للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدُّرَرِ لِقَوْلِ الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ تَصِحُّ فِي مَحُوزٍ مَقْسُومٍ وَمُشَاعٍ لَا يُقْسَمُ قَالَ فِي الْبَحْرِ قَيَّدَ بِالْمَحُوزِ؛ لِأَنَّ الْمُتَّصِلَ كَالثَّمَرَةِ عَلَى الشَّجَرِ لَا تَجُوزُ هِبَتُهُ. اهـ. وَمِثْلُهُ مَا مَرَّ عَنْ الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ وَيَظْهَرُ لِي التَّوْفِيقُ بَيْنَ كَلَامِهِمْ بِأَنَّ مَنْ قَالَ كَالدُّرَرِ لَا تَصِحُّ إلَّا إذَا سَلَّطَهُ الْوَاهِبُ عَلَى نَقْضِهِ مَعْنَاهُ لَا يَتِمُّ وَلَا تُمْلَكُ إلَّا إذَا أَذِنَ لَهُ الْوَاهِبُ بِالنَّقْضِ وَنَقَضَهُ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ النَّقْضِ صَارَ مَحُوزًا مُسَلَّمًا وَمَنْ قَالَ تَصِحُّ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِذَلِكَ أَرَادَ أَنَّهُ يَصِحُّ الْعَقْدُ وَإِنْ لَمْ يُفِدْ الْمِلْكَ وَيَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا مَا فِي الْبَحْرِ حَيْثُ قَالَ وَبِمَا ذُكِرَ هُنَا عُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ تَصِحُّ فِي مَحُوزٍ مَقْسُومٍ مَعْنَاهُ أَنَّهَا تُمْلَكُ بِهَذِهِ الشُّرُوطِ لَا أَنَّ الصِّحَّةَ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَهَبَ شَائِعًا يُقْسَمُ تَصِحُّ الْهِبَةُ مِنْ غَيْرِ مِلْكٍ وَلِهَذَا لَوْ قَبَضَهُ مَقْسُومًا مَلَكَهُ وَلَوْ كَانَ شَرْطًا لِلصِّحَّةِ لَاحْتِيجَ إلَى تَجْدِيدِ الْعَقْدِ كَمَا لَا يَخْفَى. اهـ. كَلَامُ الْبَحْرِ وَيُشِيرُ إلَى ذَلِكَ مَا قَدَّمْنَا آنِفًا عَنْ التَّتَارْخَانِيَّةِ حَيْثُ قَالَ فِي هِبَةِ الْبِنَاءِ: إنَّهَا جَائِزَةٌ ثُمَّ قَالَ فِي هِبَةِ النَّخْلَةِ الْقَائِمَةِ لَا يَكُونُ قَابِضًا حَتَّى يَقْطَعَهَا وَيُسَلِّمَهَا فَإِنَّ قَوْلَهُ جَائِزَةٌ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْمِلْكُ.

وَقَوْلَهُ لَا يَكُونُ قَابِضًا إلَخْ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ الْجَوَازِ فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْقِيقَ فَإِنَّهُ بِالْقَبُولِ حَقِيقٌ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ هَذَا وَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ جَوَابَ جَدِّ جَدِّهِ السَّابِقِ وَأَيَّدَهُ بِمَا قَدَّمَهُ عَنْ الدُّرَرِ وَجَامِعِ الْفَتَاوَى ثُمَّ قَالَ لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا قَوْلُ الدُّرَرِ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ لِلْجَوَازِ الِاشْتِغَالُ بِمِلْكِ الْمَوْلَى وَلَمْ يَكُنْ الْبِنَاءُ مَشْغُولًا بِمِلْكِ الْمَوْلَى بَلْ بِمِلْكِ غَيْرِهِ يَعْنِي فِي صُورَةِ مَسْأَلَةِ جَدِّ جَدِّهِ عِمَادِ الدِّينِ فَلَمْ يَكُنْ مَانِعًا مِنْ الْجَوَازِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ اشْتِغَالِ الْمَوْهُوبِ بِمِلْكِ غَيْرِ الْوَاهِبِ قَالَ فِي الْمِنَحِ وَاشْتِغَالُ الْمَوْهُوبِ بِمِلْكِ غَيْرِ الْوَاهِبِ هَلْ يَمْنَعُ تَمَامَ الْهِبَةِ ذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ عَنْ هِبَةِ الزِّيَادَاتِ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ فِيهَا نَقْلًا عَنْ الْعِمَادِيَّةِ فَتَأَمَّلْ وَلَا تَعْجَلْ فِي الْفَتْوَى. اهـ. مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ

(وَأَقُولُ) هَذَا اعْتِرَاضٌ مِنْهُ عَلَى مَا أَجَابَ بِهِ جَدُّ جَدِّهِ؛ لِأَنَّ الْعِمَارَةَ قَائِمَةٌ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ لَا فِي أَرْضِ الْوَاهِبِ وَقَدْ قَالَ فِي الدُّرَرِ إنَّ الْمَانِعَ لِلْجَوَازِ الِاشْتِغَالُ بِمِلْكِ الْمَوْلَى يَعْنِي الْوَاهِبَ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ جَوَازُ هِبَةِ الْعِمَارَةِ الْمَذْكُورَةِ لِعَدَمِ الْمَانِعِ الْمَذْكُورِ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي زِيَادَاتِ قَاضِي خَانْ أَنَّ الِاشْتِغَالَ بِمِلْكِ غَيْرِ الْمَوْهُوبِ لَهُ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْهِبَةِ سَوَاءٌ كَانَ مِلْكَ الْوَاهِبِ أَوْ غَيْرَهُ لَكِنَّ الْهِبَةَ إنَّمَا تَمْتَنِعُ إذَا كَانَ الِاشْتِغَالُ بِمَتَاعٍ فِي يَدِ الْوَاهِبِ أَوْ فِي يَدِ غَيْرِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَمَّا إذَا كَانَ الْمَتَاعُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِغَصْبٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا تَمْتَنِعُ فَظَهَرَ أَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الْهِبَةَ إذَا كَانَتْ مَشْغُولَةً بِمِلْكِ الْوَاهِبِ أَوْ بِمِلْكِ غَيْرِ الْمَوْهُوبِ لَهُ يَمْنَعُ الْهِبَةَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ. اهـ.

مَا فِي الْفُصُولَيْنِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ مَا فِي الدُّرَرِ وَمَا فِي الْمِنَحِ وَهُوَ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الْفُصُولَيْنِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْهِبَةُ مَشْغُولَةً كَهِبَةِ دَارٍ فِيهَا مَتَاعٌ لِلْوَاهِبِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ وَمَسْأَلَةُ هِبَةِ الْعِمَارَةِ دُونَ الْأَرْضِ لَيْسَتْ مِنْ قَبِيلِ هِبَةِ الْمَشْغُولِ؛ لِأَنَّ الْعِمَارَةَ غَيْرُ مَشْغُولَةٍ بِالْأَرْضِ بَلْ هِيَ قَائِمَةٌ عَلَيْهَا مُتَّصِلَةٌ بِهَا لَا يُقَالُ إذَا كَانَتْ كَذَلِكَ فَهِيَ مِنْ قَبِيلِ هِبَةِ الشَّاغِلِ وَقَدْ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ تَجُوزُ هِبَةُ الشَّاغِلِ لَا الْمَشْغُولِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمُرَادُ بِالشَّاغِلِ الَّذِي تَجُوزُ هِبَتُهُ غَيْرُ الْمُتَّصِلِ كَمَا إذَا وَهَبَ مَتَاعًا فِي دَارِهِ أَوْ جُوَالِقِهِ بِدَلِيلِ تَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّهُ لَا تَجُوزُ هِبَةُ الشَّجَرِ بِدُونِ الْأَرْضِ حَتَّى يُقْطَعَ وَيُسَلَّمَ كَمَا قَدَّمْنَا عَنْ تَتَارْخَانِيَّةٍ وَالْعِمَارَةُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ وَيَدُلُّ لَهُ مَا مَرَّ فِي عِبَارَةِ الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ عَنْ النِّهَايَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَكُونُ مُتَّصِلًا وَلَا مَشْغُولًا بِغَيْرِ الْمَوْهُوبِ فَعُلِمَ أَنَّ الْمَانِعَ كَوْنُهُ مُتَّصِلًا أَوْ مَشْغُولًا بِغَيْرِهِ لَا شَاغِلًا وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّاغِلِ غَيْرُ الْمُتَّصِلِ وَإِلَّا لَزِمَ كَوْنُ الْمُتَّصِلِ مَانِعًا وَغَيْرَ مَانِعٍ وَهُوَ كَلَامٌ مُتَدَافِعٌ وَرَأَيْت فِي حَاشِيَةِ الْفُصُولَيْنِ لِلْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ تَجُوزُ هِبَةُ الشَّاغِلِ أَقُولُ لَيْسَ هَذَا عَلَى إطْلَاقِهِ فَإِنَّ الزَّرْعَ وَالشَّجَرَ فِي الْأَرْضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>