للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَا يُقْسَمُ وَهِبَةُ مَا لَا يُقْسَمُ تَصِحُّ وَلَوْ مِنْ غَنِيَّيْنِ ثَانِيهمَا كَوْنُ الْمَوْهُوبِ لَهُمَا فَقِيرَيْنِ وَهِبَةُ وَاحِدٍ مِنْ فَقِيرَيْنِ تَصِحُّ وَلَوْ كَانَتْ مِمَّا يُقْسَمُ؛ لِأَنَّهَا صَدَقَةٌ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّ الْهِبَةَ لِلْفَقِيرِ صَدَقَةٌ وَالصَّدَقَةُ عَلَى الْغَنِيِّ هِبَةٌ وَوَجْهُ صِحَّتِهَا إذَا كَانَتْ لِفَقِيرَيْنِ مَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّ الصَّدَقَةَ يُرَادُ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ وَاحِدٌ فَلَا شُيُوعَ وَإِلَّا فَقَدْ صَرَّحُوا فِي الْمُتُونِ أَيْضًا بِأَنَّ الصَّدَقَةَ كَالْهِبَةِ لَا تَصِحُّ فِي مُشَاعٍ يُقْسَمُ أَيْ بِأَنْ يَتَصَدَّقَ بِبَعْضِهِ عَلَى وَاحِدٍ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَوْ وَهَبَ دَارِهِ مَثَلًا الَّتِي تَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ مِنْ غَنِيَّيْنِ لَا يَصِحُّ لِلشُّيُوعِ خِلَافًا لَهُمَا وَلَوْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى فَقِيرَيْنِ يَصِحُّ اتِّفَاقًا لِمَا مَرَّ وَلَوْ وَهَبَ نِصْفَهَا لِوَاحِدٍ وَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى فَقِيرٍ وَاحِدٍ لَمْ يَصِحَّ لِتَحَقُّقِ الشُّيُوعِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ ابْنٌ وَبِنْتٌ وَلِابْنِهِ ابْنٌ صَغِيرٌ عَاقِلٌ مُمَيِّزٌ عُمُرُهُ عَشْرُ سَنَوَاتٍ فَوَهَبَهُ جَدُّهُ دَارًا لَهُ وَأَمْتِعَةً مَعْلُومَةً فِي مَرَضِ مَوْتِهِ هِبَةً شَرْعِيَّةً مُشْتَمِلَةً عَلَى الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَالتَّسَلُّمِ وَالتَّسْلِيمِ وَأَقَرَّ أَنَّ بِذِمَّتِهِ لِلصَّغِيرِ دَيْنًا قَدْرُهُ كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَمَاتَ مِنْ مَرَضِهِ الْمَذْكُورِ عَمَّنْ ذُكِرَ وَخَلَّفَ تَرِكَةً تَخْرُجُ الْهِبَةُ وَالْمَبْلَغُ الْمُقَرُّ بِهِ مِنْ ثُلُثِهَا وَلَيْسَ عَلَيْهَا دَيْنٌ أَصْلًا فَهَلْ تَكُونُ الْهِبَةُ وَالْإِقْرَارُ صَحِيحَيْنِ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ أَمَّا الْهِبَةُ لِابْنِ الِابْنِ الصَّغِيرِ الْعَاقِلِ فَلِمَا فِي التَّنْوِيرِ مِنْ الْهِبَةِ وَتَتِمُّ بِقَبْضِهِ لَوْ مُمَيِّزًا يَعْقِلُ التَّحْصِيلَ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ أَبِيهِ؛ لِأَنَّهُ فِي النَّافِعِ الْمَحْضِ كَالْبَالِغِ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الدُّرَرِ وَأَمَّا الْإِقْرَارُ لِلصَّغِيرِ الْمَزْبُورِ فَلِمَا فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ لِلْعَلَائِيِّ مِنْ الْإِقْرَارِ وَأَمَّا الْإِقْرَارُ لِلرَّضِيعِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ وَإِنْ بَيَّنَ الْمُقِرُّ سَبَبًا غَيْرَ صَالِحٍ مِنْهُ حَقِيقَةً كَالْإِقْرَاضِ أَوْ ثَمَنِ مَبِيعٍ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمُقِرَّ مَحَلٌّ لِثُبُوتِ الدَّيْنِ لِلصَّغِيرِ فِي الْجُمْلَةِ أَشْبَاهٌ. اهـ.

(أَقُولُ) تَقْيِيدُهُ فِي السُّؤَالِ خُرُوجَ الْمُقَرِّ بِهِ مِنْ الثُّلُثِ غَيْرُ لَازِمٍ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لِغَيْرِ الْوَارِثِ نَافِذٌ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْمَبَاحِثِ.

(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ وَهَبَتْ فِي صِحَّتِهَا أَمْتِعَةً مَعْلُومَةً مِنْ بِنْتِ ابْنِهَا الصَّغِيرَةِ وَسَلَّمَتْ الْأَمْتِعَةَ لِأَبِي الصَّغِيرَةِ وَقَبِلَ الْهِبَةَ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ شَرْعِيَّيْنِ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ ثُمَّ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ عَنْ ابْنِهَا الْمَذْكُورِ وَعَنْ زَوْجٍ يَزْعُمُ أَنَّ الْهِبَةَ غَيْرُ صَحِيحَةٍ فَهَلْ صَحَّتْ الْهِبَةُ الْمَذْكُورَةُ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَقَدْ نَقَلَ الْمُؤَلِّفُ عِبَارَاتٍ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِطْرَادِ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا قَبَضَ هِبَةَ الصَّغِيرِ غَيْرُ أَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ فَلْنَذْكُرْ حَاصِلَهَا عَلَى وَجْهِ التَّحْرِيرِ لِكَوْنِهَا تَقَعُ كَثِيرًا وَقَدْ صَارَتْ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى فِي زَمَانِنَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَفِيمَا وُهِبَ لِلصَّغِيرَةِ يَجُوزُ قَبْضُ زَوْجِهَا لَهَا بَعْدَ الزِّفَافِ لِتَفْوِيضِ الْأَبِ أُمُورَهَا إلَيْهِ دَلَالَةً بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الزِّفَافِ وَيَمْلِكُهُ مَعَ حَضْرَةِ الْأَبِ بِخِلَافِ الْأُمِّ وَكُلُّ مَنْ يَعُولُهَا غَيْرُهَا حَيْثُ لَا يَمْلِكُونَ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ أَوْ غَيْبَةٍ مُنْقَطِعَةٍ فِي الصَّحِيحِ. اهـ.

وَمِثْلُهُ فِي الْجَوْهَرَةِ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْبَدَائِعِ وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا يَجُوزُ لَهُمْ أَيْضًا أَنْ يَقْبِضُوا لِلصَّغِيرِ إذَا كَانَ فِي عِيَالِهِمْ كَالزَّوْجِ وَعَنْهُ احْتَرَزَ أَيْ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ بِقَوْلِهِ فِي الصَّحِيحِ غَايَةُ الْبَيَانِ وَلَوْ كَانَ الصَّبِيُّ فِي عِيَالِ الْجَدِّ أَوْ الْأَخِ أَوْ الْعَمِّ أَوْ الْأُمِّ فَوَهَبَ لَهُ هِبَةً فَقَبَضَ الْهِبَةَ مَنْ كَانَ الصَّغِيرُ فِي عِيَالِهِ وَالْأَبُ حَاضِرٌ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجُوزُ وَالصَّحِيحُ هُوَ الْجَوَازُ كَمَا لَوْ قَبَضَ الزَّوْجُ وَأَبُو الصَّغِيرَةِ حَاضِرٌ وَكَذَا لَوْ كَانَ الصَّغِيرُ فِي عِيَالِ أَجْنَبِيٍّ كَانَ لِلْأَجْنَبِيِّ حَقُّ الْقَبْضِ خَانِيَّةٌ وَإِذَا كَانَ الصَّغِيرُ فِي عِيَالِ الْجَدِّ أَوْ الْأَخِ أَوْ الْأُمِّ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ وَالْأَبُ حَاضِرٌ فَقَبَضَ مَنْ فِي عِيَالِهِ هَلْ يَجُوزُ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ فَتَاوَى الصُّغْرَى كَذَا فِي أَحْكَامِ الصِّغَارِ لِلْأُسْرُوشَنِيِّ وَلَوْ قَبَضَ مَنْ فِي عِيَالِهِ مَعَ حُضُورِ الْأَبِ قِيلَ لَا يَجُوزُ وَقِيلَ يَجُوزُ وَبِهِ يُفْتَى مُشْتَمَلُ الْأَحْكَامِ

(أَقُولُ) فَقَدْ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ كَمَا تَرَى وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ مِمَّا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ مِنْ أَنَّ قَاضِي خَانْ مِنْ أَجَلِّ مَنْ يُعْتَمَدُ عَلَى تَصْحِيحِهِ؛ لِأَنَّهُ فَقِيهُ النَّفْسِ وَقَدْ صَحَّحَ جَوَازَ قَبْضِ مَنْ يَعُولُ الصَّغِيرَ وَلَوْ مَعَ حَضْرَةِ الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ نَفْعٌ مَحْضٌ لِلصَّغِيرِ وَيَشْهَدُ لَهُ صِحَّةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>