للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشَّرْطَ فِي غَيْرِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي اسْتَثْنَاهَا الْمُتَأَخِّرُونَ أَعْنِي الْوَقْفَ وَمَالَ الْيَتِيمِ وَالْمُعَدَّ لِلِاسْتِغْلَالِ؛ لِأَنَّهَا مَضْمُونَةٌ وَلَوْ بِالْغَصْبِ.

(سُئِلَ) فِي أَرَاضٍ مَعْلُومَةٍ جَارِيَةٍ فِي أَوْقَافٍ وَفِي مِشَدِّ مَسَكَةِ زَيْدٍ وَتَوَاجِرِهِ مِنْ أَرْبَابِهَا بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ غَرَسَ زَيْدٌ بِهَا غِرَاسًا فِي مُدَّةِ تَوَاجِرِهِ بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ عَلَيْهَا وَالْغَرْسُ لَا يَضُرُّ بِالْأَرْضِ وَالْآنَ انْقَضَتْ مُدَّةُ إجَارَتِهِ فَهَلْ لِزَيْدٍ ذَلِكَ وَيَبْقَى الْغِرَاسُ بِالْأَرْضِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ أَوْ لَا؟

(الْجَوَابُ) : يَجُوزُ لِزَيْدٍ الْمُسْتَأْجِرِ الْغَرْسَ بِالْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ إذَا لَمْ يَضُرَّ بِالْأَرْضِ بِدُونِ صَرِيحِ الْإِذْنِ مِنْ الْمُتَوَلِّينَ لَا سِيَّمَا وَلَهُ فِيهَا حَقُّ الْقَرَارِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِمِشَدِّ الْمَسَكَةِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ الْمَسْأَلَةُ فِي الْبَحْرِ مِنْ الْوَقْفِ وَأَفْتَى بِهَا صَاحِبُ الْبَحْرِ فِي فَتَاوَاهُ وَفِي الْخَانِيَّةِ مِنْ فَصْلِ مَا تُنْقَضُ بِهِ الْإِجَارَةُ مَا نَصُّهُ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَبْنِيَ بَيْتًا فِي الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ إذَا كَانَ لَا يَضُرُّ بِالدَّارِ. اهـ.

(سُئِلَ) فِي أَرْضٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ وَفِي تَوَاجُرِ زَيْدٍ مِنْ نَاظِرِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَلَهُ فِيهَا غِرَاسٌ قَائِمٌ فِيهَا بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَانْقَضَتْ مُدَّةُ إجَارَتِهِ وَيُرِيدُ النَّاظِرُ إيجَارَهَا مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ بِأُجْرَةٍ زَائِدَةٍ عَنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَزَيْدٌ يَأْبَى اسْتِئْجَارَهَا إلَّا بِأَجْرِ مِثْلِهَا فَهَلْ لِزَيْدٍ اسْتِئْجَارُهَا بِأَجْرِ الْمِثْلِ لَا بِالزِّيَادَةِ وَلَا تُؤَجَّرُ مِنْ غَيْرِهِ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ فِي بَابِ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ اسْتَأْجَرَ أَرْضَ وَقْفٍ وَغَرَسَ فِيهَا ثُمَّ مَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ اسْتِبْقَاؤُهَا بِأَجْرِ الْمِثْلِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ. اهـ. وَفِي فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ اسْتِئْجَارُ الْأَرْضِ الْمَشْغُولَةِ بِالْأَشْجَارِ لَا يَجُوزُ. اهـ.

(أَقُولُ) مَا أَفْتَى بِهِ الْمُؤَلِّفُ تَبَعًا لِلتَّنْوِيرِ قَدْ أَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ قَائِلًا وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ أَنَّ الشَّرْعَ يَأْبَى الضَّرَرَ خُصُوصًا وَالنَّاسُ عَلَى هَذَا وَفِي الْقَلْعِ ضَرَرٌ عَلَيْهِمْ وَفِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ عَنْ النَّبِيِّ الْمُخْتَارِ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» اهـ لَكِنَّهُ فِي الْخَيْرِيَّةِ أَفْتَى فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِخِلَافِهِ وَقَالَ يُقْلَعُ وَتُسَلَّمُ الْأَرْضُ لِنَاظِرِ الْوَقْفِ كَمَا صَرَّحَتْ بِهِ الْمُتُونُ قَاطِبَةً. اهـ.

وَلَعَلَّ مَا أَفْتَى بِهِ ثَانِيًا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ يُخْشَى مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمِنَحِ وَلَوْ حَصَلَ ضَرَرٌ مَا بِإِنْ كَانَ هُوَ أَوْ وَارِثُهُ مُفْلِسًا أَوْ سَيِّئَ الْمُعَامَلَةِ أَوْ مُتَغَلِّبًا يُخْشَى عَلَى الْوَقْفِ مِنْهُ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الضَّرَرِ لَا يُجْبَرُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ اهـ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْإِسْعَافِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يُخَافُ مِنْهُ عَلَى رَقَبَةِ الْوَقْفِ يَفْسَخُ الْقَاضِي الْإِجَارَةَ وَيُخْرِجُهُ مِنْ يَدِهِ. اهـ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّنْوِيرِ مِنْ أَنَّ لَهُ اسْتِبْقَاءَ الْغِرَاسِ جَبْرًا حَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْوَقْفِ إنَّمَا تَبِعَ فِيهِ صَاحِبُ التَّنْوِيرِ صَاحِبَ الْقُنْيَةِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي عَامَّةِ الْمُتُونِ الْمُعْتَبَرَةِ وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ وَهْبَانَ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِمَا يَقُولُهُ فِي الْقُنْيَةِ إذَا خَالَفَ غَيْرَهُ وَقَالُوا أَيْضًا إنَّ مَا فِي الْمُتُونِ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا فِي الشُّرُوحِ وَمَا فِي الشُّرُوحِ عَلَى مَا فِي الْفَتَاوَى وَقَدْ صَرَّحَ أَصْحَابُ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ وَالْفَتَاوَى بِأَنَّهُ يُؤْمَرُ الْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ بِقَلْعِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ وَتَسْلِيمِ الْأَرْضِ فَارِغَةً وَمَعَ هَذَا فَلَا يَخْفَى مَا فِي جَبْرِ الْمُؤَجِّرِ عَلَى إبْقَاءِ الْغِرَاسِ مِنْ الضَّرَرِ فِي هَذَا الزَّمَانِ فَإِنَّ النَّاسَ الْيَوْمَ قَدْ اسْتَوْلَوْا عَلَى الْأَوْقَافِ بِسَبَبِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ حَتَّى تَمَلَّكُوهَا وَبَاعُوهَا وَمَا لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى بَيْعِهِ لَا يَسْتَأْجِرُونَهُ إلَّا بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَصَارَ ذَلِكَ سَبَبًا لِخَرَابِ الْمَسَاجِدِ وَالْمَدَارِسِ وَافْتِقَارِ الْمُسْتَحِقِّينَ مِنْ ذَرَارِيِّ الْوَاقِفِينَ وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ طَمَعِ النُّظَّارِ أَعْمَى اللَّهُ تَعَالَى أَبْصَارَهُمْ بِمَا يَأْخُذُونَهُ مِنْ الرِّشْوَةِ الَّتِي يُسَمُّونَهَا بِالْخِدْمَةِ وَتَمَامُ ذَلِكَ فِي حَاشِيَتِنَا رَدِّ الْمُحْتَارِ وَلِلْعَلَامَةِ قُنْلِي زَادَهْ رِسَالَةٌ فِي الِاسْتِبْدَالِ فَرَاجِعْهَا فَقَدْ أَقَامَ فِيهَا الطَّامَّةَ الْكُبْرَى عَلَى أَهْلِ عَصْرِهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ إلَى أَنْ قَالَ فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ قَاضٍ عَادِلٍ عَالِمٍ وَعَلَى كُلِّ قَيِّمٍ أَمِينٍ غَيْرِ ظَالِمٍ أَنْ يَنْظُرَ فِي الْأَوْقَافِ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ رُفِعَ الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ تُسْتَأْجَرُ بِأَكْثَرَ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ وَيَرْفَعَ بِنَاءَهُ وَغَرْسَهُ أَوْ يَقْبَلَهَا بِهَذِهِ الْأُجْرَةِ وَقَلَّمَا يَضُرُّ الرَّفْعُ بِالْأَرْضِ فَإِنَّ الْغَالِبَ أَنَّ فِيهِ نَفْعًا وَغِبْطَةً لِلْوَقْفِ إلَى آخِرِ مَا قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

<<  <  ج: ص:  >  >>