شَاغِلٌ لَهَا لَا مَشْغُولٌ وَمَعَ ذَلِكَ لَا تَجُوزُ هِبَتُهُ لِاتِّصَالِهِ بِهَا. اهـ.
فَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْمَانِعَ هُوَ الِاتِّصَالُ وَإِنْ كَانَ شَاغِلًا ثُمَّ كَتَبَ الرَّمْلِيُّ عَلَى قَوْلِ الْفُصُولَيْنِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي زِيَادَاتِ قَاضِي خَانْ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ أَنَّ مِمَّا يَكْثُرُ السُّؤَالُ عَنْهُ فِي رَجُلٍ لَهُ شَجَرٌ أَوْ زَرْعٌ أَوْ بِنَاءٌ فِي أَرْضٍ مِلْكٍ أَوْ مُعَارَةٍ أَوْ مُحْتَكَرَةٍ لِآخَرَ أَوْ مَغْصُوبَةٍ وَهَبَهُ لِمَنْ الْأَرْضُ بِيَدِهِ لَا تَجُوزُ الْهِبَةُ وَإِنْ كَانَ شَاغِلًا لِلْأَرْضِ لَا مَشْغُولًا وَلَا يَدُلُّ مَا فِي الزِّيَادَاتِ عَلَى جَوَازِهَا؛ لِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا أَنَّ الْمَانِعَ فِي مِثْلِهِ الِاتِّصَالُ وَجَعَلُوهُ كَالشَّائِعِ. اهـ. مُلَخَّصًا وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا مَرَّ عَنْ الزِّيَادَاتِ مِنْ أَنَّ هِبَةَ الْمَشْغُولِ لَا تَصِحُّ إلَّا إذَا كَانَ الشَّاغِلُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ لَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ هِبَةِ الشَّاغِلِ نَحْوَ الشَّجَرِ إذَا كَانَ قَائِمًا فِي أَرْضٍ بِيَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ هُنَا لَيْسَ كَوْنُهُ شَاغِلًا؛ لِأَنَّ الشَّاغِلَ تَجُوزُ هِبَتُهُ وَإِنْ كَانَ الْمَشْغُولُ بِهِ لَيْسَ بِيَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَإِنَّمَا الْمَانِعُ اتِّصَالُهُ بِغَيْرِهِ وَكَوْنُهُ كَالْجُزْءِ مِنْهُ حَتَّى صَارَ كَالْمُشَاعِ لَا تَصِحُّ هِبَتُهُ إلَّا بَعْدَ إفْرَازِهِ وَبِهَذَا ظَهَرَ لَك أَنَّ هِبَةَ الشَّاغِلِ الْمُتَّصِلِ لَا تَصِحُّ سَوَاءٌ كَانَ الْمَشْغُولُ بِهِ بِيَدِ الْوَاهِبِ أَوْ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ غَيْرِهِمَا وَظَهَرَ أَيْضًا صِحَّةُ مَا أَجَابَ بِهِ جَدُّ جَدِّ الْمُؤَلِّفِ وَأَنَّ اعْتِرَاضَهُ عَلَيْهِ غَيْرُ وَارِدٍ فَاغْتَنِمْ هَذِهِ الْفَوَائِدَ الْفَرَائِدَ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِهِنْدٍ غِرَاسٌ قَائِمٌ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فِي أَرْضِ وَقْفٍ فَوَهَبَتْهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهَا مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَلَمْ تُسَلِّمْهُ مِنْهُ حَتَّى مَاتَتْ فَهَلْ تَكُونُ الْهِبَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الْأَشْجَارِ بِدُونِ الْأَرْضِ لَا تَجُوزُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ قَاضِي خَانْ وَغَيْرُهُ حَيْثُ قَالَ هِبَةُ النَّخْلِ بِدُونِ الْأَرْضِ لَا تَجُوزُ وَفِي التَّنْوِيرِ.
وَلَا تَصِحُّ هِبَةُ لَبَنٍ فِي ضَرْعٍ وَصُوفٍ عَلَى غَنَمٍ وَنَخْلٍ فِي أَرْضٍ وَتَمْرٍ فِي نَخْلٍ وَلَوْ فَصَلَهُ وَسَلَّمَهُ جَازَ وَمِثْلُهُ فِي الْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَهَبَ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ أَوْ بَقْلٌ أَوْ نَخْلًا عَلَيْهِ تَمْرٌ أَوْ وَهَبَ الزَّرْعَ بِدُونِ الْأَرْضِ أَوْ النَّخْلَ بِلَا أَرْضٍ أَوْ نَخْلًا بِدُونِ التَّمْرِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ مُتَّصِلٌ بِغَيْرِهِ اتِّصَالَ خِلْقَةٍ مَعَ إمْكَانِ الْقَطْعِ فَقَبْضُ أَحَدِهِمَا غَيْرُ مُمْكِنٍ فِي حَالَةِ الِاتِّصَالِ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْمُشَاعِ الَّذِي يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ. اهـ. وَفِي الْخَيْرِيَّةِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ هِبَةَ الشَّجَرِ بِدُونِ الْأَرْضِ كَهِبَةِ مُشَاعٍ مُحْتَمِلِ الْقِسْمَةِ وَهِيَ لَا تَصِحُّ. اهـ. وَلَا سِيَّمَا مَعَ عَدَمِ تَسَلُّمِهِ ذَلِكَ فَلَوْ كَانَتْ هِبَةً صَحِيحَةً وَلَمْ تُسَلَّمْ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ بَطَلَتْ بِمَوْتِهِ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ وَلَا تَجُوزُ هِبَةُ الْمَرِيضِ إلَّا مَقْبُوضَةً فَإِذَا قُبِضَتْ جَازَتْ وَتُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ. اهـ. وَفِي الْعِمَادِيَّةِ وَهَبَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَلَمْ يُسَلِّمْ حَتَّى مَاتَ تَبْطُلُ الْهِبَةُ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَإِنْ كَانَتْ وَصِيَّةً لَكِنَّهَا هِبَةٌ حَقِيقَةً فَتَفْتَقِرُ إلَى الْقَبْضِ وَلَمْ يُوجَدْ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ ابْنَانِ كَبِيرَانِ وَأَمْلَاكٌ تَقْبَلُ الْقِسْمَةَ وَحِصَّةٌ فِي مُشَاعٍ تَقْبَلُ الْقِسْمَةَ فَمَلَّكَ جَمِيعَ ذَلِكَ مِنْ ابْنَيْهِ الْمَذْكُورَيْنِ سَوِيَّةً بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ مِنْ غَيْرِ قِسْمَةٍ وَكَتَبَ بِذَلِكَ صَكًّا وَلَمْ يَحْكُمْ بِذَلِكَ حَاكِمٌ يَرَاهُ وَيُرِيدُ زَيْدٌ الرُّجُوعَ عَنْ التَّمْلِيكِ وَاسْتِرْدَادَ ذَلِكَ مِنْ ابْنَيْهِ الْمَذْكُورَيْنِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَهَبَ اثْنَانِ دَارًا لِوَاحِدٍ صَحَّ؛ لِأَنَّهَا سَلَّمَاهَا جُمْلَةً وَقَدْ قَبَضَهَا جُمْلَةً فَلَا شُيُوعَ وَبِقَلْبِهِ لَا وَهُوَ هِبَةُ وَاحِدٍ مِنْ اثْنَيْنِ كَبِيرَيْنِ وَلَمْ يُبَيِّنْ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ أَيْ لَا يَصِحُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ هِبَةُ النِّصْفِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَبِلَ أَحَدُهُمَا فِيمَا لَا يُقْسَمُ صَحَّتْ فِي حِصَّتِهِ دُونَ الْآخَرِ فَعُلِمَ أَنَّهُمَا عَقْدَانِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ لَوْ قَبِلَ أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ وَاحِدٌ وَقَالَا يَجُوزُ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ عَقْدٌ وَاحِدٌ فَلَا شُيُوعَ قَيَّدَ بِالْهِبَةِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ مِنْ رَجُلَيْنِ وَالْإِجَارَةُ مِنْ اثْنَيْنِ جَائِزٌ اتِّفَاقًا وَقَيَّدَ الْوَاهِبَ بِكَوْنِهِ وَاحِدًا؛ لِأَنَّ الْوَاهِبَ لَوْ كَانَ اثْنَيْنِ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ كَذَلِكَ عَلَى أَنْ يَكُونَ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ وَنَصِيبُ الْآخَرِ لِلْآخَرِ لَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِ الْمَوْهُوبِ لَهُمَا كَبِيرَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَهَبَ مِنْ اثْنَيْنِ أَحَدُهُمَا صَغِيرٌ وَالْآخَرُ كَبِيرٌ وَالصَّغِيرُ فِي عِيَالِهِ لَمْ تَجُزْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute