ثُمَّ أَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ صَحَّ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ. اهـ. وَمِنْهَا مَا فِي الْخُلَاصَةِ أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ أَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ دَيْنٍ أَقْرَضَهُ فِي مَرَضِهِ لَا يَصِحُّ لَوْ عَلَيْهِ دَيْنُ صِحَّةٍ وَإِلَّا جَازَ. اهـ. فَقَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَ يَقْتَضِي أَنْ يُصَدَّقَ مِنْ كُلِّ الْمَالِ لَا مِنْ الثُّلُثِ فَقَطْ قَالَ فِي نُورِ الْعَيْنِ وَلَعَلَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا رِوَايَتَيْنِ أَوْ أَحَدَ قَوْلَيْهِ سَهْوٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ. وَقَدْ عَلِمْت قَوْلَهُ الْمَارَّ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا أَيْ تَصْدِيقَهُ مِنْ كُلِّ الْمَالِ أَصَحُّ وَلَكِنْ فِيهِ تَفْصِيلٌ قَالَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا السَّائِحَانِيُّ وَفِي الْبَدَائِعِ فَإِنْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِاسْتِيفَاءِ دَيْنٍ وَجَبَ فِي حَالِ الصِّحَّةِ يَصِحُّ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنُ الصِّحَّةِ أَوْ لَا وَإِنْ أَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ دَيْنٍ وَجَبَ لَهُ فِي حَالَةِ الْمَرَضِ فَإِنْ وَجَبَ بَدَلًا عَمَّا هُوَ مَالٌ لَا يُصَدَّقُ فِي حَقِّ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ وَيُصَدَّقُ فِي حَقِّهِمْ فِيمَا وَجَبَ بَدَلًا عَمَّا لَيْسَ بِمَالٍ. اهـ. وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ يُصَدَّقُ وَيَنْفُذُ مِنْ كُلِّ التَّرِكَةِ وَهُوَ صَرِيحُ الْمُحِيطِ وَيَظْهَرُ لِي الْعَمَلُ بِمَا فِي الْخُلَاصَةِ فِيمَا فِيهِ تُهْمَةٌ. اهـ.
كَلَامُ السَّائِحَانِيِّ وَمِنْ خَطِّهِ نَقَلْت وَأَرَادَ بِالتُّهْمَةِ مَا إذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ إضْرَارُ الْوَرَثَةِ أَوْ الْغُرَمَاءِ وَأَنَّهُ كَاذِبٌ فِي ذَلِكَ الْإِقْرَارِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي حَاشِيَةِ الْبِيرِيِّ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّةِ أَشْهَدَتْ الْمَرْأَةُ شُهُودًا عَلَى نَفْسِهَا لِابْنِهَا أَوْ لِأَخِيهَا تُرِيدُ بِذَلِكَ إضْرَارَ الزَّوْجِ أَوْ أَشْهَدَ الرَّجُلُ شُهُودًا عَلَى نَفْسِهِ بِمَالٍ لِبَعْضِ الْأَوْلَادِ يُرِيدُ بِهِ إضْرَارَ بَاقِي الْأَوْلَادِ وَالشُّهُودُ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ وَسِعَهُمْ أَنْ لَا يَقْبَلُوا الشَّهَادَةَ إلَخْ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ الْإِشْهَادُ فِي حَالِ الصِّحَّةِ إذْ الْإِقْرَارُ فِي الْمَرَضِ لِلْوَارِثِ غَيْرُ صَحِيحٍ أَصْلًا وَلَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ بِهِ فَحَيْثُ سَوَّغُوا لِلشُّهُودِ عَدَمَ الشَّهَادَةِ فِيمَا إذَا قَصَدَ الْمُقِرُّ الْإِضْرَارَ؛ لِأَنَّهُ جَوْرٌ فَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي عَدَمُ سَمَاعِ تِلْكَ الدَّعْوَى حَيْثُ عَلِمَ ذَلِكَ أَوْ قَامَتْ لَهُ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ وَمِثْلُهُ مَا إذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ لَكِنْ هُنَا إقْرَارُهُ لَهُ قَدْ يَكُونُ بِطَرِيقِ الْإِبْرَاءِ أَوْ الْوَصِيَّةِ فَيَنْبَغِي نَفَاذُهُ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ إبْرَاءَ الْأَجْنَبِيِّ جَائِزٌ بِخِلَافِ الْوَارِثِ هَذَا غَايَةُ مَا تَحَرَّرَ فِي هَذَا الْمَقَامِ وَيَأْتِي قَرِيبًا فِيهِ مَزِيدُ كَلَامٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِي مَرِيضٍ مَرَضَ الْمَوْتِ أَقَرَّ لِأَجْنَبِيٍّ بِفَرَسٍ مَعْلُومَةٍ لَمْ يُعْلَمْ تَمَلُّكُهُ لَهَا فِي مَرَضِهِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنُ الصِّحَّةِ وَمَاتَ عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ فَهَلْ يَصِحُّ إقْرَارُهُ مِنْ كُلِّ مَالِهِ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةُ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنُ الصِّحَّةِ فَأَقَرَّ فِي مَرَضِهِ لِأَجْنَبِيٍّ بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ فِي يَدِهِ مَضْمُونَةٍ أَوْ غَيْرِ مَضْمُونَةٍ أَوْ أَمَانَةٍ بِأَنْ قَالَ مُضَارَبَةً أَوْ أَمَانَةً أَوْ وَدِيعَةً أَوْ غَصْبًا يُقَدَّمُ دَيْنُ الصِّحَّةِ عِمَادِيَّةٌ عَيْنٌ فِي يَدِ رَجُلٍ فَأَقَرَّ بِهَا لِرَجُلٍ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا بَيْعٌ وَلَا سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ صَحَّ إقْرَارُهُ حُكْمًا وَلَا تَحِلُّ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَإِنْ أَرَادَ الْمُقِرُّ بِهَذَا الْإِقْرَارِ تَمْلِيكًا قَالَ لَا يَمْلِكُهُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ وَلَيْسَ بِتَمْلِيكٍ خَانِيَّةٌ إقْرَارُهُ بِدَيْنٍ لِأَجْنَبِيٍّ نَافِذٌ مِنْ كُلِّ مَالِهِ بِأَثَرِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَوْ بِعَيْنٍ فَكَذَلِكَ إلَّا إذَا عُلِمَ تَمَلُّكُهُ لَهَا فِي مَرَضِهِ فَيَتَقَيَّدُ بِالثُّلُثِ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي مُعِينِهِ فَلْيُحْفَظْ عَلَائِيٌّ عَلَى التَّنْوِيرِ وَعِبَارَةُ مُعِينِ الْمُفْتِي لِصَاحِبِ التَّنْوِيرِ هَكَذَا قَالَ فِي الْأَصْلِ إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ فِي مَرَضِهِ لِغَيْرِ وَارِثٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَإِنْ أَحَاطَ ذَلِكَ بِمَالِهِ وَإِنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ فَهُوَ بَاطِلٌ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْوَرَثَةُ وَهَكَذَا فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ مِنْ مُخْتَصَرَاتِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَغَيْرِهَا لَكِنْ فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ إنَّ إقْرَارَ الْمَرِيضِ لِلْوَارِثِ لَا يَجُوزُ حِكَايَةً وَلَا ابْتِدَاءً وَإِقْرَارُهُ لِلْأَجْنَبِيِّ يَجُوزُ حِكَايَةً مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ وَابْتِدَاءً مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ. اهـ.
قُلْت وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا أَطْلَقَهُ الْمَشَايِخُ فَيَحْتَاجُ إلَى التَّوْفِيقِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُوَفَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِالِابْتِدَاءِ مَا يَكُونُ صُورَتُهُ صُورَةَ إقْرَارٍ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ ابْتِدَاءُ تَمْلِيكٍ بِأَنْ يُعْلَمَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ أَنَّ ذَلِكَ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ مِلْكٌ لَهُ وَإِنَّمَا قَصَدَ إخْرَاجَهُ فِي صُورَةِ الْإِقْرَارِ حَتَّى لَا يَكُونَ فِي ذَلِكَ مِنَّةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ كَمَا يَقَعُ لِبَعْضٍ أَنَّهُ يَتَصَدَّقُ عَلَى فَقِيرٍ فَيُقْرِضُهُ بَيْنَ النَّاسِ وَإِذَا خَلَا بِهِ وَهَبَهُ مِنْهُ أَوْ لِئَلَّا يُحْسَدَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْوَرَثَةِ فَيَحْصُلَ مِنْهُمْ إيذَاءٌ فِي الْجُمْلَةِ بِوَجْهٍ مَا وَأَمَّا الْحِكَايَةُ فَهِيَ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute