للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى الْهِبَةِ وَاشْتُرِطَ التَّسْلِيمُ كَمَا عَلِمْت وَهَذَا كُلُّهُ أَيْضًا حَيْثُ أَضَافَ مَا أَقَرَّ بِهِ إلَى نَفْسِهِ كَقَوْلِهِ دَارِي أَوْ عَبْدِي لِفُلَانٍ بِخِلَافِ قَوْلِهِ هَذِهِ الدَّارُ أَوْ الْعَبْدُ لِفُلَانٍ وَلَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا لِلنَّاسِ بِأَنَّهُ مِلْكُ الْمُقِرِّ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى التَّمْلِيكِ بِطَرِيقِ الْهِبَةِ أَوْ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مُجَرَّدَ إقْرَارٍ وَهُوَ إخْبَارٌ لَا تَمْلِيكٌ كَمَا فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ لَكِنْ بِهَذَا التَّقْرِيرِ ظَهَرَ لَك أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي مُعِينِ الْمُفْتِي عَنْ الْقُنْيَةِ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى التَّمْلِيكِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ وَهُوَ صَحِيحٌ بِعَبْدٍ فِي يَدِ أَبِيهِ بِأَنَّهُ لِفُلَانٍ إقْرَارٌ مُجَرَّدٌ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَا اُشْتُرِطَ لِجَعْلِهِ تَمْلِيكًا هِبَةً أَوْ وَصِيَّةً؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا عُلِمَ تَمَلُّكُهُ لَهُ فِي مَرَضِهِ عِنْدَ مَوْتِ أَبِيهِ وَالشَّرْطُ كَوْنُهُ مِلْكًا لَهُ وَقْتَ الْإِقْرَارِ وَإِضَافَتُهُ إلَى نَفْسِهِ حَتَّى يُمْكِنَ جَعْلُهُ تَمْلِيكًا بِطَرِيقِ الْهِبَةِ أَوْ الْوَصِيَّةِ لَا يُقَالُ يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ لِقَوْلِهِمْ يَصِحُّ إقْرَارُ الشَّخْصِ بِمَالٍ مَمْلُوكٍ لِلْغَيْرِ وَيَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ إذَا مَلَكَهُ بُرْهَةً مِنْ الزَّمَانِ لِنَفَاذِهِ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا فِي الْإِقْرَارِ عَلَى سَبِيلِ الْإِخْبَارِ الَّذِي يَنْفُذُ مِنْ كُلِّ الْمَالِ وَكَلَامُ الْقُنْيَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ إنْشَاءُ تَمْلِيكٍ ابْتِدَاءً.

وَلِذَا قَيَّدَ نَفَاذَهُ بِكَوْنِهِ مِنْ الثُّلُثِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ إقْرَارَ هَذَا الِابْنِ كَانَ إخْبَارًا فِي حَالِ صِحَّتِهِ لَكِنَّهُ لَمَّا دَخَلَ الْعَبْدُ فِي مِلْكِهِ وَهُوَ مَرِيضٌ وَلَزِمَهُ تَسْلِيمُهُ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ اُعْتُبِرَ تَبَرُّعًا فِي الْمَرَضِ فَتَقَيَّدَ بِالثُّلُثِ لِوُضُوحِ الْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ التَّبَرُّعَ بِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ لَكِنَّهُ مَنَعَ نَفَاذَهُ فِي وَقْتِ الْإِقْرَارِ قِيَامُ مِلْكِ أَبِيهِ لَهُ فَلَمَّا انْتَقَلَ إلَى مِلْكِهِ زَالَ الْمَانِعُ فَنَفَذَ تَبَرُّعًا وَالتَّبَرُّعُ فِي الْمَرَضِ يَتَقَيَّدُ بِالثُّلُثِ هَذَا غَايَةُ مَا وَصَلَ إلَيْهِ فَهْمِي الْقَاصِرُ فِي تَوْجِيهِ عِبَارَةِ الْقُنْيَةِ فَتَأَمَّلْهُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي فِي تَأْوِيلِ عِبَارَةِ الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ غَيْرُ مَا مَرَّ وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْإِقْرَارُ بِالْإِبْرَاءِ عَنْ الدَّيْنِ يَعْنِي إذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ أَنَّهُ أَبْرَأَ وَارِثَهُ عَنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ حِكَايَةً بِأَنْ يُسْنِدَ الْإِبْرَاءَ إلَى حَالِ الصِّحَّةِ وَيَقُولَ قَدْ كُنْت أَبْرَأْته عَنْهُ وَأَنَا صَحِيحٌ وَلَا ابْتِدَاءً بِأَنْ يَقْصِدَ إبْرَاءَهُ عَنْهُ الْآنَ وَأَمَّا الْأَجْنَبِيُّ فَإِنَّهُ إذَا حَكَى أَنَّهُ أَبْرَأَهُ فِي الصِّحَّةِ يَجُوزُ مِنْ كُلِّ الْمَالِ وَإِذَا ابْتَدَأَ إبْرَاءَهُ عَنْهُ أَيْ قَصَدَ بِذَلِكَ الْإِقْرَارِ إنْشَاءَ الْإِبْرَاءِ الْآنَ لَا عَلَى سَبِيلِ الْحِكَايَةِ يَجُوزُ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي جَوَابِ السُّؤَالِ السَّابِقِ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالْبَدَائِعِ إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ أَبْرَأَ فُلَانًا فِي صِحَّتِهِ مِنْ دَيْنِهِ لَمْ يَجُزْ إذْ لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ لِلْحَالِ فَكَذَا الْحِكَايَةُ إلَخْ وَقَدَّمْنَا عَنْ الْجَوْهَرَةِ التَّصْرِيحَ بِأَنَّ الْمُرَادَ لَمْ يَجُزْ أَيْ مِنْ كُلِّ الْمَالِ وَإِنَّمَا يَجُوزُ مِنْ الثُّلُثِ وَعَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ فِي إقْرَارِهِ بِإِبْرَاءِ الْأَجْنَبِيِّ بَيْنَ كَوْنِهِ حِكَايَةً أَوْ ابْتِدَاءً حَيْثُ يَنْفُذُ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ الثُّلُثِ فَقَطْ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ مِنْهُ فَإِنَّهُ مِنْ الْكُلِّ كَمَا مَرَّ وَحِينَئِذٍ فَمَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ مِنْ التَّفْصِيلِ مُخَالِفٌ لِذَلِكَ فَيَكُونُ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ وَالظَّاهِرُ تَقْدِيمُ مَا فِي الْبَدَائِعِ وَالْجَوْهَرَةِ لِكَوْنِهِمَا مِنْ الشُّرُوحِ فَتَأَمَّلْ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(سُئِلَ) فِي مَرِيضَةٍ مَرَضَ الْمَوْتِ أَقَرَّتْ فِيهِ لِأَخِيهَا الْغَيْرِ الْوَارِثِ لَهَا بِمَبْلَغٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَأَنَّ ذَلِكَ لَزِمَ ذِمَّتَهَا لَهُ مِنْ جِهَةِ قَرْضٍ اقْتَرَضَتْهُ مِنْهُ وَمَاتَتْ عَنْ أَوْلَادٍ وَعَنْ زَوْجٍ وَخَلَّفَتْ تَرِكَةً فَهَلْ يَصِحُّ الْإِقْرَارُ الْمَذْكُورُ وَإِنْ لَمْ يُجِزْهُ الْوَارِثُ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ لِغَيْرِ وَارِثٍ يَجُوزُ وَإِنْ أَحَاطَ وَإِنْ لِوَارِثٍ لَا إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْوَرَثَةُ أَوْ يُبَرْهِنَ بَزَّازِيَّةٌ إقْرَارُهُ بِدَيْنٍ لِأَجْنَبِيٍّ نَافِدٌ مِنْ كُلِّ مَالِهِ وَأُخِّرَ الْإِرْثُ عَنْهُ وَدَيْنُ الصِّحَّةِ وَمَا لَزِمَهُ فِي مَرَضِهِ بِسَبَبِ مَعْرُوفٍ قُدِّمَا عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَلَوْ وَدِيعَةً وَالسَّبَبُ الْمَعْرُوفُ كَنِكَاحٍ مُشَاهَدٍ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَبَيْعٍ مُشَاهَدٍ كَذَلِكَ وَإِتْلَافٍ كَذَلِكَ تَنْوِيرٌ وَمِثْلُهُ فِي الْمُلْتَقَى وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِدُيُونٍ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ فِي صِحَّتِهِ وَدُيُونٌ لَزِمَتْهُ فِي مَرَضِهِ بِأَسْبَابٍ مَعْلُومَةٍ فَدَيْنُ الصِّحَّةِ وَالدُّيُونُ الْمَعْرُوفَةُ الْأَسْبَابِ مُتَقَدِّمَةٌ هِدَايَةٌ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ.

(سُئِلَ) فِي مَرِيضٍ مَرَضَ الْمَوْتِ أَقَرَّ فِيهِ بِأَنَّ فِي ذِمَّتِهِ لِزَوْجَتِهِ كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ مَهْرًا مُؤَجَّلًا لَهَا وَصَدَّقَتْهُ فِيهِ وَمَاتَ عَنْهَا وَعَنْ وَرَثَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>