قَبُولِ الصَّغِيرِ بِنَفْسِهِ إذَا كَانَ مُمَيِّزًا وَلَوْ كَانَ الْأَبُ حَاضِرًا وَأَيْضًا قَدْ وُجِدَتْ دَلَالَةُ تَفْوِيضِ الْأَبِ أُمُورَ الصَّبِيِّ إلَى مَنْ يَعُولُهُ كَمَا مَرَّ فِي الزَّوْجَةِ الصَّغِيرَةِ بَعْدَ الزِّفَافِ فَلْيَكُنْ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ صَحَّحَ بِلَفْظِ الْفَتْوَى وَهِيَ آكَدُ أَلْفَاظِ التَّصْحِيحِ وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْمُضْمَرَاتِ أَنَّهُ الْمُخْتَارُ وَالْمُضْمَرَاتُ مِنْ الشُّرُوحِ فَإِنَّهُ شَرْحُ الْقُدُورِيِّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ عَلَاءِ الدِّينِ اخْتِيَارُهُ حَيْثُ نَقَلَ تَصْحِيحَهُ عَنْ الْبُرْجَنْدِيِّ مُسْتَدْرِكًا عَلَى ظَاهِرِ عِبَارَةِ مَتْنِ التَّنْوِيرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِي مَرِيضٍ مَرَضَ الْمَوْتِ لَهُ دُيُونٌ بِذِمَمِ جَمَاعَةٍ مَعْلُومِينَ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ لِأَرْبَابِهَا فَوَهَبَ الْبَاقِيَ مِنْ دُيُونِهِ بَعْدَ أَدَاءِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدُّيُونِ لِبِنْتَيْهِ وَعَوَّضَتَاهُ عَنْ ذَلِكَ طَاقِيَّةً سَلَّمَتَاهَا لَهُ ضِمْنَ الْهِبَةِ وَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ عَنْهُمَا وَعَنْ زَوْجَةٍ وَعَمٍّ شَقِيقٍ لَمْ يُجِيزَا الْوَصِيَّةَ وَتَزْعُمُ الْبِنْتَانِ جَوَازَهَا بِسَبَبِ التَّعْوِيضِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ تَكُونُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِمَا؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأُمُورٍ مِنْهَا تَمْلِيكُ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَسْلِيطٍ وَمِنْهَا الْهِبَةُ مِنْ الْمَرِيضِ فَإِنَّ هِبَتَهُ وَكَذَا إعْتَاقُهُ وَمُحَابَاتُهُ وَوَقْفُهُ وَضَمَانُهُ لَهَا حُكْمُ الْوَصِيَّةِ فَتُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ مِنْ الْوَصِيَّةِ وَالْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ لَا تَصِحُّ إلَّا بِإِجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ وَمِنْهَا أَنَّ الشَّيْءَ إذَا بَطَلَ بَطَلَ مَا فِي ضِمْنِهِ وَالْهِبَةُ بَاطِلَةٌ فَكَذَا مَا فِي ضِمْنِهَا مِنْ التَّعْوِيضِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّ التَّعْوِيضَ بَيْعُ انْتِهَاءٍ فَبَيْعُ الْمَرِيضِ لِلْوَارِثِ لَا يَصِحُّ أَيْضًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَجَابَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ سُؤَالٍ آخَرَ بِأَنَّ هِبَةَ الْمُرْصَدِ لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّ تَمْلِيكَ الدَّيْنِ مِمَّنْ لَيْسَ عَلَيْهِ الدَّيْنُ لَا يَصِحُّ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الدُّرَرِ وَالتَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِمَا.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِامْرَأَةٍ مَبْلَغُ دَيْنٍ مَعْلُومٍ بِذِمَّةِ زَوْجِهَا زَيْدٍ ثُمَّ إنَّ الْمَرْأَةَ وَهَبَتْ دَيْنَهَا الْمَزْبُورَ لِعَمِّ زَيْدٍ وَلَمْ تُسَلِّطْهُ عَلَى قَبْضِهِ فَهَلْ تَكُونُ الْهِبَةُ الْمَذْكُورَةُ بَاطِلَةً؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ ذَكَرَ فِي الصُّغْرَى هِبَةُ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ لَا تَصِحُّ إلَّا إذَا وَهَبَهُ وَأَذِنَ لَهُ بِالْقَبْضِ فَقَبَضَهُ جَازَ وَذَكَرَ فِي الْعُدَّةِ وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْقَبْضِ لَمْ يَجُزْ وَفِي بَعْضِ كُتُبِ الْفِقْهِ الْمَوْثُوقِ عَلَيْهِ هِبَةُ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ لَا تَجُوزُ إلَّا إذَا سَلَّطَهُ عَلَى قَبْضِهِ وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ وَهَبَهُ حِينَ قَبَضَهُ وَلَا يَسْتَحْكِمُ إلَّا بِالْقَبْضِ وَكَذَا لَوْ وَهَبَهُ صُوفًا عَلَى غَنَمٍ وَسَلَّطَهُ عَلَى جِزَازِهِ أَوْ زَرْعًا غَيْرَ مَحْصُودٍ وَسَلَّطَهُ عَلَى حَصَادِهِ وَكَذَا الثَّمَرُ عَلَى الشَّجَرِ وَسَلَّطَهُ عَلَى جُذَاذِهِ عِمَادِيَّةٌ مِنْ الْإِحْكَامَاتِ وَفِي الذَّخِيرَةِ مِنْ الْفَصْلِ الثَّالِثِ فِي هِبَةِ الْمَشْغُولِ فِي أَوَاخِرِهَا وَلَوْ وَهَبَ دَيْنًا لَهُ عَلَى رَجُلٍ مِنْ غَيْرِهِ وَأَمَرَ الْمَوْهُوبَ لَهُ بِقَبْضِهِ فَقَبَضَهُ جَازَتْ الْهِبَةُ لِمَا أَنَّ تَمَامَ الْهِبَةِ بِالْقَبْضِ فَصَارَ كَأَنَّ خِطَابَ الْهِبَةِ وُجِدَ بَعْدَ الْقَبْضِ.
(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ لَهَا فِي ذِمَّةِ وَالِدِهَا مِائَةُ قِرْشٍ فَأَشْهَدَتْ عَلَى نَفْسِهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهَا أَنَّهَا وَهَبَتْهَا لِزَوْجَةِ وَالِدِهَا وَالْآنَ تُرِيدُ الزَّوْجَةُ مُطَالَبَةَ الزَّوْجِ بِذَلِكَ فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ) : تَمْلِيكُ الدَّيْنِ مِمَّنْ لَيْسَ عَلَيْهِ الدَّيْنُ بَاطِلٌ إلَّا إذَا سَلَّطَهُ الْمُمَلِّكُ عَلَى قَبْضِهِ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا تَسْلِيطَ فَيَكُونُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَمْ تَقْبِضْ حَتَّى مَاتَتْ الْمُشْهِدَةُ فَقَدْ بَطَلَتْ الْهِبَةُ لِمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ هِبَةِ أَحْكَامِ الْمَرْضَى وَهَبَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَلَمْ يُسَلِّمْ حَتَّى مَاتَ تَبْطُلُ الْهِبَةُ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَإِنْ كَانَتْ وَصِيَّةً لَكِنَّهَا هِبَةٌ حَقِيقَةً فَتَفْتَقِرُ إلَى الْقَبْضِ وَلَمْ يُوجَدْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِامْرَأَةٍ نِصْفُ طَاحُونَةِ مَاءِ دَارِ رَحًى قَابِلَةٌ لِلْقِسْمَةِ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى حَجَرَيْنِ وَمَكَانَيْنِ لِلدَّوَابِّ وَإِذَا قُسِمَتْ لَا تَتَبَدَّلُ الْمَنْفَعَةُ وَتَصِيرُ طَاحُونَتَيْنِ مُنْتَفَعًا بِهِمَا عَلَى السَّوَاءِ فَوَهَبَتْ ذَلِكَ فِي صِحَّتِهَا لِوَلَدَيْهَا سَوِيَّةً فَهَلْ تَكُونُ الْهِبَةُ الْمَذْكُورَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ؟
(الْجَوَابُ) : هِبَةُ الْمُشَاعِ مِنْ شَرِيكِهِ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ إنْ احْتَمَلَتْ الْقِسْمَةَ لَا تَجُوزُ وَإِنْ لَمْ تَحْتَمِلْ تَجُوزُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الذَّخِيرَةِ وَفِي الْخُلَاصَةِ فِي أَوَّلِ الْقِسْمَةِ عَنْ الْأَصْلِ لَا يُقْسَمُ الْحَمَّامُ وَالْحَائِطُ وَالْبَيْتُ الصَّغِيرُ وَالدُّكَّانُ الصَّغِيرَةُ وَهَذَا إذَا كَانَ بِحَالٍ لَوْ قُسِمَ لَا يَبْقَى لِكُلِّ وَاحِدٍ بَعْدَ الْقِسْمَةِ مَوْضِعٌ يَعْمَلُ فِيهِ فَإِنْ كَانَ بِحَالٍ يَبْقَى يُقْسَمُ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَخِزَانَةِ الْفَتَاوَى