للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْحَصِينَةِ فَخَرَجَ وَكَانَتْ زَوْجَتُهُ غَيْرَ أَمِينَةٍ يَضْمَنُ مَعَ أَنَّهُ لَوْ سَرَقَهَا سَارِقٌ يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ الدَّارَ حِرْزٌ وَإِنَّمَا ضَمِنَهَا لِتَقْصِيرِهِ فِي الْحِفْظِ وَلَوْ وَضَعَهَا فِي الدَّارِ وَخَرَجَ وَالْبَابُ مَفْتُوحٌ وَلَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ أَحَدٌ مِنْ عِيَالِهِ أَوْ فِي الْحَمَّامِ أَوْ الْمَسْجِدِ أَوْ الطَّرِيقِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَغَابَ عَنْهَا يَضْمَنُ مَعَ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ سَارِقُهَا فَلَوْ اعْتَبَرْنَا فِي الْوَدِيعَةِ الْحِرْزَ الْمُعْتَبَرَ فِي السَّرِقَةِ لَزِمَ أَنْ لَا يَضْمَنَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَنَحْوِهَا فَيَلْزَمُ مُخَالَفَةُ مَا أَطْبَقُوا عَلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى التَّقْصِيرِ فِي الْحِفْظِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ وَضْعَ الْوَدِيعَةِ فِيمَا لَا يُوضَعُ فِيهِ أَمْثَالُهَا تَقْصِيرٌ فِي الْحِفْظِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ الْمَارَّةِ وَغَيْرِهَا فَالْمُرَادُ بِالْحِرْزِ هُنَا حِرْزُ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ فِي السَّرِقَةِ خِلَافَهُ وَلَا يُقَاسُ أَحَدُ الْبَابَيْنِ عَلَى الْآخَرِ بِلَا نَقْلٍ مَعَ أَنَّ النَّقْلَ الصَّرِيحَ يُخَالِفُهُ كَمَا عَلِمْت وَبِهِ ظَهَرَ جَوَابُ الْحَادِثَةِ الْمَذْكُورَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْدَعَ زَيْدٌ عِنْدَ عَمْرٍو وَدِيعَةً مَعْلُومَةً ثُمَّ أَنَّهَا ضَاعَتْ مِنْ عِنْدِ عَمْرٍو وَوُجِدَتْ عِنْدَ بَكْرٍ وَيُرِيدُ عَمْرٌو الْمُودَعُ أَنْ يُخَاصِمَ وَيَدَّعِيَ بِذَلِكَ وَيَأْخُذَهَا مِنْ بَكْرٍ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَيَصْلُحُ خَصْمًا؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَقَدْ أَجَابَ الْحَانُوتِيُّ بِقَوْلِهِ لَمْ أَقِفْ عَلَى الْمَسْأَلَةِ فِي مَحَلِّهَا لَكِنْ نَقَلَ فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ عَنْ الْوَلْوَالِجِيَّةِ رَجُلٌ الْتَقَطَ لُقَطَةً فَضَاعَتْ مِنْهُ ثُمَّ وَجَدَهَا فِي يَدِ رَجُلٍ فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ الرَّجُلِ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَدِيعَةِ. اهـ. فَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُودَعَ لَهُ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ. وَنَقَلَ الْمَسْأَلَةَ فِي لُقَطَةِ التَّنْوِيرِ وَعَزَاهَا الْعَلَائِيُّ إلَى الْمُجْتَبَى وَالنَّوَازِلِ ثُمَّ قَالَ لَكِنْ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ لَهُ الْخُصُومَةَ؛ لِأَنَّ يَدَهُ أَحَقُّ اهـ يَعْنِي لِلْمُلْتَقِطِ الْخُصُومَةُ أَيْضًا وَفِي الْخَانِيَّةِ مِنْ كِتَابِ اللُّقَطَةِ رَجُلٌ الْتَقَطَ لُقَطَةً وَضَاعَتْ مِنْهُ فَوَجَدَهَا فِي يَدِ غَيْرِهِ فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ الرَّجُلِ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ فَإِنَّ فِي الْوَدِيعَةِ يَكُونُ لِلْمُودَعِ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْ الثَّانِي؛ لِأَنَّ فِي اللُّقَطَةِ الثَّانِي كَالْأَوَّلِ فِي وِلَايَةِ أَخْذِ اللُّقَطَةِ وَلَيْسَ الثَّانِي كَالْأَوَّلِ فِي إثْبَاتِ الْيَدِ عَلَى الْوَدِيعَةِ. اهـ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ وَدِيعَةٌ عِنْدَ عَمْرٍو فَوَكَّلَ زَيْدٌ بَكْرًا فِي طَلَبِهَا مِنْ عَمْرٍو وَتَسْلِيمِهَا لَهُ فَطَلَبَهَا الْوَكِيلُ مِنْ عَمْرٍو فَلَمْ يُسَلِّمْهَا لَهُ وَمَنَعَهَا ظُلْمًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى تَسْلِيمِهَا حَتَّى هَلَكَتْ عِنْدَهُ وَيُرِيدُ زَيْدٌ الْآنَ أَنْ يُضَمِّنَ عَمْرًا قِيمَتَهَا بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذُكِرَ شَرْعًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : حَيْثُ طَلَبَهَا الْوَكِيلُ فَمَنَعَهَا مِنْهُ ظُلْمًا يَضْمَنُ قَالَ فِي النُّقَايَةِ وَشَرْحِهَا لِلْعَلَّامَةِ الْقُهُسْتَانِيِّ فَإِنْ حَبَسَهَا أَيْ أَمْسَكَهَا الْمُودَعُ بَعْدَ طَلَبِ رَبِّهَا وَلَوْ حُكْمًا كَالْوَكِيلِ عَلَى مَا فِي الْمُضْمَرَاتِ إلَخْ. اهـ. وَلَوْ كَانَ الَّذِي طَلَبَ وَكِيلَ الْمَالِكِ يَضْمَنُ أَنْقِرْوِيٌّ عَنْ الْقَاعِدِيَّةِ وَكَذَا فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ لَكِنْ فِي الْمِنَحِ وَقَيَّدْنَا بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَوْضِعِ ثِقَةٍ عَنْ التَّجْنِيسِ أَنَّهُ لَوْ طَلَبَهَا بِوَكِيلِهِ أَوْ رَسُولِهِ فَحَبَسَهَا لَا يَضْمَنُ وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ أَوْدَعَ عِنْدَ إنْسَانٍ وَدِيعَةً وَقَالَ فِي السِّرِّ مَنْ أَخْبَرَك بِعَلَامَةِ كَذَا وَكَذَا فَادْفَعْ إلَيْهِ الْوَدِيعَةَ فَجَاءَ رَجُلٌ وَبَيَّنَ تِلْكَ الْعَلَامَةَ فَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُودِعُ حَتَّى هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودَعِ. اهـ. لَكِنْ فِي الْخُلَاصَةِ الْمَالِكُ إذَا طَلَبَ الْوَدِيعَةَ فَقَالَ الْمُودَعُ لَا يُمْكِنُنِي أَنْ أُحْضِرَهَا السَّاعَةَ فَتَرَكَهَا وَذَهَبَ إنْ تَرَكَهَا عَنْ رِضًا فَهَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ذَهَبَ فَقَدْ أَنْشَأَ الْوَدِيعَةَ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ رِضًا يَضْمَنُ وَلَوْ كَانَ الَّذِي طَلَبَ الْوَدِيعَةَ وَكِيلَ الْمَالِكِ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إنْشَاءُ الْوَدِيعَةِ بِخِلَافِ الْمَالِكِ. اهـ.

وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يَضْمَنُ بِعَدَمِ الدَّفْعِ إلَى وَكِيلِ الْمَالِكِ كَمَا لَا يَخْفَى وَفِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَرَسُولُ الْمُودَعِ إذَا طَلَبَ الْوَدِيعَةَ فَقَالَ لَا أَدْفَعُ إلَّا لِلَّذِي جَاءَ بِهَا وَلَمْ يَدْفَعْ إلَى الرَّسُولِ حَتَّى هَلَكَتْ ضَمِنَ وَذَكَرَ فِي فَتَاوَى الْقَاضِي ظَهِيرِ الدِّينِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَأَجَابَ نَجْمُ الدِّينِ أَنَّهُ يَضْمَنُ وَفِيهِ نَظَرٌ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُودَعَ إذَا صَدَّقَ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلٌ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْوَكَالَةِ لَا يُؤْمَرُ بِدَفْعِ الْوَدِيعَةِ إلَيْهِ وَلَكِنْ لِقَائِلٍ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالرَّسُولِ؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ يَنْطِقُ عَلَى لِسَانِ الْمُرْسِلِ وَلَا كَذَلِكَ الْوَكِيلُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>