للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَرِضَاهُ بِذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ مَلَّكَهَا ذَلِكَ كَمَا تَفْهَمُهُ النِّسَاءُ وَالْعَوَامُّ وَقَدْ أَفْتَيْت بِذَلِكَ مِرَارًا.

(سُئِلَ) فِي بُسْتَانٍ جَارِيَةٌ أَرْضُهُ مَعَ كَامِلِ غِرَاسٍ فِيهَا قَدِيمٍ فِي وَقْفِ بِرٍّ وَفِيهِ غِرَاسَاتٌ جَدِيدَةٌ وَمُسْتَجِدَّةٌ جَارٍ بَعْضُهَا فِي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ وَالْبَاقِي مِلْكُ زَيْدٍ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى أَرْبَعِينَ سَنَةً بِلَا مُعَارِضٍ وَلَا مُنَازِعٍ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ عَنْ وَرَثَةٍ بَاعُوا حِصَّتَهُمْ الْمَذْكُورَةَ مِنْ عَمْرٍو بِمَعْرِفَةِ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ وَتَصْدِيقِهِ ثُمَّ بَاعَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ جَمِيعَ الْغِرَاسِ الْقَدِيمِ لِشُلُوِّهِ ثُمَّ بَعْدَ سَنَتَيْنِ ادَّعَى الْمُتَوَلِّي الْمَذْكُورُ عَلَى عَمْرٍو بِجَرَيَانِ جَمِيعِ الْغِرَاسِ الْمَوْجُودِ فِي الْوَقْفِ مُسْتَصْحَبًا مِنْ زَمَنِ الْوَاقِفِ وَأَنَّ لَهُ بَيِّنَةً تَشْهَدُ بِذَلِكَ وَذَكَرَ عَمْرٌو أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً تَشْهَدُ بِحُدُوثِ الْغِرَاسَاتِ الْجَدِيدَةِ وَالْمُسْتَجِدَّةِ بِمُقْتَضَى غَرْسِهِ لَهَا هُوَ وَزَيْدٌ وَوَرَثَتُهُ وَأَثْبَتَ عَمْرٌو ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ الْمُزَكَّاةِ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ لِعَمْرٍو بِالْحِصَّةِ الْجَارِيَةِ فِي مِلْكِهِ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ بَيِّنَةَ الْعَارِضِ وَالْحُدُوثِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى بَيِّنَةِ الِاسْتِصْحَابِ.

وَمَنَعَ الْمُتَوَلِّيَ وَجِهَةَ الْوَقْفِ مِنْ مُعَارَضَةِ عَمْرٍو فِي ذَلِكَ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً شَرْعِيَّةً ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ قَامَ وَكِيلٌ عَنْ الْمُتَوَلِّي الْمَذْكُورِ يَدَّعِي قِدَمَ الْغِرَاسِ الْمَذْكُورِ وَجَرَيَانَهُ جَمِيعَهُ فِي الْوَقْفِ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟

(الْجَوَابُ) : حَيْثُ ثَبَتَ حُدُوثُ الْغِرَاسَاتِ الْمَذْكُورَةِ جَمِيعِهَا الْجَارِي نِصْفُهَا فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ فِي وَجْهِ الْمُتَوَلِّي الْمَزْبُورِ وَجَرَى التَّصَرُّفُ بِذَلِكَ الْمُدَّةَ الْمَزْبُورَةَ وَزَالَ الْقَدِيمُ جَمِيعُهُ الَّذِي فِيهِ وَقُضِيَ بِذَلِكَ بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيِّ بَعْدَ دَعْوَى الْمُتَوَلِّي الْمَذْكُورِ بِذَلِكَ تَكُونُ دَعْوَى وَكِيلِهِ بِغِرَاسٍ قَدِيمٍ آخَرَ غَيْرِ مَا ذَكَرَ غَيْرَ صَحِيحَةٍ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ بِالْمُعَايَنَةِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَقَدْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ حُدُوثُ جَمِيعِ هَذِهِ الْغِرَاسَاتِ الْمَوْجُودَاتِ الَّتِي هِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى بَيِّنَةِ الْقِدَمِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغْدَادِيُّ وَحَكَمَ بِهَا فَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ السَّابِقُ الثَّابِتُ شَرْعًا بِمَا هُوَ دُونَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ الْهِدَايَةِ إذْ الْقَضَاءُ يُصَانُ عِنْدَ الْإِلْغَاءِ مَا أَمْكَنَ وَأَيُّ بَيِّنَةٍ سَبَقَتْ وَقُضِيَ بِهَا لَمْ تُقْبَلْ الْأُخْرَى وَفِي الْكَافِي مِنْ الشَّهَادَةِ إذَا تَضَمَّنَتْ الْبَيِّنَةُ نَقْضَ قَضَاءٍ تُرَدُّ. اهـ. وَالدَّعْوَى مَتَى فُصِّلَتْ مَرَّةً بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ لَا تُنْقَضُ وَلَا تُعَادُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ ادَّعَى عَبْدًا وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِ ذِي الْيَدِ أَنَّهُ لِلْمُدَّعِي تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَيُقْضَى بِالْعَبْدِ لَهُ اعْتِبَارًا لِلْإِقْرَارِ الثَّابِتِ بِالْبَيِّنَةِ بِالثَّابِتِ عِيَانًا عِمَادِيَّةٌ مِنْ السَّادِسَ عَشَرَ وَإِنْ كَانُوا مَعْرُوفِينَ بِالْعَدَالَةِ فَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ السَّابِقُ الثَّابِتُ بِشَهَادَتِهِمْ إذْ الْقَضَاءُ يُصَانُ عَنْ الْإِلْغَاءِ مَا أَمْكَنَ وَالشُّهُودُ الَّذِينَ شَهِدُوا ثَانِيًا إنْ كَانُوا غَيْرَ عُدُولٍ فَشَهَادَتُهُمْ مَرْدُودَةٌ وَإِنْ كَانُوا عُدُولًا فَقَدْ تَرَجَّحَتْ شَهَادَةُ الْأَوَّلِينَ بِالْقَضَاءِ مِنْ آخِرِ وَقْفِ الْخَيْرِيَّةِ لَهُ كَنِيفٌ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَزَعَمَ غَيْرُهُ أَنَّهُ مُحْدَثٌ وَزَعَمَ صَاحِبُهُ أَنَّهُ قَدِيمٌ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ مُحْدَثٌ تَرْجِيحُ الْبَيِّنَاتِ لِلْبَغْدَادِيِّ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْعَارِضِ عَلَى الْبَيِّنَةِ الْمُثْبِتَةِ لِلِاسْتِصْحَابِ فَتَاوَى الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ وَلَوْ أَقَامَ الْبَائِعُ بَيِّنَةً أَنِّي بِعْتهَا فِي صِغَرِي وَأَقَامَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً بِعْتهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ فَبَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ الْعَارِضُ قُنْيَةٌ مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ الْمُتَضَادَّتَيْنِ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ قِيرَاطٌ مِنْ غِرَاسِ بُسْتَانٍ مَعْلُومٍ وَمِائَةُ قِرْشٍ مَوْضُوعَةٌ تَحْتَ يَدِ شَرِيكِهِ عَمْرٍو فَأَقَرَّ بِأَنَّ الْقِيرَاطَ الْمَذْكُورَ وَالْمِائَةَ قِرْشٍ الْمَذْكُورَةَ لِبَكْرٍ بِطَرِيقِ التَّمْلِيكِ وَأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ مَعَ بَكْرٍ فِي ذَلِكَ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ عَنْ وَرَثَةٍ وَأَقَامَ بَكْرٌ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ فِي وَجْهِ أَحَدِهِمْ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟

(الْجَوَابُ) : حَيْثُ بَيَّنَ إقْرَارَهُ أَنَّهُ مِنْ جِهَةِ التَّمْلِيكِ فَدَعْوَى التَّمْلِيكِ لَا تُسْمَعُ لِمَا قَالَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ نَاقِلًا عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي خَلَلِ الْمَحَاضِرِ وَالسِّجِلَّاتِ بِرَمْزِ التَّتِمَّةِ عُرِضَ عَلَيَّ مَحْضَرٌ كُتِبَ فِيهِ مَلَّكَهُ تَمْلِيكًا صَحِيحًا وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ مَلَّكَهُ بِعِوَضٍ أَوْ بِلَا عِوَضٍ قَالَ أَجَبْت أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى ثُمَّ رَمَزَ لِشُرُوطِ الْحَاكِمِ اكْتَفَى فِي مِثْلِ هَذَا بِقَوْلِهِ وَهَبْت لَهُ هِبَةً صَحِيحَةً وَقَبَضَهَا وَلَكِنَّ مَا أَفَادَهُ فِي التَّتِمَّةِ أَجْوَدُ وَأَقْرَبُ إلَى الِاحْتِيَاطِ اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>