فَحَيْثُ كَانَتْ الطَّاحُونَةُ الْمَذْكُورَةُ لَا تَتَبَدَّلُ مَنْفَعَتُهَا بِالْقِسْمَةِ وَتَبْقَى مُنْتَفَعًا بِهَا بَعْدَهَا فَالْهِبَةُ الْمَذْكُورَةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ
(أَقُولُ) هَذَا إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ الْمَذْكُورَةُ وَهَبَتْ النِّصْفَ الْمَذْكُورَ مِنْ وَلَدَيْهَا مَعًا أَمَّا لَوْ وَهَبَتْ الرُّبُعَ مِنْ أَحَدِهِمَا ثُمَّ وَهَبَتْ الرُّبُعَ الثَّانِيَ مِنْ الْآخَرِ تَصِحُّ الْهِبَةُ لِأَنَّ رُبُعَ الطَّاحُونَةِ الْمَذْكُورَةِ لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ وَهَذِهِ حِيلَةُ صِحَّةِ الْهِبَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا قَالَ الْوَاهِبُ شَرَطْت لِي عِوَضَهَا وَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ لَمْ أَشْتَرِطْ فَهَلْ يَكُونُ الْقَوْلُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْقَوْلِ لِمَنْ مِنْ أَوَاخِرِ الْهِبَةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا ذَا وَهَبَ زَيْدٌ الْمَرِيضُ قِطْعَةَ أَرْضٍ وَحِمَارًا مِنْ عَمْرٍو الْأَجْنَبِيِّ وَسَلَّمَهُ ذَلِكَ عَلَى أَنْ يَهَبَ ذَلِكَ مِنْ هِنْدٍ بَعْدَ مَوْتِهِ وَذَلِكَ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ فَهَلْ تَصِحُّ الْهِبَةُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ؟
(الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَتْ الْهِبَةُ تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ فَهِيَ صَحِيحَةٌ دُونَ الشَّرْطِ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ مِنْ أَوَّلِ كِتَابِ الْهِبَةِ وَحُكْمُهَا أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فَهِبَةُ عَبْدٍ عَلَى أَنْ يُعْتِقَهُ تَصِحُّ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَهَبَ زَيْدٌ عَمْرًا فَرَسًا مَهْزُولَةً هِبَةً شَرْعِيَّةً فَعَلَفَهَا وَسَقَاهَا مُدَّةَ شَهْرٍ حَتَّى سَمِنَتْ وَيُرِيدُ زَيْدٌ الْآنَ الرُّجُوعَ بِهِبَتِهِ الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَيَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ بِحُدُوثِ زِيَادَةٍ مُتَّصِلَةٍ أَرَادَ بِهَا الزِّيَادَةَ فِي نَفْسِ الْمَوْهُوبِ بِشَيْءٍ يُوجِبُ الزِّيَادَةَ فِي الْقِيمَةِ كَالسِّمَنِ وَالْجَمَالِ وَالْإِسْلَامِ وَالْعِلْمِ وَغَيْرِهَا شَرْحُ الْمَجْمَعِ لِابْنِ مَالِكٍ وَقَالَ الْإِمَامُ الْجَلِيلُ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ مِنْ فَصْلِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ وَلَوْ وَهَبَ عَبْدًا صَغِيرًا فَشَبَّ وَصَارَ رَجُلًا طَوِيلًا لَا يَرْجِعُ الْوَاهِبُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْبَدَنِ تَمْنَعُ الرُّجُوعَ وَإِنْ كَانَتْ تُنْقِصُ الْقِيمَةَ وَكَذَا لَوْ كَانَ نَحِيفًا فَسَمِنَ أَوْ كَانَ قَبِيحًا فَحَسُنَ لَا يَرْجِعُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَهَبَ زَيْدٌ لِأُمِّ وَلَدِهِ أَمْتِعَةً مَعْلُومَةً فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا وَعَنْ وَرَثَةٍ يُطَالِبُونَهَا بِالْأَمْتِعَةِ الْمَزْبُورَةِ فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ وَالْهِبَةُ الْمَذْكُورَةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي بَابِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ لَا تَصِحُّ هِبَةُ الْمَوْلَى لِأُمِّ الْوَلَدِ وَلَوْ فِي مَرَضِهِ وَلَا تَنْقَلِبُ وَصِيَّةً إذْ لَا يَدَ لِلْمَحْجُورِ أَمَّا لَوْ أَوْصَى لَهَا بَعْدَ مَوْتِهِ تَصِحُّ لِعِتْقِهَا بِمَوْتِهِ فَيُسَلَّمُ لَهَا كَافِي. اهـ. وَفِي الْوَصَايَا الْهِبَةُ لِأُمِّ وَلَدِهِ وَالْإِقْرَارُ بِالدَّيْنِ بَاطِلٌ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا مُضَافَةٌ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّهَا حُرَّةٌ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ بَزَّازِيَّةٌ قُبَيْلَ السَّادِسِ فِي تَصَرُّفَاتِ الْوَصِيِّ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ فِي فَرَسٍ فَوَهَبَهَا فِي صِحَّتِهِ لِعَمْرٍو هِبَةً شَرْعِيَّةً مَقْبُولَةً مُسَلَّمَةً لَهُ بِإِذْنِ بَقِيَّةِ الشُّرَكَاءِ فِيهَا وَعَوَّضَ عَمْرٌو زَيْدًا نَظِيرَ ذَلِكَ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالْحِنْطَةِ قَائِلًا لَهُ خُذْ هَذَا عِوَضَ هِبَتِك وَنَتَجَتْ الْفَرَسُ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ نِتَاجًا وَيُرِيدُ زَيْدٌ الْوَاهِبُ الْآنَ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا وَفِي النِّتَاجِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ فَإِنْ قَالَ خُذْهُ عِوَضَ هِبَتِك أَوْ بَدَلَهَا فَقَبَضَهُ الْوَاهِبُ سَقَطَ الرُّجُوعُ تَنْوِيرٌ وَالْحِصَّةُ فِي الْفَرَسِ الْمَزْبُورَةِ لَيْسَتْ مُحْتَمِلَةً لِلْقِسْمَةِ وَهِبَةُ الْمُشَاعِ الَّذِي لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ صَحِيحَةٌ كَمَا فِي الْخَيْرِيَّةِ نَقْلًا عَنْ مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ضِمْنَ سُؤَالٍ وَجَوَابٍ فَرَاجِعْهُ إنْ رُمْت
(أَقُولُ) وَذَكَرَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ عِوَضٌ رَجَعَ كُلٌّ بِهِبَتِهِ اهـ وَكَتَبْت فِيمَا عَلَّقْته عَلَيْهِ عَنْ الْحَوَاشِي الْيَعْقُوبِيَّةِ فِيهِ كَلَامٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الْمَعْرُوفَ كَالْمَلْفُوظِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْكَافِي وَفِي الْعُرْفِ يُقْصَدُ التَّعْوِيضُ وَلَا يُذْكَرُ خُذْ بَدَلَ وَهَبْتُك وَنَحْوِهِ اسْتِحْيَاءً فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَرْجِعَ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْبَدَلِيَّةَ وَفِي الْخَانِيَّةِ بَعَثَ إلَى امْرَأَتِهِ هَدَايَا وَعَوَّضَتْهُ الْمَرْأَةُ وَزُفَّتْ إلَيْهِ ثُمَّ فَارَقَهَا فَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّ مَا بَعَثَهُ عَارِيَّةٌ وَأَرَادَ أَنْ يَسْتَرِدَّ وَأَرَادَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ تَسْتَرِدَّ الْعِوَضَ فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ فِي مَتَاعِهِ؛ لِأَنَّهُ أَنْكَرَ التَّمْلِيكَ وَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تَسْتَرِدَّ مَا بَعَثَتْهُ إذْ تَزْعُمُ أَنَّهُ عِوَضٌ لِلْهِبَةِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ هِبَةً لَمْ يَكُنْ هَذَا عِوَضًا فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا اسْتِرْدَادُ مَتَاعِهِ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ إنْ صَرَّحَتْ حِينَ بَعَثَتْ أَنَّهُ عِوَضٌ فَكَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تُصَرِّحْ بِهِ وَلَكِنْ نَوَتْ أَنْ يَكُونَ عِوَضًا كَانَ ذَلِكَ هِبَةً مِنْهَا