فَإِذَا كَانَ التَّمْلِيكُ هِبَةً وَبُيِّنَ فَهِبَةُ الْمَشَاعِ الَّذِي يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ بَاطِلَةٌ لَا سِيَّمَا وَهُوَ غِرَاسٌ وَأَيْضًا مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الْهِبَةِ الْقَبْضُ وَلَمْ يُوجَدْ لَا فِي الْغِرَاسِ وَلَا فِي الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ وَفِي الْعِمَادِيَّةِ وَهَبَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَإِنْ كَانَتْ وَصِيَّةً لَكِنَّهَا هِبَةٌ حَقِيقَةً فَتَفْتَقِرُ إلَى الْقَبْضِ وَلَمْ يُوجَدْ اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ عِمَارَةُ حَوَانِيتَ مَعْلُومَةٍ جَارِيَةٍ فِي مِلْكِهِ وَمَبْلَغٌ مُرْصَدٌ مَعْلُومٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى دَارٍ مَعْلُومَةٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفِ كَذَا فَمَلَكَ ذَلِكَ جَمِيعَهُ مِنْ أَوْلَادِهِ الْقَاصِرِينَ بِالْوِلَايَةِ عَلَيْهِمْ وَأَشْهَدَ أَنْ لَا حَقَّ لَهُ مَعَهُمْ فِي ذَلِكَ ثُمَّ مَاتَ عَنْهُمْ وَعَنْ وَرَثَةٍ غَيْرِهِمْ وَبَلَغَ الْقَاصِرُونَ رَشِيدِينَ وَادَّعَتْ الْوَرَثَةُ عَلَيْهِمْ لَدَى حَاكِمٍ حَنْبَلِيٍّ حَكَمَ بِصِحَّةِ التَّمْلِيكِ لِلْقَاصِرِينَ وَبِعَدَمِ مُعَارَضَةِ الْوَرَثَةِ لَهُمْ فِي حَادِثَةِ تَمْلِيكِ الْبِنَاءِ دُونَ الْأَرْضِ وَحَادِثَةِ دَعْوَى التَّمْلِيكِ مُنْفَرِدَةً مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدِ كَوْنِهِ بَيْعًا أَوْ هِبَةً وَحَادِثَةِ دَعْوَى تَمْلِيكِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ فِي الْمُرْصَدِ الْمَزْبُورِ حُكْمًا شَرْعِيًّا مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ بَعْدَ الدَّعْوَى مِنْ وَكِيلِ الْوَرَثَةِ عَلَى الْأَوْلَادِ الْمَذْكُورِينَ وَالشَّهَادَةِ الْمُسْتَقِيمَةِ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً أَفْتَى مُفْتِي مَذْهَبِهِ بِصِحَّتِهَا وَأَنْفَذَ حُكْمَهُ حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً شَرْعِيَّةً فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِ الْحُجَّتَيْنِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى نَاظِرُ وَقْفٍ عَلَى نَاظِرِ وَقْفِ ذِي يَدٍ بِأَنَّ مِنْ الْجَارِي تَحْتَ نِظَارَتِهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ أَرَاضٍ مُتَلَاصِقَاتٍ مَعْلُومَاتٍ وَأَنَّ ذَا الْيَدِ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَطَلَبَ مِنْهُ تَسْلِيمَهَا لِجِهَةِ وَقْفِهِ وَرَفْعَ يَدِهِ عَنْهَا فَاعْتَرَفَ ذُو الْيَدِ بِجَرَيَانِ نِصْفِ الْجَمِيعِ فِي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ وَأَنْكَرَ جَرَيَانَ الرُّبْعِ الْمُدَّعَى بِهِ فِي وَقْفِ الْمُدَّعِي لِجَرَيَانِهِ فِي وَقْفِ ذِي الْيَدِ وَكَلَّفَهُ إثْبَاتَ ذَلِكَ فَأَبْرَزَ مِنْ يَدِهِ كِتَابَ وَقْفِهِ الْمُتَضَمِّنِ لِذَلِكَ وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُزَكَّاةِ فِي وَجْهِهِ طِبْقَ مَا ادَّعَاهُ وَاسْتَوْفَتْ الدَّعْوَى شَرَائِطَهَا الشَّرْعِيَّةَ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ الْمُتَدَاعَى لَدَيْهِ لِجِهَةِ وَقْفِهِ بِذَلِكَ فَهَلْ يَكُونُ حُكْمُهُ وَاقِعًا مَوْقِعَهُ الشَّرْعِيَّ وَإِذَا أَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ السَّابِقُ بِهَا؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ الْخَارِجِ أَوْلَى وَلَا سِيَّمَا بَعْدَ الْحُكْمِ الْمَزْبُورِ أَوْضِحُوا لَنَا الْجَوَابَ بِنَقْلِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَلَكُمْ جَزِيلُ الثَّوَابِ مِنْ الْمَلِكِ الْوَهَّابِ؟
(الْجَوَابُ) : حَيْثُ اسْتَوْفَتْ الدَّعْوَى شَرَائِطَهَا الشَّرْعِيَّةَ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ لَهُ بِذَلِكَ يَكُونُ حُكْمُهُ وَاقِعًا مَوْقِعَهُ الشَّرْعِيَّ؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ الْخَارِجِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ.
قَالَ فِي الْمُلْتَقَى فِي دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ لَا تُعْتَبَرُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ فِي الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى اهـ وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ وَالدُّرَرِ وَالنُّقَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا لَا سِيَّمَا الْخَارِجُ مُدَّعٍ وَذُو الْيَدِ مُنْكِرٌ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» وَقَدْ وَرَدَ بَعْضُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَأَنَّهُ مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَقَدْ اُسْتُخْرِجَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ مِائَتَا أَلْفِ مَسْأَلَةٍ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْقَضَاءَ لِذِي الْيَدِ قَضَاءُ تَرْكٍ لَا قَضَاءُ اسْتِحْقَاقٍ إذْ لَا يُكَلَّفُ لِلْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّ أَقْصَى مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى حَقِيقَةِ كَلَامِهِ وَضْعُ يَدِهِ إذْ هُوَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَى الْبَيِّنَةِ وَمِنْ الْمُقَرَّرِ أَنَّ دَعْوَى الْوَقْفِ مِنْ قَبِيلِ دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ بِاعْتِبَارِ مِلْكِ الْوَاقِفِ قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ نُجَيْمٍ فِي بَحْرِهِ مِنْ بَابِ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ دَعْوَى الْوَقْفِ مِنْ قَبِيلِ دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَفَرَّعَ عَلَى ذَلِكَ فُرُوعًا فَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ وَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ الْمَزْبُورُ لَوْ أَقَامَهَا بَعْدَهُ.
كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ عَلَّامَةُ فِلَسْطِينَ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ عَلَى سُؤَالٍ رُفِعَ إلَيْهِ فِي مِثْلِ هَذَا فَأَجَابَ وَأَجَادَ وَلِأَعْظَمِ فَائِدَةٍ أَفَادَ بِقَوْلِهِ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ السَّابِقُ بِإِقَامَةِ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ الْمَذْكُورِ إذْ الْبَيِّنَةُ لَيْسَتْ لَهُ وَإِنَّمَا هِيَ لِلْخَارِجِ وَقَدْ أَقَامَهَا وَقُضِيَ لَهُ بِهَا فَلَا يَجُوزُ نَقْضُهَا بِإِقَامَةِ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى ذِي فَهْمٍ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ مَنْ صَارَ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بَعْدَهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْهَا وَفِي الْكَافِي مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَةِ إذَا تَضَمَّنَتْ الشَّهَادَةُ نَقْضَ قَضَاءٍ تُرَدُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute