للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْهِبَةُ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ حِينَ وَهَبَ صَارَ قَابِضًا حِصَّةَ الصَّغِيرِ فَبَقِيَ النِّصْفُ الْآخَرُ شَائِعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَقَيَّدْنَا بِعَدَمِ الْبَيَانِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَيَّنَ بِأَنْ قَالَ لِهَذَا ثُلُثُهَا وَلِهَذَا ثُلُثَاهَا لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَجُوزُ إنْ قَبَضَهُ وَمُرَادُهُ بِالدَّارِ مَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَحْتَمِلُهَا كَالْبَيْتِ يَجُوزُ اتِّفَاقًا وَقَيَّدَ بِكَوْنِ الْمَوْهُوبِ لَهُ اثْنَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ وَاحِدًا فَوَكَّلَ اثْنَيْنِ فَقَبَضَاهَا جَازَ كَذَا فِي قَاضِي خَانْ مِنَحٌ وَفِي تَصْحِيحِ الْقُدُورِيِّ لِلشَّيْخِ قَاسِمٍ وَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى تَرْجِيحِ دَلِيلِ الْإِمَامِ وَاخْتَارَ قَوْلَهُ أَبُو الْفَضْلِ الْمَوْصِلِيُّ وَبُرْهَانُ الْأَئِمَّةِ الْمَحْبُوبِيُّ وَأَبُو الْبَرَكَاتِ النَّسَفِيُّ اهـ وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ

(أَقُولُ) فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَا كَبِيرَيْنِ أَوْ صَغِيرَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا كَبِيرًا وَالْآخَرُ صَغِيرًا فِي أَنَّ الْهِبَةَ لَهُمَا لَا تَصِحُّ وَكُلُّهُ دَاخِلٌ تَحْتَ إطْلَاقِ الْمُتُونِ قَوْلُهُمْ وَبِعَكْسِهِ لَا أَيْ لَا يَصِحُّ هِبَةُ وَاحِدٍ مِنْ اثْنَيْنِ وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِلتَّقْيِيدِ بِالْكَبِيرَيْنِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ وَإِنْ تَبِعَ صَاحِبُ الْمِنَحِ فِي ذَلِكَ شَيْخَهُ صَاحِبَ الْبَحْرِ وَتَبِعَهُمَا الْعَلَائِيُّ فَالْمُنَاسِبُ الْإِطْلَاقُ كَمَا أَفَادَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ لَيْسَ بِقَيْدٍ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ نَعَمْ فَائِدَةُ التَّقْيِيدِ بَيَانُ الْخِلَافِ فَقَطْ وَقَوْلُهُ وَلَوْ وَهَبَ مِنْ اثْنَيْنِ أَحَدُهُمَا صَغِيرٌ إلَخْ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ وَالصَّغِيرُ فِي عِيَالِهِ أَيْ عِيَالِ الْوَاهِبِ كَمَا لَا يَخْفَى وَبِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ وَهَبَ لِابْنَيْنِ لَهُ أَحَدُهُمَا صَغِيرٌ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الصَّغِيرِ مُنْعَقِدَةٌ حَالَ مُبَاشَرَةِ الْهِبَةِ لِقِيَامِ قَبْضِ الْأَبِ مَقَامَ قَبْضِهِ وَهِبَةُ الْكَبِيرِ مُحْتَاجَةٌ إلَى قَبُولِهِ فَسَبَقَتْ هِبَةُ الصَّغِيرِ فَتَمَكَّنَ الشُّيُوعُ وَالْحِيلَةُ أَنْ يُسَلِّمَ الدَّارَ لِلْكَبِيرِ وَيَهَبَهَا مِنْهُمَا. اهـ.

أَيْ؛ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ فِي يَدِ الْكَبِيرِ ثُمَّ وَهَبَهَا لَهُمَا فَقَدْ وُجِدَ الْقَبْضَانِ مَعًا وَقْتَ الْعَقْدِ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ الشُّيُوعُ وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا صَغِيرَيْنِ وَكَانَا فِي عِيَالِ الْوَاهِبِ أَوْ كَانَا ابْنَيْنِ لَهُ تَصِحُّ الْهِبَةُ لِتَحَقُّقِ قَبْضِهِ لَهُمَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ بِلَا سَبْقٍ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَتَمَامُ ذَلِكَ فِيمَا عَلَّقْنَاهُ عَلَى الْبَحْرِ وَقَدْ ظَهَرَ لَك أَنَّ مَا فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ مِنْ قَوْلِهِ وَصَغِيرٌ فِي عِيَالِ الْكَبِيرِ سَبْقُ قَلَمٍ وَصَوَابُهُ فِي عِيَالِ الْوَاهِبِ كَمَا ذَكَرْنَا إذْ لَوْ كَانَ فِي عِيَالِ الْكَبِيرِ لَمْ يَصِحَّ التَّعْلِيلُ وَتَكُونُ الْمَسْأَلَةُ خِلَافِيَّةً كَمَسْأَلَةِ الْكَبِيرَيْنِ ثُمَّ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَوْهُوبُ لَهُمَا فَقِيرَيْنِ فَلَوْ كَانَا فَقِيرَيْنِ صَحَّتْ عَلَى مَا سَيَأْتِي عَقِبَ هَذَا فَكَانَ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ الِابْنَيْنِ فِي السُّؤَالِ بِالْغَنِيَّيْنِ حَتَّى تَكُونَ الْهِبَةُ فَاسِدَةً وَإِنَّمَا حَقَّقْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى فِي زَمَانِنَا وَتَكَرَّرَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَوَقَعَ فِيهَا اشْتِبَاهٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ وَهَبَتْ فِي صِحَّتِهَا مِنْ شَقِيقِهَا وَجَدِّهَا الْفَقِيرَيْنِ أَمْتِعَةً مُخْتَلِفَةَ الْأَجْنَاسِ هِبَةً شَرْعِيَّةً مُسَلَّمَةً لَهُمَا فَهَلْ صَحَّتْ الْهِبَةُ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْأَثْوَابَ الْمُخْتَلِفَةَ مِنْ أَجْنَاسٍ مُخْتَلِفَةٍ مِمَّا لَا يُقْسَمُ وَهِبَتُهَا صَحِيحَةٌ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْخَانِيَّةِ وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ الرَّمْلِيُّ وَإِنْ وَهَبَ مِنْ اثْنَيْنِ وَاحِدٌ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يَصِحُّ وَإِنْ كَانَا فَقِيرَيْنِ تَكُونُ صَدَقَةً وَالتَّصَدُّقُ عَلَى الْفَقِيرَيْنِ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ وَهَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُفَصَّلَ فِي الْجَوَابِ فِي كُلِّ هِبَةٍ قَاعِدِيَّةٍ مِنْ أَوَاخِرِ كِتَابِ الدَّعْوَى مُلَخَّصًا التَّصَدُّقُ عَلَى الْغَنِيِّ هِبَةٌ وَإِنْ ذَكَرَ لَفْظَ الصَّدَقَةِ وَعَلَى الْفَقِيرِ صَدَقَةٌ وَإِنْ ذَكَرَ لَفْظَ الْهِبَةِ تَتَارْخَانِيَّةٌ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ الثَّانِي عَشَرَ مِنْ الْهِبَةِ أَنْقِرْوِيٌّ وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ

(أَقُولُ) وَهَذَا فِيمَا يُقْسَمُ وَغَيْرِهِ فَتَصِحُّ الصَّدَقَةُ مُطْلَقًا عَلَى فَقِيرَيْنِ وَلَوْ بِلَفْظِ الْهِبَةِ قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ عَنْ الْمُضْمَرَاتِ وَلَوْ قَالَ وَهَبْت مِنْكُمَا هَذِهِ الدَّارَ وَالْمَوْهُوبُ لَهُمَا فَقِيرَانِ صَحَّتْ الْهِبَةُ بِالْإِجْمَاعِ اهـ. لَكِنَّ هَذَا عَلَى رِوَايَةِ الْجَامِعِ وَإِلَّا فَقَدْ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ رِوَايَتَيْنِ فِي الصَّدَقَةِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ وَالصَّحِيحُ رِوَايَةُ الْجَامِعِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَصَحَّحَهَا فِي الْهِدَايَةِ أَيْضًا وَعَلَيْهَا مَشَى أَصْحَابُ الْمُتُونِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ صِحَّةَ الْهِبَةِ فِي صُورَةِ السُّؤَالِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدِهِمَا كَوْنُ الْأَثْوَابِ الْمُخْتَلِفَةِ مِمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>