْرَى فَالْعِبْرَةُ لِقَاضِي مَحَلَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ كَتَبَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ مَا صُورَتُهُ قَدْ أَطْلَقَ صَاحِبُ الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّ الْخِيَرَةَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَنَصُّهُ فِي الْمِصْرِ قَاضِيَانِ وَوَقَعَتْ الدَّعْوَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَرَادَ كُلٌّ أَنْ يَذْهَبَ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَالْعِبْرَةُ لِقَاضِي الْمُدَّعِي عِنْدَ الثَّانِي وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لِقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ وَلَوْ كَانَ فِي الْبَلْدَةِ قَاضِيَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مَحَلَّةٍ عَلَى حِدَةٍ فَوَقَعَتْ الْخُصُومَةُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا مِنْ مَحَلَّةٍ وَالْآخَرُ مِنْ مَحَلَّةٍ أُخْرَى وَالْمُدَّعِي يُرِيدُ أَنْ يُخَاصِمَهُ إلَى قَاضِي مَحَلَّتِهِ وَالْآخَرُ يَأْبَى ذَلِكَ اخْتَلَفَ فِيهَا أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْعِبْرَةَ لِمَكَانِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اهـ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
(أَقُولُ) قَدَّمْنَا فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ تَحْرِيرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِمْ قَاضِيَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ أَنَّهُ قَدْ أُمِرَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالْحُكْمِ عَلَى أَهْلِ مَحَلَّتِهِ فَقَطْ فَهُنَا الْعِبْرَةُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَمَّا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَأْذُونًا بِالْحُكْمِ عَلَى كُلِّ مَنْ حَضَرَ عِنْدَهُ فَيَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْمُدَّعِي إلَخْ مَا قَدَّمْنَاهُ فَرَاجِعْهُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو بِأَنَّ لَهُ بِذِمَّتِهِ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ فَأَنْكَرَ عَمْرٌو دَعْوَاهُ ثُمَّ إنَّ زَيْدًا أَثْبَتَ مُدَّعَاهُ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِهِ وَأَخَذَ زَيْدٌ مَبْلَغَهُ الْمَزْبُورَ مِنْهُ ثُمَّ ادَّعَى عَمْرٌو أَنَّك كَاذِبٌ وَمُبْطِلٌ فِي دَعْوَاك هَذِهِ حَتَّى أَنَّك أَقْرَرْت بِذَلِكَ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَيُرِيدُ عَمْرٌو الْآنَ إثْبَاتَ إقْرَارِهِ الْمَزْبُورِ وَاسْتِرْدَادَ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ مَالًا وَقُضِيَ بِالْمَالِ لِلْمُدَّعِي بِالْبَيِّنَةِ ثُمَّ قَالَ الْمُدَّعِي كُنْت كَاذِبًا فِيمَا ادَّعَيْت يَبْطُلُ الْقَضَاءُ وَإِذَا قَالَ الْمُدَّعِي بَعْدَ الْقَضَاءِ الْمُقْضَى بِهِ لَيْسَ مِلْكِي لَا يَبْطُلُ الْقَضَاءُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لَمْ يَكُنْ مِلْكِي وَهَذَا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَيْسَ مِلْكِي يَتَنَاوَلُ الْحَالَ وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ نَفْيِ الْحَالِ انْتِفَاؤُهُ مِنْ الْأَصْلِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لَمْ يَكُنْ مِلْكِي مِنْ الْعَاشِرِ مِنْ قَضَاءِ التَّتَارْخَانِيَّةِ بَرْهَنَ عَلَى قَوْلِ الْمُدَّعِي أَنَا مُبْطِلٌ فِي الدَّعْوَى أَوْ شُهُودِي كَذَبَةٌ أَوْ لَيْسَ لِي عَلَيْهِ شَيْءٌ صَحَّ الدَّفْعُ دُرَرٌ مِنْ آخِرِ الدَّعْوَى وَمِثْلُهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ ادَّعَى رَجُلٌ مَالًا أَوْ عَيْنًا فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنَّكَ أَقْرَرْت فِي حَالِ جَوَازِ إقْرَارِك أَنْ لَا دَعْوَى لِي وَلَا خُصُومَةَ لِي عَلَيْك وَأَثْبَتّ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ تُسْمَعُ وَتَنْدَفِعُ دَعْوَاهُ وَإِنْ كَانَ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُدَّعَى عَلَيْهِ بِسَبَبٍ بَعْدَ الْإِقْرَارِ لَكِنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الْمُوجِبَ وَالْمُسْقِطَ إذَا تَعَارَضَا يُجْعَلُ الْمُسْقِطُ آخِرًا؛ لِأَنَّ السُّقُوطَ يَكُونُ بَعْدَ الْوُجُوبِ سَوَاءٌ اتَّصَلَ الْقَضَاءُ بِالْأَوَّلِ أَوْ لَمْ يَتَّصِلْ عِمَادِيَّةٌ مِنْ أَوَاخِرِ السَّابِعِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ زَيْدٌ عَنْ وَرَثَةٍ بَالِغِينَ وَخَلَّفَ حِصَّةً مِنْ دَارٍ وَصَدَّقَ الْوَرَثَةُ أَنَّ بَقِيَّةَ الدَّارِ لِفُلَانٍ وَفُلَانَةَ ثُمَّ ظَهَرَ وَتَبَيَّنَ أَنَّ مُوَرِّثَهُمْ الْمَزْبُورَ اشْتَرَى بَقِيَّةَ الدَّارِ مِنْ وَرَثَةِ فُلَانٍ وَفُلَانَةَ فِي حَالِ صِغَرِ الْمُصَدِّقِينَ وَأَنَّهُ خَفِيَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ فَهَلْ يَكُونُ التَّنَاقُضُ فِي مَحَلِّ الْخَفَاءِ عَفْوًا وَلَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ اشْتَرَى دَارًا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ مِنْ نَفْسِهِ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ وَكَبِرَ الِابْنُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِمَا صَنَعَ الْأَبُ ثُمَّ إنَّ الْأَبَ بَاعَ تِلْكَ الدَّارَ مِنْ رَجُلٍ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ ثُمَّ إنَّ الِابْنَ اسْتَأْجَرَ الدَّارَ مِنْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ عَلِمَ بِمَا صَنَعَ الْأَبُ فَادَّعَى الدَّارَ عَلَى الْمُشْتَرِي فَقَالَ الْمُشْتَرِي فِي الدَّفْعِ إنَّكَ مُتَنَاقِضٌ؛ لِأَنَّ الِاسْتِئْجَارَ اعْتِرَافٌ أَنَّ الدَّارَ لَيْسَتْ مِلْكَك. هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ صَارَتْ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى وَقَدْ اخْتَلَفَتْ أَجْوِبَةُ الْمُفْتِينَ فِي هَذَا وَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذَا لَا يَصْلُحُ دَفْعًا وَإِنْ ثَبَتَ التَّنَاقُضُ فِيهِ إلَّا أَنَّ هَذَا تَنَاقُضٌ فِيمَا طَرِيقُهُ طَرِيقُ الْخَفَاءِ وَالتَّنَاقُضُ فِي مِثْلِهِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى فَتَاوَى عَطَاءِ اللَّهِ أَفَنْدِي عَنْ التَّتَارْخَانِيَّةِ الْمَدْيُونُ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute