للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(أَقُولُ) لَيْسَ هَذَا عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ هَذَا حَيْثُ لَمْ يَزِدْ الْمُدَّعِي عَلَى مَا صَدَرَ مِنْهُ أَوَّلًا أَمَّا لَوْ جَاءَ بِدَفْعٍ صَحِيحٍ أَوْ جَاءَ بِبَيِّنَةٍ بَعْدَ عَجْزِهِ عَنْهَا فَإِنَّهَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ كَمَا أَوْضَحَهُ الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الدَّعْوَى مِنْ فَتَاوَاهُ حَيْثُ قَالَ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ مَا نَصُّهُ يُنْظَرُ فِي دَعْوَى الْمُدَّعِي إنْ كَانَ أَتَى بِهَا مَعَ دَفْعٍ أَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً تُسْمَعُ وَيُقْبَلُ مِنْهُ الدَّفْعُ وَكَذَلِكَ لَوْ مَنَعَ الْخَصْمَ مِنْ التَّعَرُّضِ لَهُ لِعَدَمِ بَيِّنَةٍ قَامَتْ مِنْهُ عَلَى خَصْمِهِ ثُمَّ أَتَى بِهَا تُسْمَعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ حَيْثُ لَمْ يَزِدْ عَلَى مَا صَدَرَ مِنْهُ أَوَّلًا وَهُوَ مَقْصُودُ الْعُلَمَاءِ فِي قَوْلِهِمْ لَا تُسْتَأْنَفُ الدَّعْوَى قَالَ مَشَايِخُنَا فِي كُتُبِهِمْ كَالذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا كَمَا يَصِحُّ الدَّفْعُ يَصِحُّ دَفْعُ الدَّفْعِ وَكَذَا يَصِحُّ دَفْعُ دَفْعِ الدَّفْعِ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ يَصِحُّ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَكَمَا يَصِحُّ قَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ يَصِحُّ بَعْدَهَا وَكَمَا يَصِحُّ الدَّفْعُ قَبْلَ الْحُكْمِ يَصِحُّ بَعْدَ الْحُكْمِ وَفِي الذَّخِيرَةِ بَرْهَنَ الْخَارِجُ عَلَى نِتَاجٍ فَحَكَمَ لَهُ ثُمَّ بَرْهَنَ ذُو الْيَدِ عَلَى النِّتَاجِ يَحْكُمُ لَهُ بِهِ اهـ فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي بَيِّنَةٍ مُثْبَتَةٍ وَلَهَا اعْتِبَارٌ وَحَكَمَ بِهَا وَسَمِعَ بَعْدَهَا دَعْوَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَبَطَلَ الْقَضَاءُ عَلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ فَكَيْفَ لَا تَبْطُلُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ فِيمَا أُلْحِقَ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَإِنْ حَكَمَ الْقَاضِي لَهُ بِظَاهِرِ الْيَدِ الْمُغْنِيَةِ لَهُ عَنْ الْبَيِّنَةِ فَكَيْفَ بَيِّنَةٌ غَيْرُ مُثْبَتَةٍ؛ لِأَنَّ عَنْهَا غِنًى بِالْيَدِ وَلَا حَاجَةَ لِلْحُكْمِ بِهَا إذْ الْقَضَاءُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ عِنْدَ عَدَمِ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ قَضَاءَ تَرْكٍ لَا قَضَاءَ اسْتِحْقَاقٍ فَنَقُولُ إنْ أَعَادَ الْخَصْمُ الدَّعْوَى وَلَا بَيِّنَةَ مَعَهُ بِمَا يَدَّعِي لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّهَا عَيْنُ الْأُولَى حَيْثُ لَمْ يَقُمْ بَيِّنَةٌ وَلَمْ يَأْتِ بِدَفْعٍ شَرْعِيٍّ وَقَدْ مَنَعَ أَوَّلًا لِعَدَمِ إقَامَتِهَا فَمَا أَتَى بِهِ تَكْرَارٌ مَحْضٌ مِنْهُ وَقَدْ مَنَعَ بِمَا سَبَقَ فَلَا يَلْتَفِتُ إلَيْهِ وَلَا يَسْمَعُ مِنْهُ إجْمَاعًا اهـ كَلَامُ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بَعْدَهُ فِيهِ إلَّا أَنْ يُبَرْهِنَ عَلَى إبْطَالِ الْقَضَاءِ بِأَنْ ادَّعَى دَارًا بِالْإِرْثِ وَبَرْهَنَ وَقَضَى ثُمَّ ادَّعَى الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ الشِّرَاءَ مِنْ مُوَرِّثِ الْمُدَّعِي أَوْ ادَّعَى الْخَارِجُ الشِّرَاءَ مِنْ فُلَانٍ وَبَرْهَنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى شِرَائِهِ مِنْ فُلَانٍ أَوْ مِنْ الْمُدَّعِي قَبْلَهُ أَوْ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالدَّابَّةِ فَبَرْهَنَ عَلَى نِتَاجِهَا عِنْدَهُ اهـ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُمْ يَصِحُّ الدَّفْعُ بَعْدَ الْحُكْمِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ فِيهِ إبْطَالُ الْقَضَاءِ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ أَيْضًا بِمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ التَّوْفِيقُ لِمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَنْ فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ لَوْ أَتَى بِالدَّفْعِ بَعْدَ الْحُكْمِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ لَا يُقْبَلُ نَحْوَ أَنْ يُبَرْهِنَ بَعْدَ الْحُكْمِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَقَرَّ قَبْلَ الدَّعْوَى أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الدَّارِ لَا يَبْطُلُ الْحُكْمُ لِجَوَازِ التَّوْفِيقِ بِأَنْ شَرَاهُ بِخِيَارٍ فَلَمْ يَمْلِكْهُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ ثُمَّ مَضَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ وَقْتَ الْحُكْمِ فَمَلَكَهُ فَلَمَّا احْتَمَلَ هَذَا لَمْ يَبْطُلْ الْحُكْمُ الْجَائِزُ بِشَكٍّ وَلَوْ بَرْهَنَ قَبْلَ الْحُكْمِ يُقْبَلُ وَلَا يَحْكُمُ إذْ الشَّكُّ يَدْفَعُ الْحُكْمَ وَلَا يَرْفَعُهُ اهـ.

لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا مَبْنِيًّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ إمْكَانَ التَّوْفِيقِ كَافٍ أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّوْفِيقِ بِالْفِعْلِ فَلَا تَقْيِيدَ بِمَا ذَكَرَ وَقَدْ ذَكَرُوا الْقَوْلَيْنِ فِي مَسَائِلِ التَّنَاقُضِ وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَقَالَ إنَّهُ الْأَصْوَبُ عِنْدِي وَأَقَرَّهُ فِي نُورِ الْعَيْنِ أَنَّهُ إنْ كَانَ التَّنَاقُضُ ظَاهِرًا وَالتَّوْفِيقُ خَفِيًّا لَا يَكْفِي إمْكَانُ التَّوْفِيقِ وَإِلَّا يَكْفِي الْإِمْكَانُ ثُمَّ أَيَّدَهُ بِمَسْأَلَةٍ فِي الْجَامِعِ وَهِيَ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَهُ فَمَكَثَ قَدْرَ مَا يُمْكِنُهُ الشِّرَاءُ مِنْهُ ثُمَّ بَرْهَنَ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْهُ بِلَا تَارِيخٍ قُبِلَ لِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ بِأَنْ يَشْتَرِيَهُ بَعْدَ إقْرَارِهِ وَلِأَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْعَقْدِ الْمُبْهَمِ تُفِيدُ الْمِلْكَ لِلْحَالِ اهـ وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا فِي مُخَمَّسَةِ الدَّعْوَى أَنَّ الْخَارِجَ لَوْ ادَّعَى الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ عَلَى ذِي الْيَدِ وَلَمْ يَدَّعِ ذُو الْيَدِ أَنَّ فُلَانًا الْغَائِبَ أَوْدَعَهُ عِنْدَهُ أَوْ ادَّعَى وَلَكِنْ لَمْ يُبَرْهِنْ حَتَّى قَضَى لِلْخَارِجِ لَمْ تُسْمَعُ دَعْوَى ذِي الْيَدِ إلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْإِيدَاعِ وَلَا بُرْهَانِهِ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْبَحْرِ إنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِمْ إنَّ الدَّفْعَ بَعْدَ الْحُكْمِ صَحِيحٌ إلَّا أَنْ يُخَصَّ مِنْ الْكُلِّيِّ اهـ وَأَجَابَ فِي نُورِ الْعَيْنِ بِأَنَّ هَذَا الْفَرْعَ لَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مُقَابِلِ الْمُخْتَارِ وَهُوَ عَدَمُ صِحَّةِ الدَّفْعِ بَعْدَ الْحُكْمِ وَتَمَامُهُ فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الْبَحْرِ فَاغْتَنِمْ هَذِهِ الْفَوَائِدَ الْفَرَائِدَ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ عَلَى رَجُلٍ اسْمُهُ فَضْلُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>