سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْدَعَ زَيْدٌ عِنْدَ عَمْرٍو أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ فَوَضَعَهَا عَمْرٌو فِي جَيْبِهِ ثُمَّ فُقِدَتْ مِنْهُ بِدُونِ تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فِي الْحِفْظِ فَهَلْ يَكُونُ عَمْرٌو غَيْرَ ضَامِنٍ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَكَذَا إذَا جَعَلَهَا فِي جَيْبِهِ وَحَضَرَ مَجْلِسَ الْفِسْقِ فَسُرِقَتْ مِنْهُ لَا يَضْمَنُ وَهَكَذَا ذُكِرَ فِي الْعُدَّةِ اهـ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَوْدَعَ عِنْدَ آخَرَ جُوخَةً وَأَذِنَ لَهُ بِبَيْعِهَا فَوَضَعَهَا الْآخَرُ فِي حَانُوتِهِ وَهِيَ حِرْزُ مِثْلِهَا فَسُرِقَتْ مِنْ الْحَانُوتِ بِدُونِ تَعَدٍّ مِنْهُ وَلَا تَقْصِيرٍ فِي الْحِفْظِ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ سُرِقَتْ مِنْ حِرْزِ مِثْلِهَا بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ وَلَا وَجْهَ يُوجِبُ ضَمَانَهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ وَفِي الْأَنْقِرْوِيِّ مِنْ الْوَدِيعَةِ سُوقِيٌّ قَامَ مِنْ حَانُوتِهِ إلَى الصَّلَاةِ وَفِي حَانُوتِهِ وَدَائِعُ فَضَاعَ شَيْءٌ مِنْهَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُضَيِّعٍ لِمَا فِي حَانُوتِهِ؛ لِأَنَّ جِيرَانَهُ يَحْفَظُونَ إلَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا إيدَاعًا مِنْ الْجِيرَانِ فَيُقَالُ لَيْسَ لِلْمُودَعِ أَنْ يُودِعَ لَكِنْ هَذَا مُودَعٌ لَمْ يُضَيِّعْ وَاقِعَاتٌ فِي الْوَدِيعَةِ قَوْلُهُ لَيْسَ لِلْمُودَعِ أَنْ يُودِعَ إلَخْ ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ مَا يَدُلُّ عَلَى الضَّمَانِ فَلْيُتَأَمَّلْ عِنْدَ الْفَتْوَى فُصُولَيْنِ مِنْ الثَّالِثِ وَالثَّلَاثِينَ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قَامَ مِنْ حَانُوتِهِ إلَى الصَّلَاةِ وَفِيهِ وَدَائِعُ النَّاسِ وَضَاعَتْ لَا ضَمَانَ وَإِنْ أَجْلَسَ عَلَى بَابِهِ ابْنًا لَهُ صَغِيرًا فَضَاعَ إنْ كَانَ الصَّبِيُّ يَعْقِلُ الْحِفْظَ وَيَحْفَظُ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا يَضْمَنُ. اهـ.
وَقَالَ قُبَيْلَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْعُرْفِ حَتَّى لَوْ تَرَكَ الْحَانُوتَ مَفْتُوحًا أَوْ عَلَّقَ الشَّبَكَةَ عَلَى بَابِهِ وَنَامَ فَفِي النَّهَارِ لَيْسَ بِتَضْيِيعٍ وَفِي اللَّيْلِ إضَاعَةٌ وَفِي خُوَارِزْمَ لَا يُعَدُّ إضَاعَةً فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ. اهـ.
(أَقُولُ) الَّذِي يَظْهَرُ فِي مَسْأَلَةِ الْحَانُوتِ عَدَمُ الضَّمَانِ سَوَاءٌ أَجْلَسَ صَبِيًّا أَوْ لَا حَيْثُ جَرَى عُرْفُ أَهْلِ السُّوقِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُودَعٍ قَصْدًا بَلْ تَرَكَهَا فِي حِرْزِهَا مَعَ مَالِهِ فَقَدْ حَفِظَهَا بِمَا يَحْفَظُ بِهِ مَالَهُ وَلِهَذَا نَقَلَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ رَامِزًا إلَى فَتَاوَى الْقَاضِي ظَهِيرِ الدِّينِ أَنَّهُ يَبْرَأُ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَهَا فِي الْحِرْزِ فَلَمْ يُضَيِّعْ. اهـ. وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَيْضًا دَخَلَ الْحَمَّامَ وَوَضَعَ دَرَاهِمَ الْوَدِيعَةِ مَعَ ثِيَابِهِ بَيْنَ يَدَيْ الثِّيَابِيِّ قَالَ خ يَعْنِي قَاضِيَ خَانْ ضَمِنَ لِإِيدَاعِ الْمُودَعِ وَقَالَ حط يَعْنِي صَاحِبَ الْمُحِيطِ لَا؛ لِأَنَّهُ إيدَاعٌ ضِمْنِيٌّ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ الْمُودَعُ بِإِيدَاعٍ قَصْدِيٍّ. اهـ.
وَفِيهِ فِي ضَمَانِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ وَالْخَاصِّ رَامِزًا لِلذَّخِيرَةِ قَرْيَةٌ عَادَتُهُمْ أَنَّ الْبَقَّارَ إذَا أَدْخَلَ السَّرْحَ فِي السِّكَكِ يُرْسِلُ كُلَّ بَقَرَةٍ فِي سِكَّةِ رَبِّهَا وَلَا يُسَلِّمُهَا إلَيْهِ فَفَعَلَ الرَّاعِي كَذَلِكَ فَضَاعَتْ بَقَرَةٌ قِيلَ يَبْرَأُ إذْ الْمَعْرُوفُ كَالْمَشْرُوطِ وَقِيلَ لَوْ لَمْ يُعَدُّ ذَلِكَ خِلَافًا يَبْرَأُ. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ مُتَقَارِبَانِ إنْ لَمْ يَكُونَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ مَعْرُوفًا لَا يُعَدُّ خِلَافًا؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مَأْذُونًا بِهِ عَادَةً وَقَدَّمْنَا نَحْوَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ وَهُوَ مَا لَوْ أَرْسَلَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ الثَّمَنَ إلَى الْمُوَكِّلِ مَعَ الْمُكَارِي وَنَحْوِهِ مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَبِهِ أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ
(وَأَقُولُ) أَيْضًا بَقِيَ هُنَا مَسْأَلَةٌ ذَكَرْتهَا فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي حَادِثَةٍ وَقَعَتْ فِي زَمَانِنَا وَسُئِلْنَا عَنْهَا وَهِيَ رَجُلٌ أَوْدَعَ عِنْدَ رَجُلٍ صُرَّةً مِنْ الشَّالِ غَالِيَةَ الثَّمَنِ فَوَضَعَهَا الْمُودَعُ فِي إصْطَبْلِ دَارِهِ فَسُرِقَتْ مِنْ الْإِصْطَبْلِ هَلْ يَضْمَنُهَا أَوْ لَا وَالْجَوَابُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَعْرِفَةِ الْمُرَادِ بِالْحِرْزِ فَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَوْ قَالَ وَضَعْتهَا بَيْنَ يَدَيَّ وَقُمْت وَنَسِيتُهَا فَضَاعَتْ يَضْمَنُ وَلَوْ قَالَ وَضَعْتهَا بَيْنَ يَدَيَّ فِي دَارِي وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا إنْ مِمَّا لَا يُحْفَظُ فِي عَرْصَةِ الدَّارِ كَصُرَّةِ النَّقْدَيْنِ يَضْمَنُ وَلَوْ كَانَتْ مِمَّا يُعَدُّ عَرْصَتُهَا حِصْنًا لَهُ لَا يَضْمَنُ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْفُصُولَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجِبُ حِرْزُ كُلِّ شَيْءٍ فِي حِرْزِ مِثْلِهِ لَكِنْ ذَكَرَ الْعَلَائِيُّ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ مِنْ كِتَابِ السَّرِقَةِ أَنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ حِرْزَ النَّوْعِ فَهُوَ حِرْزٌ لِكُلِّ الْأَنْوَاعِ فَيُقْطَعُ بِسَرِقَةِ لُؤْلُؤَةٍ مِنْ إصْطَبْلٍ. اهـ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ خَاصٌّ فِي حِرْزِ السَّرِقَةِ دُونَ الْوَدِيعَةِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي قَطْعِ السَّارِقِ هَتْكُ الْحِرْزِ وَذَلِكَ يَتَفَاوَتُ بِاعْتِبَارِ الْمُحْرَزَاتِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي ضَمَانِ الْمُودَعِ التَّعَدِّي وَالتَّقْصِيرُ فِي الْحِفْظِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ وَضَعَهَا فِي دَارِهِ