دَعْوَاهُمْ فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ وَأَقَامُوا الْبَيِّنَةَ الشَّرْعِيَّةَ الْمُزَكَّاةَ عَلَى طِبْقِ دَعْوَاهُمْ ثَبَتَ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ قَدْرُ مَا يَخُصُّهُمْ وَبَقِيَتْ حِصَّةُ أَخِيهِمْ زَيْدٍ جَارِيَةً فِي الْوَقْفِ لِعَدَمِ سَمَاعِ دَعْوَاهُ عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ وَتَصْدِيقِهِ فَإِنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ لَا يَتَعَدَّى الْمُقِرَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو بِأَنَّ مَنْ الْجَارِي فِي مِلْكِهِ جَمِيعُ الْبَغْلَةِ الْبَرْشَاءِ وَأَنَّهُ وَضَعَ الْبَغْلَةَ الْمَرْقُومَةَ أَمَانَةً عِنْدَ بَكْرٍ ثُمَّ وَجَدَهَا بِيَدِ عَمْرٍو فَاعْتَرَفَ عَمْرٌو بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا لِكَوْنِهِ شَرَاهَا مِنْ بَكْرٍ الْمَذْكُورِ مُنْذُ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ بِثَلَاثِينَ قِرْشًا وَأَنْكَرَ كَوْنَ الْبَغْلَةِ لِلْمُدَّعِي وَطَلَبَ مِنْهُ إثْبَاتَ كَوْنِهَا أَمَانَةً عِنْدَ بَكْرٍ فَأَحْضَرَ زَيْدٌ بَيِّنَةً شَهِدَتْ لَهُ بِكَوْنِهَا أَمَانَةً عِنْدَ بَكْرٍ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟
(الْجَوَابُ) : يُشْتَرَطُ أَنْ يَذْكُرَ الْمُدَّعِي أَنَّهَا بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَطْلُبَ إحْضَارَهَا إنْ أَمْكَنَ وَيُشِيرَ إلَيْهَا فِي الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ وَالِاسْتِحْلَافِ وَإِنْ تَعَذَّرَ إحْضَارُهَا بِهَلَاكِهَا أَوْ غَيْبَتِهَا ذَكَرَ قِيمَتَهَا كَمَا فِي مُتُونِ الْمَذْهَبِ وَإِذَا أَرَادَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ الْمُسْتَحِقُّ بِاَللَّهِ مَا بَاعَهُ وَلَا وَهَبَهُ وَلَا تَصَدَّقَ بِهِ وَلَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ حَلَفَ كَذَلِكَ وَأَمَّا اشْتِرَاطُ حَضْرَةِ الْمُودِعِ فِي دَعْوَى الْوَدِيعَةِ فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَالْأَنْقِرْوِيَّةِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِي ذِي يَدٍ عَلَى دَارٍ ادَّعَى عَلَيْهِ زَيْدٌ بِهَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَقَرَّ لَهُ بِهَا وَيُرِيدُ نَزْعَهَا مِنْ يَدِهِ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟
(الْجَوَابُ) : إنْ جَعَلَ زَيْدٌ إقْرَارَ ذِي الْيَدِ سَبَبًا لِمِلْكِهِ فَلَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ الْإِقْرَارَ سَبَبًا لِلْمِلْكِ بِأَنْ ادَّعَى أَنَّهَا مِلْكُهُ وَهَذَا أَقَرَّ لَهُ بِهَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ كَذَا أَفْتَى الْمِهْمَنْدَارِي وَأَفْتَى أَيْضًا بِأَنَّ مَنْ أَثْبَتَتْ أَنَّهَا مُسْتَحِقَّةٌ فِي الْوَقْفِ لَهَا الدَّعْوَى عَلَى مَنْ تَنَاوَلَ الْغَلَّةَ لَا عَلَى النَّاظِرِ لِأَنَّهُ دَفَعَ شَيْئًا يَسْتَحِقُّهُ غَيْرُ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِالْمُسْتَحِقِّ وَلَهَا مُطَالَبَتُهُ بِهِ شَرْعًا مَعَ عَدَمِ الضَّمَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ زَيْدٌ مُتَصَرِّفًا فِي دَارٍ بِطَرِيقِ الشِّرَاءِ مِنْ عَمْرٍو وَغَيْرِهِ بِمُوجِبِ صَكٍّ ثُمَّ صَدَّقَهُ عَمْرٌو عَلَى جَرَيَانِهَا فِي مِلْكِهِ فَهَلْ يَكُونُ تَصْدِيقُهُ صَحِيحًا يُعْمَلُ بِهِ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَمَنْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ لِغَيْرِهِ لَا يَمْلِكُ أَنْ يَدَّعِيَهُ لِنَفْسِهِ وَلَا لِغَيْرِهِ بِوَكَالَةٍ أَوْ وِصَايَةٍ كَذَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ مِنْ الْفَصْلِ الْعَاشِرِ مِنْ نُورِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ التَّصْدِيقَ إقْرَارٌ إلَّا فِي الْحُدُودِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ قُبَيْلَ الْوَكَالَةِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ أَنْ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ دَعْوَاهُ لِغَيْرِهِ نِيَابَةً وَبِخِلَافِ مَا لَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى فَادَّعَى عَلَيْهِ مَالًا بِوَكَالَةٍ أَوْ وِصَايَةٍ فَإِنَّهُ يُسْمَعُ كَمَا فِي نُورِ الْعَيْنِ مِنْ الْفَصْلِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ أَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ أَوْ إبْرَاءَهُ لَا يُنَافِي أَنَّهُ لِغَيْرِهِ.
(سُئِلَ) فِي امْرَأَتَيْنِ بَاعَتَا دَارَهُمَا مِنْ رَجُلٍ بَيْعًا بَاتًّا شَرْعِيًّا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَكُتِبَ بِذَلِكَ صَكٌّ مُتَضَمِّنٌ لِكَوْنِهِمَا بَاعَتَا مَا هُوَ جَارٍ فِي مِلْكِهِمَا وَأَطْلَقَ تَصَرُّفَهُمَا الشَّرْعِيَّ وَالْآنَ تَدَّعِيَانِ أَنَّ الدَّارَ وَقْفٌ عَلَيْهِمَا فَهَلْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُمَا؟
(الْجَوَابُ) : لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُمَا الْمَزْبُورَةُ؛ لِأَنَّ مَنْ سَعَى فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ فَسَعْيُهُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَسُئِلَ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ عَنْ امْرَأَةٍ بَاعَتْ دَارًا ثُمَّ ادَّعَتْ أَنَّهَا وَقْفٌ هَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهَا أَمْ لَا أَجَابَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَلَوْ بَاعَ ضَيْعَةً ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَيْهِ وَعَلَى أَوْلَادِهِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِلتَّنَاقُضِ؛ لِأَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى الْبَيْعِ إقْرَارٌ مِنْهُ وَإِنْ أَرَادَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ قِيلَ تُقْبَلُ.
وَقِيلَ لَا تُقْبَلُ وَهُوَ أَصْوَبُ وَأَحْوَطُ؛ لِأَنَّهُ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ أَنَّ الضَّيْعَةَ وَقْفٌ عَلَيْهِ يَدَّعِي فَسَادَ الْبَيْعِ وَحَقًّا لِنَفْسِهِ فَلَا تُسْمَعُ لِلتَّنَاقُضِ ذَكَرَهُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ بَاعَ عَقَارًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ وَقْفٌ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُسْمَعُ وَقَوْلُ الزَّيْلَعِيِّ وَهُوَ أَصْوَبُ أَيْ لِلتَّنَاقُضِ الصَّرِيحِ بِالْبَيْعِ ثُمَّ دَعْوَى الْوَقْفِ وَقَوْلُهُ وَأَحْوَطُ لِمَا فِي سَمَاعِهَا مِنْ الْإِضْرَارِ بِالنَّاسِ بِاحْتِيَالِ أَهْلِ الْحِيَلِ وَالْخِدَاعِ بِبَيْعِ الْوَقْفِ وَإِظْهَارِ الْبَائِعِ أَنَّهُ مِلْكٌ ثُمَّ انْعِطَافُهُ